كلّما زادتْ مُعاناتُنا اليوميّة, قلّتْ حيلتُنَا و تَشَتَّتَتْ أفكارُنا, فنحنُ نعيشُ في دوّامةِ هذهِ الحياةِ, و هي تأخذُنا في طريقِها أنّى شاءتْ و كيفما. قد نحاولُ بشكلٍ من الأشكالِ إبداءَ المُقاومةِ, لتخفيفِ عبئها هذا عنّا أو لمحاولةِ التّقليلِ مِنْ تَبِعاتِها و نتائجهِا المحتّمةِ و المُتَرَتِّبَة, ربّما يستطيعُ البعضُ مِنّا و على نَحْوٍ ما أن يُوفَّقَ في مسعاهُ و كَثيرٌ مِنّا يعجزُ عن تحقيقِ أيّ خَرقٍ أو إختراقٍ في جدار هذه الأعباءِ و الأنواء و أنواعِ المشاكلِ و الهمومِ, لهذا لا يجدُ الإنسانُ أمامَهُ غيرَ الثبات و الاستمرار في محاولاته دونَ أيّ تَوقُّفٍ. و علينا كذلك أن نؤمنَ بما يعطينا العزيمة و القوّة على فعلِ هذا الاستمرار ألا و هو الإيمانُ بأنّ الإنسانَ قيمةٌ غاليةٌ و ثمينةٌ, فقدانُها لا يُعَوَّضُ, قد لا نشعرُ بحضور هذا الإنسان إلّا بعد أن نكونَ فقدناه. الحياةُ تسيرُ على وتيرتها بينَ الحزنِ و الفرحِ, بين الخوفِ و الشّعورِ بالأمان, بينَ المحبّة و الكراهية, بين الحقد و بين التّسامح, بين الفضيلةِ و بين الرّذيلةِ أجلْ بين أشياءَ كثيرةٍ تتناقضُ فيما بينها لكنّها بالنّتيجة تصبُّ في خانةٍ واحدةٍ هي عالمُ هذا الإنسانِ و حياتهِ.
بهذا اليومِ الجديدِ, الذي نتمنى أن يكونَ مُبارَكًا بنعمةِ خالقِهِ, و بمشيئته التي لا تزول و لا تَحول أن يُنعمَ على الجميعِ براحة البالِ و بالشّعور بالأمان و الطّمأنينة, و خاصّةً في هذه الأيّام التي تزدادُ فيها شراسةُ الحروبِ في كلِّ مكانٍ, إنّ الحروبَ من صُنعِ قذارة الإنسانِ وأطماعِهِ مهما تَكنْ مبرّراتُها و أسبابُها لأنّها و بنتيجةِ الأمر هي زهقُ أرواحٍ و سَفكُ دماء و خلقُ خوفٍ و بلبلةٍ و فوضى و دمارٍ تُظهِرُ الوجهَ الحقيقيَّ لهذا الإنسانِ الذي لا يشبعُ مِنْ كلّ ما تُعطيهِ الحياةُ, فيسعى إلى طرق مُلتوية و أساليب شيطانيّة, لكي يُشبِعَ غريزته الشّريرة و هيَ على أيّة حال لا تشبعُ لأنّ الإنسانَ ناقصٌ.
أحد مبارك أتمناهُ لجميعكم و لِنُصَلّ إلى صاحبِ هذا اليوم المبارك أن يَجعلَ للعقلِ فاعليّةً إيجابيّةً و للمحبّة مكانًا و تأثيرًا و للسلامِ حلولًا و ثباتًا. طابَ يومُكم بكلّ خيرٍ و سعادةٍ و توفيق, صباح السّلام و الخير لكلّ مَنْ يبتسمُ في وجهِ الحياةِ آمين.