Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
لماذا نقول "لا" لفكرة قيام الدولة الدينيّة؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
لماذا نقول "لا" لفكرة قيام الدولة الدينيّة؟ بقلم/ فؤاد زاديكى على الرغم من وجودنا في القرن الحادي والعشرين, وهو ما يعرف بقرن المخترعات والإنترنت والعلوم المتعددة والتقدم الهائل في جميع مجالات الحياة, فإنه لا تزال تعيش بين ظهرانينا جماعات متخلفة فكريّا ودينيّاً ومفلسة سياسيّا وعقائديّاً, ومتخبّطة اجتماعيّاً وإنسانيّاً وعلى الرغم من معرفتها الأكيدة بكلّ هذه الخصائص التي توصف بها والصفات التي تحدّد نهجها وسلوكها إلا أنّها لا تريد خياراً آخر غير الاستمرار في عنتها وغبائها والبقاء على ما هي عليه من خيارات لا سبيل لتغييرها أو التخلّي عنها بعدما أثبتت حقائق التاريخ الدامغة بطلانها وجهلها وتخلّفها وعدم مناسبتها لأي عصر ومكان, ونقصد بذلك الدعوة إلى الدولة الدينيّة عملا بالركن السّادس من أركان الإسلام وهو القائم على فكرة الخلافة الإسلاميّة. في العالم الإسلامي ثبت فشل هذه الفكرة على الرغم من قيام مثل هذه الدولة وما ترتّب على ذلك من حروب واقتتال ودمار وتخلّف وجهل وانغلاق وتعديّات لفترات طويلة من الزمن بدءًا من عصر الخلفاء وما تلاه ومن ثمّ الخلافة الإسلاميّة العثمانيّة وإمارة طالبان في أفغانستان وخلافة المحاكم الإسلاميّة في الصومال والدّولة الشيعيّة في إيران وهي دولة الملالي ودولة حماس في غزّة و الدولة الإسلامية في العراق و الشام (داعش) والتيار الإسلامي المتصاعد في تركيا وغيرها من المحاولات المتكررة وعبر التاريخ الطويل. وكما فشل قيام الدولة الدينيّة في أوربا أيضا سيفشل قيام الدولة الدينية في العالم الإسلامي اليوم وكلّنا يذكر الحروب التي دامت 30 عاماً بين الكاثوليك والبروتستانت. كما فشلت الحروب الصليبيّة لأنها قامت باسم الدين وهي على غرار ما قامت به الفتوحات الإسلاميّة لنشر الدين بالقوة في جميع أنحاء العالم. فلماذا نعتبر الحروب الصليبيّة هذه حروباً استعماريّة ولا نعتبر الحروب والفتوحات الإسلامية التي خرجت من شبه الجزيرة العربيّة استعماريّة لطالما كانت الأهداف بين الغزوين مشتركة ومتشابهة وهي فكرة نشر الدين؟ لقد سعى الصليبيون إلى تحرير بيت المقدس - على حد قولهم - من الكفرة!!! فيما قام المسلمون بالفتح ونشر الدين بالقوة وهو أيضًا للقضاء على الكفرة "على حد زعمهم"! وما نراه اليوم في مساعي الاستعمار الجديد باسم الدين أو الوحي أو غيره لا يختلف كثيرا عن الإثنين. تنهج جماعات الإخوان المسلمين في مصر - وهي الأم لجميع المنظمات الإسلامية التي أفرزت التخلف وفرّخت الإرهاب وفكرة القتل – نهج المطالبة بإنشاء هذه الخلافة وبهذا فهي تستمدّ سلطانها ممّا تزعم أنّه سلطة مستمدّة من الله الرحيم, وهولا يحبّ الفتنة, وهم ينشرونها في كلّ مكان ويضيّقون الخناق على المسيحيّين في مصر ويفتكون بهم باسم الدين والشريعة والخلافة وينشرون كذلك بذور الفتنة في جميع المجتمعات العربية والإسلاميّة من خلال دعمهم للتيارات الجهاديّة والأصولية التي تلتقي معها عقائديّا وآيديولوجيّاً لتبرر القتل والتعدّي وتعتبر المسيحيين