Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-04-2011, 02:39 PM
المهندس نعمان صومي المهندس نعمان صومي غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 29
افتراضي مهندس المسيحية بولس رسول الامم (الجزء الثالث)

في الغرب
لقد آن الأوان ليُحسّ النسر بارتعاشة في جناحيه تدفعه الى الغرب، الى تسالونيكي واثينا وكورنتوس و افسس. ولم يكن لبولس بدّ من رفيق ما دامت الأوجاع ترافقه فاصطحب سلوانوس ربيب كنيسة اورشليم وانطلقا من انطاكية الى طرسوس ثم الى مدينة دربة وبعد سير شاق بلغا ليسترة ونزلا ضيفين على تيموتاوس وكان قد نما في السن والفضيلة وغدا قطب مدينته فانشرح لذلك قلب بولس ورسمه كاهنا للرب وسيكون خير صاحب لمعلمه، يوآسيه في ليالي مرضه وفقره وجهاده الموصول من اجل الكنيسة ويكون له رفيقاً الى كورنتوس وافسس واورشليم وروما. وتوجه بولس ورفيقه سلوانوس شطر اوربا ونزلا على مقربة من طروادة ذلك البلد الذي ادار هوميروس في جوانبه خياله الخصب وها هو بولس يأتيها غازيا بالانجيل فيفلح جداً. وفي ميناء طرواس هيّأت العناية الالهية لبولس لقاءً مع الطبيب لوقا الأنطاكي، وكان قد سبق لبولس ان عمّده قبل ذلك ببضع سنين وكان بولس في تلك الآونة أحوج ما يكون المريض الى طبيب. فعالجه لوقا علاجاً أفرغ فيه كل علمه. وما كان الطب إلا زاوية من زوايا المعرفة التي وعاها لوقا، فكان فضلا عن تضلعّه من لغة الاغريق وآدابها، رحالة عالماً بالمسافات والبحار يتعاطى الطبّ على المراكب وفي الموانيء فقد مهرته الاسفار وأغنى عقله الاختبار. وكان الى كل هذا كاتباً ملهم اليراع، صافي الذهن، نبيل النفس، مطّرد النسق كما يدل عليه انجيله. وبعد ان دون لوقا انجيله دوّن ما وقع للكنيسة منذ صعود المسيح فذكر حلول الروح القدس على التلاميذ يوم العنصرة، وما جرى من الاضطهادات، ووقف الوقفة الطويلة على بولس ورسائله، فكانت لنا منها تلك الملحمة المقدّسة. هكذا قيّض الله للكنيسة الناشئة يراع لوقا المشرح، وقلب بولس النابض في رسائله فتلاقت الحضارتان الشرق واليونان فنجم عنهما عمق بولس وروحه وفكر لوقا النيّر الصافي ولا ريب ان الوشائج التي ربطت لوقا بمقدونية هي التي صرفت خاطر بولس اليها. وكان على الفاتح الشرقي بولس ان يجهد خاطره ليدخل البيوت من ابوابها فيكون يونانياً مع اليونانين ورومانيا مع الرومانين.
ونزل بولس ورفاقه في مدينة فيليبي وكانت على طراز روما بهياكلها وملاعبها. وتعرّف وفدُ المسيح ببائعة الارجوان ليديا الغنيّة بالروح والمال المتحليّة بأسنى ما تحمد عليه المرأة من عفّة وحكمة ونشاط، تلك هي النبيلة التي قال فيها لوقا: إن الرب فتح قلبها لتصغي إلى أقوال بولس، وفتحت بيتها للرسل فكان منطلقاً للدعوة وأدركت بفطنتها ما أُعطيت من حسن التخيّر انها اذا امنت واعتمدت فقد اصطفت ما هو اغلى من الارجوان.
