مشاركتي قبل قليل على برنامج نحن و الحياة في أكاديمية رياض الشعر و الأدب تقديم الدكتورة أنعام أبو سعيد بإشراف الدكتور عدنان الطيبي و الدكتورة مها يوسف نصر
الحياة بدون الفنّ بمختلف أنواعه و اصنافه و تفرّعاته و تسمياته تكون كالصحراء القاحلة الخالية من نضارة الرّوح و من خضرة الفكر المبدع، الذي يجعلها قابلة للاستمرار. إنّ الفنّ وجه جميل يخلق للنفس البشرية ميولًا مستساغة خلّاقةً و هي تتفاعل مع الوجود فتعطيه وجهًا مشرقًا، و تبعث فيه الحياة. سواءً من خلال نصّ أدبيّ متقن أو مشهد مسرحيّ أو قصيدة فيها جماليات فكر و روح أو في لوحة معبّرة عن جانب من جوانب الحياة أو في أغنية تطرب النّفس قبل الأذن.
لقد أخطأ مَن قال إنّ الموسيقى غناء الشياطين، و لم يصدق من قال الشعراء إخوة الشياطين، إنّ مثل هذه الأفكار البائدة غير قابلة للحياة في عصر كلّ ما فيه فنّ راقٍ و إبداع خارق يدخل الراحة و الاستقرار إلى دخيلة الإنسان.
فمثلًا عندما تشدو فيروز يشعر المرء أنّ الملائكة ترقص معها و ترنّم ترانيم عشق الرّوح، و عندما يصدح صوت أمّ كلثوم كوكب الشرق أو محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال نشعر ارتعاش النفس و سموّ الروح. كما أنّ إلقاء قصيدة فاعلة تصوّر جانبًا من جوانب الحياة أو تحادث خلجات القلب، تدخل البهجة إلى النّفس، هذه كلّها عوامل فاعلة نتفاعل معها و تستجيب نفوسنا لها بقبول و تقبّل إيجابيّين.
كلّ أنواع الفنّ تضفي روحَ جماليّةٍ في حدود تخصّصها على الإنسان و تُساهم في خَلق حالةِ رقيٍّ إبداعيّ و هذا ما يميّز عطاء العقل و يُظهر جوانبه الإيجابيّة في حياة البشر.
لا يكون للحياة أي معنى إذا خلت من مظاهر الفنّ و عطائه، ليس من شكّ بأنّ الفنّ يساهم في إعطاء صورة جمالية راقية للحياة، تزيل عنّا هموم و متاعب الحياة اليوميّة، لا حياة بعيدًا عن الفنّ، و كلّ مَن ينبذ أيّ نوع من أنواع الفنّ إنّما هو شخص جاهل و متخلّف، ليس جديرًا بالحياة، فالله جميل و هو يحبّ الجمال و كلّ فنّ من فنون الحياة هو وجهٌ من وجوه الجمال.
غنّوا للحياة، ارسموها في منظر جميل، إنّ كلّ هذه جوانب إيجابيّة تتفاعل مع الفكر و الوجدان و الروح و النّفس.