واليهود كفارًا يجب القضاء عليهم بشتى الوسائل والسبل, وعندما زاد خطر هذه الدعوات خشي النظام المصري على حكمه فقام بمنعهم واعتبارهم خارج اللعبة السياسيّة, إنّي أرى في هذا بعض الإيجاب لكنّه يجب العمل أكثر من ذلك وهو اعتبار أنّ كلّ من ينادي بمثل هذا الفكر إرهابيّاً وعدواً للأديان وتقاربها وخطراً حقيقيّا على وحدة المجتمعات البشريّة وأمنها وعلى هذا الأساس تتمّ إمّا توعيتها بالحسنى لكي تتخلّى عن أفكار الظلاميّة السوداء وتعود إلى رشدها فتقبل بالآخر وتتعايش معه وتتحاور بعيدًا عن دعاوى التكفير التي نسمعها كلّ يوم أو بإقصائها و مواجهتها كما فعل الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات وإمّا أن يتم تأديبها بما يكفل لنا الحدّ من ضررها ومخاطرها. إنّ التساهل مع هذه الجماعات سوف يشكل خطرًا على أمن وسلامة الأوطان والبلدان التي يمارسون فيها نشاطهم تحت مسمّيات متعددة لكي يخفوا وراءها فكرهم الوهابي المستمدّ من افكار ابن تيميّة (الإرهابي الأكبر) الداعي إلى اجتثاث الآخر وقمعه وتذويبه والقضاء على خصوصيّته باسم الدين والشريعة وهذا ما يحزن أكثر. إنّ أخطر ما يواجه شعوب البلدان العربيّة هو تنامي قوّة الإخوان المسلمين في كلّ من مصر والأردن وغزّة والسعودية وقطر و تركيا والسودان و الصومال و غيرها, وقد دفع ويدفع السعوديون لقاء أخطائهم السابقة وتشجيعهم لهذه الجماعات أثماناً باهظة في أيامنا الحاضرة. وعلى المؤمن ألا يلدغ من جحر مرتين! نرى أن هذه الجماعات تعادي بعض الأنظمة المعتدلة دينيّاً مثل مصر والأردن وسورية وتونس و لبنان وتحاول تقويض الأمن فيها لجرّها إلى ساحة صراعات وقد رأينا ما فعله الإخوان المسلمون من جرائم في سورية إلى أن قامت السلطات السوريّة بقمعهم بقوة السلاح أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد وأخيه رفعت الأسد في كلٍّ من حماه وحلب وغيرها من المدن والبلدات السوريّة! وبمختصر القول فإنّنا نجمل أسباب عدم صلاحية قيام مثل هذه الدولة الدينيّة ولا منطقيتها ولا عدلها في الأسباب والدواعي الآتية: - يتعارض قيام الدولة الدينيّة مع مفهوم المواطنة الحقيقيّة إذ لا يسمح لغير المسلم بتولي المناصب الإدارية والسياسيّة في الدولة وهنا لا يتوفر عنصر العدالة الاجتماعية ولا الإنسانيّة. - يعتمد قيام الدولة الدينيّة على فكرة إقصاء الآخر, وعدم الاعتراف بحقوقه الدينيّة والاجتماعية والإنسانيّة ولا يراعي حريته الشخصية. - تعتمد ضيق الأفق الفكري والسياسي والاجتماعي والعلمي والثقافي. - تُغفل دور المرأة وتلغي حقوقها في المشاركة السياسيّة في الحياة العامّة. وتمنعها من الترشيح لكافة المناصب في الدولة على اعتبارها مخلوق ناقص حسب زعم هذه الجماعات المتخلفة. - لا تؤمن بالدولة العلمانية بل تمنع قيامها وتعاديها وبهذا تبتعد عن أسباب الأخذ بالعلم والمعارف فينعدم التواصل مع الآخرين. - تعتمد أسلوب العنف في التعاطي مع الأمور وتلتزم القوة والفرض في تنفيذ القرارات. - تسعى إلى الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح مستغلة مشاعر المواطنين الدينية وهي تتلاعب بمصيرهم غير آبهة لخطورة ما تقوم به. - ستمنع قيام الأحزاب