وهكذا دخل الانجيل أوربا بواسطة امرأة كما دخل السامرة بواسطة امرأة. بحواء كان السقوط والخطيئة، وبمريم العذراء نهض العالم وارتفع، و للنساء تراءى المسيح اولاً يوم القيامة فما أعظم شأن المرأة في المسيحية.
وكان في تلك المدينة جارية بها روح عرافة تزعم ان لها صلة بالارواح ، فغدا بيتها محجّاً، يقصدها الناس، ويجزلون لها الأجر لتكشف لهم عن المستقبل فيجني سيدها بسببها ارباحاً طائلة. فلما مرّ بها وفد بولس اخذت تصيح: هؤلاء هم عبيد الله العلّي. فادرك بولس ان الشيطان يتكلم بفمها حينئذٍ اقترب بولس منها وهتف: باسم يسوع المسيح اخرج منها ايها الشيطان. فعادت الى سكينتها ودمعت عينيها شاكرة وطفقت تعمل للمسيح. فثارت ثائرة معلّيميها لأنهم فقدوا ربحاً لا ينضب مَعِينُه. وكانوا نافذين لدى الحكام، شأن معظم الاغنياء في كل زمان ومكان، فقُبض على بولس وسلوانوس ودُفِعا الى الجلاّد وكان بوسعيهما ان يعترضا على ذلك لأنهم رومانيان لا يجوز عليهما الجلد لكن بولس لم يحتج لأنه كان يستطيب الألم في سبيل المسيح. واقتيدا الجرحين الى السجن وكُبّيلا بالسلاسل. وكان في السجن زمرة من الاشرار لا يفتأون يجدّفون ويلعنون الحكّام، اما الاسيران فكان يرتّلان ويصليان للمسيح معظم الوقت. وعجب السجّان والمسجونين لهذه المناجاة في مثل هذا المقام الضنك. وطفقوا يتساءلون ترى ايُّ إله يوليهما القوة والصبر. وتحسنت القلاقة بين بولس والسجّان بعد حادثة وقعت في السجن، وفي اثناء تلك الحادثة نصح بولس السجّان بما عليه فعله، فعاد الهدوء الى السجن والمساجين. ووجد السجّان في بولس وسلوانوس رسولين لإله يفوق الآهة التي عبدوها هو وآباؤه، فتلك اصنام لها عيون ولا تبصر، وآذان ولا تسمع. ولقد شهدهما امس يُضربان بالسياط ولا يتذمّران وسمعهما ايضاً في الليل وهما يرّتلان، فاشتعلت في صدره النعمة وقال: ماذا يجب ان اصنع لأخلص، أجاب بولس أمن بالرب يسوع واعتمد فتخلص انت واهل بيتك. ولمّا اشرقت الشمس اعتمد السجّان واهل بيته ثم قادتهما زوجة السجّان وقدّمت لهما الطعام ورقدا في مضجع لين. فاخليّا سبيلهما، ثم صارح بولس الحكام بأنه ورفيقه رومانيان لا يجوز عليهما الجلد، وكلّفهما ان يعتذروا علناً ففعلوا. وواكبه المؤمنون الى بيت ليديا، ذلك البيت السخيّ الذي سيمدّه بالمال في حلّه وترحاله. ولم يقتصر الحكّام على الاعتذار فحسب بل شيّعوه ورفاقه الى ظاهر المدينة...
