Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
ماذا يفعل أردوغان؟ و لماذا؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
ماذا يفعل أردوغان؟ و لماذا؟ بقلم/ فؤاد زاديكى إنّ كلَّ متابِعٍ و مُتَتَبِّعٍ للشأن التّركي, و منذ أن وصل الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إلى السلطة في 2002 , يُلاحظ بوضوح مدى حبّ هذا الرجل للسلطة و رغبته القوية في الظهور بمظهر القائد الذي لا منازع له فهو مُصابٌ بغرور العظمة القاتل, إذْ و فورَ تسلّمه زمام السّلطة - و هو صاحب التوجّه الإسلامي الواضح - شرع في بسط سيطرته و نفوذه على جميع مفاصل الدولة التركية, تلاعب بالقوانين كي تخدم مصلحته, و عيّن صهره و المقرّبين منه في أعلى المناصب, كما قام بتقويض الجيش التركي, الذي كان بيده دائمًا قرار الحسم, ليجعله أداةً طيّعةً في يده, حيث سرّح الآلاف من ضباط و أفراد الجيش في القوى الجويّة و في البحرية و سلاح المشاة و غيرها, و سلّم قيادة هذه القطاعات العسكرية لأشخاص موالين له, يأتمرون بأوامره و ينفذّون ما يطلب منهم, منطلقًا من مصلحته الشخصية, التي تتعارض مع المصلحة القوميّة التركيّة العامّة. كما فعل هذا أيضًا في وزارة الداخلية بحيث سيطر سيطرةً تامّة على الشرطة و الجيش معًا. لم يكتفِ أردوغان بالسيطرة على قطاعي الجيش و الشرطة بل حاول أيضًا السيطرة على الشارع, بسبب تنامي المعارضة لسياسته, فهو قام باعتقال المعارضين و زجّهم في السجون بتهم باطلة, كما قام بحملة شعواء ضد الصحافة و وسائل الإعلام المعارضة لسياسته و الكتّاب و المثقفين, و بهذا يكون أردوغان قد وضع الشعب التركي برمّته في سجن الممارسات التعسفية ليعيش حالة الخوف, كلّ ذلك ليقضي على كلّ صوتٍ معارض, و قد أصبحت تهمة التعاون مع المعارض التركي (غولن) المقيم في أمريكا, شمّاعة لأردوغان يعلّق عليها كلّ أسباب إخفاقاته و فشله, و هي سلاحه الموجّه ضد المعارضة التركيّة. في سجون تركيا اليوم آلاف مؤلفة من معتقلي الرأي و المعارضين و الصحفيين و الإعلاميين, كما أنّه أغلق الكثير من الصحف و المجلات و محطات التلفزة التي عارضت نهجه السياسي الإسلاموي, لا شكّ في أنّ شعبية أردوغان في الوسط الإسلامي التركي تزداد, لكنّ هذا لا يعني أنْ لا خطر على بقائه في السلطة. و هنا يحقّ لنا أن نسال: ما الذي يفعله أردوغان في مصر بدعمه للإخوان المسلمين و استقباله لقياداتهم في تركيا و توفير كل ما يحتاجون إليه من وسائل الدعاية و الدعم المادي و المعنوي للعمل ضد نظام السيسي في مصر؟. ما الذي يفعله في قطر حيث أرسل قواتٍ عسكرية إلى الدوحة بهدف حماية النظام في قطر خاصّةً بعدما كانت ساءت العلاقة بين قطر و دول الخليج الأخرى؟ ماذا فعل و يفعل في ليبيا حيث دعم حكومة السراج الإخوانية و تدخّل عسكريًّا و نقل المرتزقة السوريين الذي يتعاملون معه إلى الأراضي الليبية من أجل تثبيت وجوده العسكري و محاولة التدخل في ليبيا كي يمنع أيّ اتّفاق مستقبلي يسعى على إحلال السلام في ليبيا. ما الذي دفع أردوغان لأن يدعم أذربيجان ضد أرمينيا في إقليم ناغورني كاراباخ الأرمني؟ و هو أرسل مئات من المرتزقة السوريين و كذلك أسلحة و طائرات إلى أذربيجان, و كان من جرّاء ذلك أن حصل خلل في التوازن العسكري بين أرمينيا و أذربيجان فاحتلّت أذربيجان قسمًا من إقليم كاراباخ الأرمني بمرأى من روسيا المجرمة و موافقتها الضمنية. ما الذي يفعله اردوغان في البحر المتوسط مع اليونان حيث قام و يقوم بعمليات استفزازيّة بحجة البحث و التنقيب عن النفط في المياه الإقليميّة اليونانية ممّا خلق مواقف جديدة للاتحاد الأوروبي ضدّ تصرفاته؟ ماذا يفعل أردوغان في اليمن مع الإخوان المسلمين, الذي يقف معهم و يدعمهم؟ فهو استثمر في شبكات الإرهاب اليمنية من أجل دعمها و تقويتها و الترويج لخلافته للمسلمين على أنّه المهدي المنتظر. لقد أرسل أردوغان فريقًا من قبله لمقابلة (عبد المجيد الزنداني) زعيم الإخوان المسلمين في اليمن, و المدرج على لائحة الإرهاب. ماذا فعل و يفعل في سوريا باحتلاله لمناطق واسعة على طول الحدود بين سوريا و تركيا بحجة محاربة الأكراد و لمنع قيام دولة كردية؟ إنّه قام بمجازر ضد الشعب السوري كما فعل بوتين و النظام السوري. ماذا يفعل في العراق ففي كلّ يوم يقوم بقصف جوّي و مدفعي و إنزال عسكري و اجتياز للحدود العراقية على عمق يصل إلى عدة كيلومترات؟ هل هذا هو دفاع عن النفس؟ أم أنّه حجج واهية من أجل السيطرة؟ أما بخصوص الدستور الجديد, الذي دعا على الاستفتاء عليه و اقرّه ليعطيه صلاحيات مطلقة في السيطرة على الحكم فإنّ دوافعه و أسبابه و أهدافه متعددة عدّدها (سركيس قصارجيان) في جريدة النهار العربي: "أولاً - سعى رئيس "العدالة و التنمية" في العقد الأخير إلى تدارك فشل حزبه في تثبيت المنظومة السياسية و الاجتماعية القائمة على مبادئ الإسلام السياسي، عبر سلسلة من الإجراءات المعلنة أحياناً، و المستترة في معظمها، تمهيداً لتشكيل الجمهورية التركية الموافقة لرؤيته و مصالحه، و على رأسها ديمومة حكمه إلى ما بعد عام 2023. ثانياً - أسلمة تركية دستورياً، عدا أهميته المنهجية لـ"العدالة والتنمية"، فإنّ له مكاسب ميدانية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحسابات الربح و الخسارة. فتضمين مثل هذه المادة قد يساهم في الحصول على دعم من بعض النواب القوميين أو المحافظين في صفوف الأحزاب المعارضة لاقتراح الدستور الجديد، بخاصة مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التصويت عليه في البرلمان سيكون سرياً. و إنْ بدت قواعد حزب "الشعب الجمهوري" و ممثليها الأقل تأثّراً فإن مثل هذه الطروحات قد تلقى ترحيباً في صفوف حزب "السعادة" و "الجيد" و حتى بالنسبة الى قواعد حزبي "المستقبل" برئاسة أحمد داوود أوغلو. ثالثاً - سياسة "خلق الجدل" الداخلي ليست بالجديدة بالنسبة الى الرئيس التركي، الذي عُرف عنه لجوؤه إلى رفع حدة الاستقطاب الداخلي كلما أحس بازدياد الضغوط الاقتصادية و بالتالي التململ في الشارع التركي، بالتوازي مع تصدير الأزمات إلى الخارج عبر استحداث حروب و عمليات عسكرية ضد مخاطر و تهديدات وهمية. رغبة أردوغان في خلق جدل جديد، قد يكون مردّها الى حالة الاستياء داخل المجتمع التركي بتقسيماته السياسية و الاقتصادية." أعتقد أنّ إدارة بايدن سوف لن تقف مكتوفة اليدين أمام سياسة أردوغان الرّعناء و الهوجاء و الطائشة, فهي بدأت بإظهار بعض مواقفها التي ستكون بداية جديدة مع تركيا. إنّ أردوغان يشكّل خطرًا كبيرًا على أمن و سلام العالم أجمع, فهو رجل له طموحات استعماريّة هنا و هناك, لا أظنّ بأنّ العالم المتحضّر و الفاعل سيقف متفرّجًا على ما يجري دون أن تكون هناك سياسة لجم حازمة تقيّد من حركة هذا الرجل الرّعناء, و من طموحاته الإسلاميّة, التي تدعم داعش و غيرها من المنظمات الإرهابيّة, بقصد النفوذ و السيطرة و التحكّم.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|