وتنعدم حريات الناس وتنتهك حقوقهم العامة وتعدم الأساليب الديمقراطية في الحياة العامة. - لا تعترف بالحقوق الكاملة لمن يتعارض مع مشروعها الديني وخطها العقائدي. - يبدأ التفتت في بنية المجتمع الذي تسيطر عليه. - تحدّ من علاقاتها مع الدول الأخرى وخاصة غير المسلمة. - تقودها رؤية ضيّقة غير منفتحة وهي لا تؤمن بالتراحم. ولا بقبول الآخر. - تقيم حياة على أساس الانفرادية في الحكم ولا تقيم وزناً لفئات المجتمع التي لا تسير في نهجها وتؤيدها. - لن توجد مصالحة وطنية بين أفراد المجتمع الواحد بل غبن أكيد سيقع على فئة أو فئات من المجتمع والتي تتعارض مصالحها مع الدولة الدينية. - ينعدم التسامح الديني بل يحل محله الإكراه والعنف وممارسة أساليب القهر الديني. - إلغاء المناسبات الدينية وممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الديانات الأخرى لعدم إيمان الدولة الدينية بها واعتبارها نوعا من المساس بروح الفكر الإسلامي للدولة الدينية وتعتبرها نوعا من التحريف والاحتفالات غير اللائقة. - تترسّخ في المجتمع فقط القيم والمبادئ الإسلامية أما قيم الديانات الأخرى فسوف يتم شطبها والتضييق عليها وإلغاء خصوصيتها لأنها لا تلزمهم. - تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية على غير المسلمين كالزواج والطلاق وما إلى ذلك مما له صلة بقوانين الأحوال الشخصيّة وهو ظلم وتعد سافر على حقوق أعضاء هذه الأديان. - ستتمّ أسلمة أعضاء بقية الأديان الأخرى تحت طائلة التهديد أو الحرمان من التوظيف أو لصق التهم المفبركة وغيرها من الأساليب المعروفة لهذه الجماعات المتخلفة للتضييق عليهم وتعتبرهم من جديد أهل ذمّة عليهم دفع الجزية صاغرين لها ولحماقتها وغبائها. - لا يبقى للعقل من عمل في واقع هذه الدولة إذ تعتمد على قوانين وضعية كانت سائدة منذ 1500 سنة وهي قوانين ظلامية غير عادلة ولا تناسب الواقع الحياتي الجديد. - تعمل على تذويب شخصية أصحاب المعتقدات الأخرى وتطويعها لكي تتحوّل إلى أداة غير فاعلة حيث يتم شلّها. - لا تؤمن بمبدأ صراع الحضارات وهي ستعمل على تصعيد صدام الحضارات انطلاقا من عدم إيمانها البتة فيما يسمى حضارة أو تقدم أو نهج علمي. - ستلزم غير المسلمات بارتداء الحجاب تحت طائلة التهديد والعقوبة. - ستحدّ من زيارات غير المسلمين إلى أماكن عباداتهم وتمنعهم أكثر مما هو الآن من بناء كنائسهم أو ترميم ما تهدّم منها. - ستمنع حمل الصليب على صدور الناس كرمز لانتمائهم المسيحي لأنها لا تؤمن أصلا بفكرة الصلب في المسيحية. - ستلزم غير المسلمين على الصيام أيام رمضان وغيره تمشيّا مع قوانين الدولة النافذة. - ستفرض على غير المسلمين زيارة الحج وهو ركن من أركان الإسلام. - تتعارض بل تناقض الكثير من المبادئ والأفكار الإنسانية كالتي جاءت بها الثورة الفرنسيّة أو الفلاسفة والمفكرون الغربيون لتعتبرها كفرا وزندقة. - تكفير الآخرين في محاولة للقضاء عليهم بدواعي وتهم لأسباب شتى. - إعادة كلّ فشل تقوم به إلى تدخّل خارجي وكل نجاح يتحقق لها بأنه نصر إلهي على غرار ما فاه به حماقة السيد حسن نصر الله رئيس حزب الله عقب حربه الأخيرة مع اسرائيل. - تنعدم القوانين الديمقراطية في هذه