إلى تسالونيكي
ورأى بولس ان يترك لوقا في فيليبي (المدينة الوحيدة التي خلّفها مشيّعاُ غير مطرود) ويمّم شطر تسالونيك، موقناً أنه إذا أفلح فيها انتشر الانجيل من هذا الثغر إلى ضواحي المدينة بل إلى حوض المتوسط كلّه. وما كان بولس واهماً ولا حالماً، بل مهتدياً بهدى العناية الألهية والعقل المستنير. وبعد ان مشى مصحوباً بسلوانوس وتيموتاوس بضعة ايام وبضع ليالي أشرفوا على جبل الأولمب عرش الإله زفس. وقال بولس لصحبه: هلمّا بنا نبشّر عبّاد زفس وحاشيته من آلهة الحرب والحب، والخمر والعهر، ومن اليهم، فنُعلّمهم ان لا خلاص لهم إلا بالمسيح يسوع. وكانت تسالونيكي يومئذٍ مدينة مختلطة الجنسيات، من أغارقة وسوريين ومصريين ويهود ورومانيين، واشتهر سكانها بأنهم بطّالون عطّالون يتعمّدون الإضرار بالغريب. لا قيمة عندهم للزواج ولا حرمة للعرض، داعرون يرتادون المواخير. لذلك خصّهم بولس في رسالته الاولى بقوله: (فإن مشيئة الله ان تقدّسوا أنفسكم من الزنا فيعرف كل واحد منكم ان يحفظ إناءه في القداسة والكرامة، و لا ينقاد لتيّار الشهوة كالوثنيّين الذين لا يعرفون الله، ولا يعتدّي على أخيه في هذا الامر، ولا يمكر به، لأن الرب هو المنتقم عن هذه الاشياء كلها كما قلنا لكم من قبل وشهدنا لكم. فإن الله لم يكن يدعونا إلى النجاسة بل إلى القداسة)... وتوقع بولس ان يمكث في هذه المدينة زمناً طويلا فبحث له عن عمل فبدأ هو ورفاقه يعملون نهارا ويكرزون بالبشارة ليلاً. ولم يكن يكتفي بعماد المهتدين، بل شرع يطوف على البيوت ليلاً، فعل الراعي الساهر على رعيته والزارع الذي يتعهد الزرع بالسقاية، يُفحم المجادلين، ويُقنع المشككين غير سالك طريق الفلاسفة لأن المسيحية ليست في عرفه مذهباً يُردّ عليه بمثله، ولا تعليماً مجرّداً يتيه العقل في أشتاته، بل صداقة حميمة مع الله، وحقيقة حيّة من أجلها يستطيع المرء أن يتعذّب ويموت.
وعمد اليهود إلى السلاح الذي شهروه على المسيح فحرّضوا السلطات على وفد بولس زاعمين أن هؤلاء الغرباء ينادون بملك غير القيصر. وأن خطرهم على ذوي الحكم شديد. وسرعان ما يستجيب الحكام للجواسيس والنمّامين والسعاة بالشرّ، إذ بين هؤلاء قرابة أخلاقية. وكان حكام تسالونيكي أكثر فطنةً وأبعد نظراً من حكام فيليبي، لما يعلمون من اقتدار اليهود على الدسّ، وسعة حيلتهم في نصب الفخاخ. فاحترموا (ياسون) مضيف بولس وأخذوا عليه الميثاق بأن يرحّل ضيوفه ليلاً. فاجتمع بولس بالإخوة واعطاهم بعض الارشادات، وكان الوداع اليماً، وتوقع ان ينزل بهم الاضطهاد ويكون ياسون المضيف النبيل في مقدّمة الضحايا. وآمل بولس ان يعود إليهم في أجل قريب، ولكنه لن يعود قبل ثماني سنين. ولن يلقى بعد عودته راحة بل مطاردة ومصاعب لا تنقضي. وهكذا غادر بولس ورفاقه المدينة الى بيريّة، وأفلح فيها بعض الفلاح ولكن خصومه في تسالونيكي طاردوه اليها. فترك فيها سلوانوس وتيموتاوس يكمّلان الرسالة، إذ كان هو المقصود بالأذى، وغادرها مريضاً، وأوصى مودّعيه الذين أوصلوه الى أثينا، ان يلحق به رفيقاه، لأن المرض والوحدة أوجعاه، فكان لا بد من رفيق...
بولص وحيداً في أثينا..
