ربع إيمان راعي مصر بقلم سعاد البناء

[صدى السنين]

1. ربع ايمان راعي مصر

امعن في النسك والعبادة , إنخرط في سلك الرهبنة ,تنزٌه عن الدنيا,إعتكف في مغارة احٌد الأديرة روحه تناجي خالقها,عشرون عاما على ذا الحال حتى كان ذاك اليوم الذي تجلٌت فيه لعبة الشيطان القذرة بكل فنونها.مجرٌة من ابناء وبنات العالم قصدوا الدير, للتبرك , للزيارة كأني بها رحلة جماعية على غرار ما يحدث الان ,بعد ذلك خرجوا من الدير مثنى وفرقا يلعبون ,يتراقصون ,يلهون , ضحكاتهم صخبت الهدوء المعتاد بالدير وحرمته ثم ابتلعتهم التلال المحيطة بالدير لحين. ابونا في قلايته القريبة يراقب ما يجري عن كثب وهنا بدأت اللعبة .
أبليس يحاور ابونا, تساؤلات متتالية, ايها الراهب الشقي ؟ سجنك هذا حرمك متعة الحياة التي إنما الله أعدٌها لك, من جبرك على ما انت فيه ؟ جرٌب , إنك انت من تقوقع في هذا القبر الذي صنعته لنفسك ,اخرج الى الحياة ,ما نفعك إن لم يخلفك احد, يوم جئت فيه وآخر توٌدع وكأن شيئا لم يكن,و.و.و.وهكذا سمح ابونا بسماع مشورة الشيطان بعد العشرين من حياة النسك . تخلٌى ابونا عن صومعته ويا للاسف نزع ثياب الرهبنة واعطاها لرئيس الدير قائلا ليبقى ابونا في صومعتك امٌا انا فلي شأني في الحياة لقد سئمت العزلة.لم يستطع احد ان يثنيه عن عزمه . غادر الديرابونا لكن إلى أين ؟وقف على ساحل البحر ينتظر مرور باخرة تأخذه على متنها حيث يسكن ذووه في بيروت صوٌب نظره نحو الافق البعيد الملامس لمياه البحر لمح باخرة قادمة تهللت اسارير وجهه فعما قليل يكون على متنها. طرق مسمعه تمتمات هادئة استدار يستلطع الامر لفت نظره شيخ كهل جالس بقرب الساحل بيده كشتبانة(توضع في الاصبع اثناء التطريز اتقاء وخز الابرة) ينقل بها ماء البحر ليضعه في حفرة صنعها بيده على الرمل اخذه العجب متسائلا
ماذا تصنع ايها الشيخ المبارك ؟ اجابه لعلي استطيع ان انقل ماء البحر هذا لكي اضعه في هذه الحفرة الصغيرة بالرمل , استهجن ابونا عمل الشيخ وقال هذا مستحيل , هذا البحر الخضم وهذه الحفرة والكشتبانة ؟اجابه الشيخ قائلا ويستحيل عليك معرفة الله وادراكه بعقلك الصغير هذا بم سرح تفكيرك واين وجهتك؟ الله لايحده حد عد الى رشدك, عشرون عاما خدمت ولا زال ايمانك لم يصل ربع ايمان راعي مصر, وهنا اطلقت الباخرة صفيرها لقد اقتربت .لفتة واحدة من ابونا نحو الباخرة بعدها استدار كي يودع الشيخ لكنه اختفى بطرفة عين عزيزي القاريء شيخنا هذا ملاك ارسله الرب كي يعيد ابونا الى رشده فهو قادر ان يخلصنا لو كنا في فم الاسد,
ابونا في عرض البحر يفكر ما عسى ان يكون ما حدث عدُل عن رأيه وقرر ان يواصل الرحلة الى مصر عله يكون على بيٌنة من امر راعي مصر وأول شخص صادفه في ناصية الطريق بائع رز ارجأ طلبه لحين انتهائه من بيع الرز ,إذن ماعليه سوى الانتظار فبائع الرز على معرفة براعي مصر وهذا هو مأربه .في الصباح باع الرز باربعمائة جنيه .عند الظهر باع الرز بمائتي جنيه للكيلو وعند العصر باع الكيلو بخمسين جنيه مما اثار غضب ابونا وتساؤله ترى باي دين تتعامل انت ؟ولاجل قطع حبل المجادلة شرح بائع الرزالامر قائلا الذين ابتاعوا صباحا اغنياء لهم قدرة الدفع ,الذين جاؤا عند الظهر من متوسطي الدخل خفضٌت لهم السعر امٌا الذين اتواعند العصر فهم من الارامل والايتام والمعوزين لذا بعت بثمن زهيد تعجب ابونا من حكمة بائع الرز وسكت .لقد حلٌ المساء ولابد من عشاء سنمضي الى البيت انت ضيفي هذه الليلة ومن ثم ستلتقي براعي مصر قال بائع الرز, ابونا ليس له الاٌ ان يذعن طالما سيلتقي راعي مصر
دخلوا الكوخ لم يجد ابونا سوى حصيرة واحدة جلس عليها الثلاثة ابونا وبائع الرز وزوجته يتناولون العشاء بيضة واحدة ورغيف خبز واحد شبع الكل وبقي نصف بيضة ونصف رغيف الخبز. ابونا لا يجسر على سؤال فهناك امر جلل اخذت روحه تضطرب داخله لكن ما عساه ان يفعل فلينتظر .
نهضت زوجة الراعي وملأت الغربال بالماء وعلٌقته بمسمار مثبت في سقف الكوخ سينام الئلائة على الحصيرة المعلق فوقها الغربال نام الثلاثة بائع الرز في الوسط وزوجته عن يمينه وابونا عن يساره ابونا لم يستطع النوم انه يفكر ما عسى ان يكون هذا , عطش ونهض ليشرب لمح ساق المرأة عار من الغطاء تمنى لو كانت زوجته اشتهاها , وإذا بالماء ينسكب من الغربال وأيقظ الزوج . ابونا ابونا ماذا فعلت ؟
صرخ الزوج اربعين سنة انا وزوجتي على هذه الحصيرة وما اندلق ماء الغربال الذي هو عهد ابدي بيننا ان نبقى إخوة مدى الحياة . نهض الثلاثة وبدأ الزوج يحكي قصته قائلا كنت شابا قصدت عين ماء لاشرب كانت فتاة تستقي قلت لها اعطيني لاشرب يا اختاه اجابتني اخي هاك الماء وهنيئا وحصل يوم عرسي دخلت لعروسي تبين لي ان التي دعوتها اختي ودعتني اخاها هي كانت من اختارها لي والديٌ عروسة دون علم احد منا وهذا الغربال ميثاق عهد اخوتنا امام الله ولم يُكشف امرنا لهذا اليوم أنا هو راعي مصر لقد كشف الله امري إنُ لفي ذلك تدبير منه وحكمة ,بكى ابونا واستغفر ربٌه وندم عاد الى ديره متوسلا ان يقبله رئيس الدير خادما حتى الرهبنة لا يستحقها اجابه رئيس الدير سهرت ليالي غربتك اصوم واصلي للرب ان ينقذك ويخزي ابليس وكان ذاك لقد عدت الى مكانك الحقيقي فالرب غفور رحيم عزيزي القاريء
سأترك لك اختيار عبرة من هذه القصة التي حكاها لنا الاهل رحمهم الله ففي القصة اكثر من عبرة