الدولة ولا تعتمد أساس قيام الدولة الحديثة. - لن تحقق العدالة والمساواة لأنها تحكم بدين واحد وفي الدولة أطياف دينية أخرى. - لا تؤمن بمبدأ الثورة الصناعية وهي ستعادي الغرب وتخلق ظروفا لحروب واقتتال ونزاعات دائمة لن يكون من مصلحتها. - لن توجد في هذه الدولة سوى سلطة واحدة وهي السلطة المطلقة التي تعتمد الشورى الملزمة وستنعدم السلطات الثلاث المتعارف عليها في إدارة وقيادة المجتمعات المدنية الحديثة. - سيصبح الوطن كله رهن اعتقال أفكار عفنة لها لا تريد الخروج من قمقم عزلتها وتحاول إرجاع عقارب التاريخ إلى الوراء لأكثر من ألف سنة. - سيتمّ منع تدريس أصول ومبادئ الديانات الأخرى في الدولة ويتمّ تعميم تعليم أصول الدين الإسلامي وإلزام الآخرين به لتعلمه وتطبيقه. - الدولة الدينية مجموعة من البشر تتحدث وتحكم وتتحكم باسم الدين وهي تنوب عن الله في كل شيء حسب اعتقادها. - تحتكر الدولة الدينية ادعاء المعرفة ولا تعترف بحرية الآخرين في التعبير وتعتبره ضربا من الهرطقة الفكرية والإلحاد الفكري الذي يتعارض مع إيمانها ومبادئها. - ستتهم هذه الدولة, متمثلة في المجموعة البشرية التي تتحكم في مصائر البلد الآخرين بالخروج عن الثوابت, بالكفر والخيانة والزندقة وتبيح تصفيتها جسديا كما نراها تقوم في الوقت الحاضر وهي خارج السلطة بتصفية أصحاب الفكر التحرري حيث تعتدي عليهم وتكفرهم وتسعى إلى منعهم من نشر مؤلفاتهم وتبيح دماءهم. - تقوم الدولة الدينيّة بدور إلغاء حق الاختلاف المعرفي والسياسي وتمنعه ولا تجيزه لغيرها. - تلغي الدولة الدينية تعددية الأحزاب ولا تسمح بالمعارضة وتلغي التنوّع وتقمع كل صوت ينادي بغير ذلك حتى ولو أدى بها الأمر إلى تصفيته جسديا. - لا تقبل بغير الصوت الواحد الممثّل عنوة وقسرا للجميع بما فيهم غير المسلمين والأدلة كثيرة فيما حصل من قمع للفكر والمفكرين في العالم الإسلامي في الأعوام الأخيرة. - تتحوّل الدولة الدينيّة إلى أداة قمع بحق المواطنين وخاصة ممّن تكون لهم أفكار متنورة ومتحررة. - تمنع النضال السياسي وتعتبره خروجا عن طاعة الله والإسلام. - تبقى الدولة الدينيّة سجينة أوهامها ولا تستطيع الخروج من واقع الخضوع للماضي وضرورة التمسك به لأنه أساس وجودها ومبرر دعواها. - تتسبب الدولة الدينيّة في تأجيج الروح الطائفية وفي نشر الخلافات المذهبيّة وقد يؤدي ذلك إلى قيام حروب طائفية أو دينيّة في المجتمع الواحد. - ستكون العودة في كل أمر وقضية ومشكل بالرجوع إلى النصوص الدينيّة التي أكل عليها الدهر وشرب إذ لم تعد تتلاءم مع متطلبات الحياة الجديدة. وسيتم معالجة هذه القضايا على هذا النحو الرديء من المعالجة غير النافعة. - اعتماد أسلوب المعرفة المحرّمة بحيث يمنع على الآخرين إبداء الرأي أو المشورة أو النصح أو الإعلان عن فكرة أو إظهار معرفة. - ترى الدولة الدينية بين يديها الحق المطلق وبين يدي غيرها الباطل الذي لا مناص من رفضه وتعطيله وعدم القبول به. - يحلّ النقل في هذه الدولة محلّ العقل والجهالة محل العلم والمعرفة والتقليد محل الابتكار والمجادلة بالتي تقمع ولا تفسح المجال أمام الرأي الآخر ليعبّرعن نفسه. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|