أطلّ بولس على أثينا عاصمة الفلسفة والشعر والموسيقا والرياضة والنحت، يسير وحيداً في شوارعها فوجدها مملؤةً اصناماً. فبدأ كل يوم يكلّم الذين يصادفونه في السوق ويبشيرهم بالمسيح يسوع. فقابله قومٌ من الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين وقال بعضٌ تُرى ماذا يريد هذا المهذار ان يقول. وبعضٌ انه يظهر منادياً بآلهة غريبة. لأنه كان يبشرهم بيسوع والقيامة. فأخذوه وذهبوا به الى اريوس باغوس قائلين: هل يمكننا ان نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلّم به؟. لأنك تأتي الى مسامعنا بأمورٍ غريبة فنريد ان نعلم ما عسى ان تكون هذه؟. فوقف بولس في وسطهم وقال: تتهمونني بأنني ابشركم بآلهة غريبة؟ كلا لقد رأيتُ مكتوباً على أحد هياكلكم اسم الإله المجهول وانما انا أبشركم بذلك الإله اللغز، مبدع الكون ومالِئه بعظمته، فكيف تسعه الهياكل المصنوعة بالآيادي وهو اللامتناهي. وانتم تبذلون لآلهتكم القرابين طعاماً وشراباً وهو المُطعم الساقي وإنه ربُّ العالمين. وان هذا الإله الذي احدثكم به قد سبقني إلى الكلام عليه الملهمون من شعرائكم وفلاسفتكم. وبيّن لهم ضلالتهم في طُرق العبادة، ولمّا خلص الى القول أنّ الله تأنس وصُلب وقام من الاموات، سخِروا منه واستهزئوا به وقال بعضٌ سنسمع منك ايضاً. واحسّ بولس أنه الإخفاق الذي لا نهوض بعده، فانسل من المجلس كئيباً، وأوى بعد خطابه إلى غرفته الصغيرة وقد اخذ الفشل منه كلّ مأخذ، لكن العناية الإلهية اطلّت عليه وقالت له أن الطريق أمامك طويل وشاق والعِقاب كُثر، وأنك لشارب من الآلام كؤوساً دهاقاً. لكن الله يثبت قدمك ويفرغ عليك من الصبر غيثاً فلا تيأس. ولكنه ما عتّم أن آنس بقبس من نوريطلّ عليه مع نخبة منالمستمعين، وعلى رأسهم ديونسيوس الاريوباغي وامرأة اسمها دامِرس وأخرون معها.

في كورنتوس
ومرَّ بولس في طريقه إلى كورنتوس أمام قبر ديوجينوس الذي كان يُضيء مِصباحه في الظهيرة ويجوب الأسواق باحثاً عن رجل. ولو قُيّض له ان يبعث حيّاً، لأطفأ مصباحه حيال بولس، ولشخص إليه ببصره وعرف أنه الرجل الذي ينشده، ولصغرت عليه نفسه بإزاء ذلك العملاق الوديع، الأكل خبزه بعرق جبينه مبشِرّاً بالنعمة والمحبة التي جاء بهما المسيح، لا ساخراً يخفي صلفه في برميل ومِغرفة، وينطرح في الشمس عارياً، فيمر به الاسكندر ويحاول أن يسدي إليه معروفاً، فيجيبه ديوجينوس: اذهب لقد حجبت عني الشمس. و كانت كورنتس يومذاك مرفأ تجارياً يغصُّ بالمراكب القادمة من الشرق والغرب.