صدى السنين
سعاد البناء

[fouadzadieke]

[center]سأترك لك اختيار عبرة من هذه القصة التي حكاها لنا الاهل رحمهم الله ففي القصة اكثر من عبرة[/center]

صدقت أختي المحبة سعاد فقد روى لي المرحوم والدي هذه القصة لأكثر من مرة و كنت في كل مرة أدرك لها معانيا جديدة لكن مضمونها الجميل بقي على ما كان عليه منذ المرة الأولى. إن صياغتك لهذه القصة يا أخت سعاد و برشاقة أسلوب ممتعة و بفكرة روحية عميقة جعلتني أحس بتلك اللحظة التي قصها والدي _رحمة الرب عليه _ فزادت محبتي لها و قويت إرادتي في أن أستمر في النهل من روحها كعظة و حكمة و فائدة. إن لديك يا أختي سعاد براعة في الأسلوب و سلاسة في الرواية و عرض الأفكار والأحداث بتناسق و تتابع يبعثان على شغف شديد لدى المتلقي. شكرا عميقا لك أيتها الكبيرة. لقد فتحت آفاقا رائعة في المنتدى الديني بما تجودين به من كرم حاتمي و صدق أكيد و محبة عميقة. من كل قلبي أقول لك: إنك تكبرين في عقولنا و قلوبنا و أرواحنا أكثر و أكثر. الرب يبارك خطاك المحبة و الراقية و الطاهرة. سلام و محبّة أيتها الأخت المحبّة.

[SamiraZadieke]

الأخت الغالية سعاد قصصك المعبرة لها وقع جميل على النفس
وأسلوبك رائع في الكتابة دمت لنا أختا محبة
سلمت يداك ...

[صدى السنين]

حبيبتي سميرة انك نبع طيب يفوح عطره لقد وصلني عبر كلماتك الطيبة دمت لي اختا مباركة شكرا لاطرائك اختك
سعاد البناء

[صدى السنين]

اخي المحترم شاعرنا الموهوب
يقول المثل عاشر القوم اربعين يوما تصبح واحدا منهم لي الان اكثر من شهرين اتعامل معكم من خلال منتدى ازخ حتما ظهر ذاك التاثير عبر المسافات التي تفصلنا فاخذت اغرف من بحركم وانسج على منوالكم كرم منكم تشجيعكم واطرائكم. شكرا لكم
اختكم بالرب
سعاد البناء