وذهب بولس الى حيّ اليهود باحثاً عن عمل، إذ كانت حياكة الخيام والسجّاد والبسط مزدهرة في كورنتوس، المدينة التي خلّدها ذلك الحائك بولس مثلها مثل اي بقعة من بقاع الارض اشتهرت باسم احد عمالقة التاريخ، ولولاه لظلّت غفلاً في الأغفال. فلولا الاسكندر لما كانت مقدونية، ولولا يسوع لما كانت الناصرة، ولولا بولس لما كانت كورنتوس. ولكن من وراء قدّوم ذلك النجار(المسيح) ومنوال هذا الحائك (بولس) انفتح التاريخ على اوسع آفاقه وابعدها أثراً وأجلّها نعمة وخلاصاً. ولم يكن ليدور في خلد أحد يومئذٍ، أنّ أكيلا وبريسلا الزوجين المسيحيّين اللذان أضافا بولس، يُخلّدان حيثما يبشّر بالإنجيل. ويبدو ان بريسلا كانت من افضل النساء ذكاءً ونشاطاً رسولياً وخلقاً لذلك امتدحها بولس فوق ما امتدح جميع النساء اللائي عملنَ في حقل التبشير. ولقد افلح بولس في كورنتوس ايّما فلاح، برغم نقمة اليهود عليه ومقاطعته في المجمع، إذ رأوا من الهوان عليهم ان يرتضوا مسيحاً مصلوباً. حينئذٍ صرخ فيهم بولس: فليكن دمكم على رؤوسكم، وإني منكم لبرئ. وها إنّي ذاهب الى الامم. قالها منذراً بمثل لهجة أنبياء اسرائيل الذين ينفضون غبار نعالهم على الظالمين. فانشق اليهود بعضهم على بعض، فاتّبعته طائفة منهم الى بيت صديقه تيطس المؤمن، ولحق بهم فريق من الوثنيين وهكذا تأسست في كورنتوس أول كنيسة للأمم. وكان بولس يُشرك نساء كورنتوس في الترتيل خلافاً لما جرت به سُنّة اليهود من إقصائهنّ عن الشريعة واعتبارهن أدوات للشهوة ومنابت للزرع. وشعرت المرأة الكورنثية بارتفاع شأنها في ظلّ المسيحية، فاستطابت الربيع الدافئ الذي انقذها من زمهرير الشتاء القاسي، فاسهمت في عمل الخيّر ايّ اسهام وتسابق النساء الى خدمة الحق في ظلّ يسوع، كما تنافسنَ الى نشر البرّ والإحسان تحت راية بولس.
في كورنتوس، في معمل النسيج البسيط تلّقى بولس تلميذيه تيموتاوس وسلوانوس عائدين من تسالونيكي، فاستوضحهما أمر الكنيسة هناك، فأنهيا إليه مقدار تعلّق المؤمنين به، وانهم لم يسمعوا فيه قول الوشاة من خصومه. بيد ان فجيعة نزلت ببعضهم فغرقوا، وكانوا ينتظرون عودة المسيح، فتسرّب الشك الى الأحياء بقيامة موتاهم. فاغتمّ بولس لهذه الرجّة تعتري أحبّاءه فتُصدّع إيمانهم، فاعلن لتيموتاوس انه يودّ لو يطير الى تسالونيكي لتوطيد الرجاء في القيامة، ولكنه مشدود الى كورنتوس بوشائج لا يود منها انفلاتاً، ثم أمره ان يأتيه بدواة وقلم وصحف من ورق البرديّ ففعل. وكانت اصابع الطرسوسي قد شَثُنت واخشوشنت لفرط العمل اليدويّ، فتعذر عليه ضبط القلم، فشرع يملي على سلوانوس وتيموتاوس، مستهلاً رسالته بقوله: (من بولس وسلوانوس وتيموتاوس الى كنيسة التسالونيكيينالتي في الله اللآب) فشرك رفيقيه في الرسالة غير مستأثر بالسيادة، مستعملاً ضمير الجمع، فاحتجّ تلميذاه لهذه المساواة فازداد هو تواضعاً فا (النحن) عنده اولى من (الأنا). ومما ورد في شأن قيامة الموتى قوله: ( لا نريد أيها الأخوة ان تجهلوا ما هو من أمر الراقدين، لئلا تحزنوا كغيركم ممن لا رجاء لهم، فلئن كنا نؤمن ان يسوع قد مات ثم قام، فلنؤمن كذلك ان الذين رقدوا في يسوع سيحضرهم الله معه) وفي هذه الرسالة تطرّق الى الإيمان والرجاء والمحبة، الاركان الثلاثة في بناء المسيحية.
من ذلك المعمل البسيط انطلقت أولى الرسائل الخوالد التي ما برحت، حتى الساعة مُتَلفّت أنظار البشر. في ذلك اليوم بدأ تدوين العهد الجديد بالقلم، وكان ذلك في سنة 50 للميلاد. ولم يكن في تلك الايام بريد لحمل الرسالة فحملها سلوانوس وتيموتاوس، فعبر البحر وقرآها على التسالونيكيين فأصغوا اليها، ولمحوا من ورائها وجه مرسلها بولس.. ثم ان فلاحه بالتبشيرفي كورنتوس أثار عليه اليهود، وبدأ الغمام ينذر بالعاصفة.من اجل هذا كتب الى اهل تسالونيكي فائلاً: (ياإخوتي صلّوا من أجلنا لتكون كلمة الرب هي العليا وتستمر في نموّها كما هي ولينجينا الله من المفسدين).. وثقل عليه الهمّ فغدا كثير السهاد، قلِق الوساد. وفي ذات ليلة من تلك الليالي الدُهم (التي لا يدرك مرارتها إلا من عانى مثلها) تراءى له المسيح مُعزّياً قائلاً: لا تجزع بل ثابر على جهادك إنّي معك وعاصمك من الناس، فلن يمسَك أحد بسوء، وإن لي لصفوةً غير قليلة في هذه المدينة. فنهض بولس متطلّق الوجه قائلاً في نفسه، إذا كان الربّ معنا فمن علينا؟ فاقام سنة وستًة اشهر يعلّم بينهم بكلمة الله. ولما كان غاليون يتولّى اخائية قام اليهود بنفس واحدة على بولس وأتوا به الى كرسي الولاية قائلين ان هذا يستميل الناس ان يعبدوا الله بخلاف الناموس. ونظر الحاكم الى بولس فوجده رزيناً مهيباً، فادرك بما له من فراسة، وبما في نفسه من حبّ للعدل فقال: لو رفعتموه اليّ بجرم لنظرت في امره، أما هذه القضايا المذهبية فلا تعنيني بشيء. ثم انتهرهم وصرفهم من مجلسه. واشتدّ هرج اليونانيين فسخروا من اليهود وتهكّموا بهم فهربوا وكان رئيس مجمعهم الجديد سوشينوس فضربوه قُدام الكرسي ولم يهمً غاليون شيء من ذلك.
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg St-Takla-org__Maps-Paul-Journey-3.jpg‏ (35.2 كيلوبايت, المشاهدات 8)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-04-2011, 08:16 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي

شكرا لك و من كل قلبي المهندس الجميل الأستاذ نعمان على هذه المقالة بل السيرة لرسول الأمم, الذي لولاه لما صارت المسيحية إلى هذا المدّ الفسيح. لقد لعب دورا هاما و مهما جدا في تاريخ المسيحية و له يعود الفضل الأكبر بانتشارها و ثبات أركانها. و نظرا لأهمية المقال فإني قمت بتثبيته ممنونا لك يا أستاذي.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-04-2011, 10:54 AM
الياس زاديكه الياس زاديكه غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
افتراضي

وسؤال بسيط يخطر بالبال، ما دام هذا العصر هو عصر الثورات، ألسنا نحن اليوم بامس الحاجة الى ثورة على بعض العادات البالية التي نخرت لباب مجتمعنا السرياني، الكنسي والمدني؟
المهندس نعمان صومي القدير لاأبالغ إن قلت أشبعني هذا الموضوع وهذه الإقتراحات بعد أن قرأت الحلقات الثلاثة مما يعانيه شعبنا المسيحي الآن ومما عانه بولس الرسول في حياته التبشيرية والتي كان منبعها صدق مشاعرك وخوفا وحرصا على الأمة المسيحية جمعاء .. هل هناك من يستطيع النطق بغير هذا لأنها الحقيقة الجلية التي يعيشوها معظم رجال الدين ويتعايشوا معها على نطاق مصالحهم الشخصية .. وأنا أتسأل : ماهي الغاية من جمع المال المسروق ياسيادة المطارنة والبطريرك ؟؟ هل ستبنونا مستقبلا لأولادكم ؟؟ وأين هم ؟؟ أم لتعيش زوجاتكم برفاهية معكم وبعدكم ؟؟ وأين هن الزوجات ؟؟ لماذا إذا كل هذه السيئات التي تولد إنشقاق في صفوف المسيحي والإبتعاد عن الكنائس وتعاليم المسيح ؟؟ ألستم أنتم السبب في كل هذا ؟؟ إن أعطاكم مسيحي 100 أويرو ستدعوا له وتقلوا بيتك معمور . وإن أعطاكم 200 أويرو ستقولوا بيتك معمور والرب يرحم أمواتك . وإن أعطاكم 500 أويرو وهنا سيبدأ عراك الدعوات من الصغيرة للكبيرة . أهذه هي تعاليم المسيح ؟؟ أم نسينا عندما قال المسيح للمرأة الفقيرة الأرملة إذهبي بسلام فدرهمكي قد كان لي بمثابة ملايين من الدراهم التي قدمها غيركي من الأغنياء عن غير إيمان !!!
نعم ياغالي فعلا حان الوقت للمظاهرات الدينية من أجل تشكيل رئاسة جديدة هدفها تطبيق تعاليم المسيح ونشر المحبة التي هي المسيح فلنصرخ جميعا معا وبأعلى صوتنا كفى كفى لكم يامصاصي الدماء ذوو الأنياب البارزة !!
كانت قصة حياة بولس ومما تعرض له من أجل المسيح ورسالته والتي غيرت الكثير في حياة المسيحي نموذجا مشرفا يفتخر به كل مسيحي . بولس الرسول عاش الظلم والعذاب لكنه لم يتراجع عن مبدئه وعقيدته وإيمانه وكل هذا دون مقابل وليس كما رجال ديننا اليوم اللذين لاتهمهم إلا المظاهر والرقي !!!
كانت صرخة مسيحية وجدانية لكل من يهمه الحفاظ على تعاليم المسيح وسلامة المسيحي !!!
تشكر ياطيب على هذه المقالة المشرفة
تقديري ومحبتي
الياس زاديكه

__________________
www.kissastyle.de
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-04-2011, 08:30 PM
المهندس نعمان صومي المهندس نعمان صومي غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 29
افتراضي

استاذنا الغالي فؤاد .. دمت سالماً.
تعليقاتكم الجميلة على مواضيعنا تبعث في النفس علامات الفرح..
لكم مني كل المحبة ... وتصبح على وطن.. وطن كما تتمنّاه انت..
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-04-2011, 08:48 PM
المهندس نعمان صومي المهندس نعمان صومي غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 29
افتراضي

الأخ الغالي الياس.. دمت سالماً.
سُرِرتُ كثيراً بمرورك وتعليقك الهادف الجميل.. ويقيناً ستأتي أيام ويكتب غيرنا وربما بجرأةٍ اكثرعلى واقعنا المرير ولن يكتفوا بنقدهم اللاذع لرجال الكهنوت السرياني بل سيزداد سقف مطالبهم الى محاسبتهم ومحاكمتهم.. كما هو الحال في معظم الثورات العربية فتبدأ بالمطالبة بالحرية والديمقراطية الى ان تصل الى: الشعب يريد اسقاط النظام.
مع مودتي وتقديري.. وتصبح على وطن..
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke