Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
لعبةُ الحظّ المميتة... بقلم/ فؤاد زاديكى القسم الأوّل
لعبةُ الحظّ المميتة... بقلم/ فؤاد زاديكى
القسم الأوّل ولد (منير) في أسرة فقيرة من والدين لا يملكان من متاع الدنيا شروى نقير, و لأسباب هذا الفقر المدقع لم يتمكّنا من إرسال ابنهما إلى المدرسة فعاش بقيّة عمره أميّا, و كان لهذا الوضع المُزري السببُ المباشرُ بوفاة الوالدين خلال عامين متتالين, ممّا ترك (منيرًا) يتيمًا وحيدًا لم يعد له أحدٌ يسنده أو يحنو عليه وهو ابن الثامنة عشرة. إذ أنّ انعدامَ المال كان السببَ في وفاة والده ومن ثم والدته من بعده بعامين, لعدم توفّر المال ليتمكّنا من شراء الدواء اللازم وحيث كانا يعانيان من مرض يصعب البرء منه دون مواصلةٍ مستمرّة للعلاج وكان ذلك سيكلّف مبالغ طائلة من المال وهما لم يكونا يملكان شيئًا منه. بعد وفاة والديه عانى الشابّ (منير) الأمرّين من اليتم والفقر والحرمان الذي لم يكن يرحم شبابه الغضّ وفتوّته التي كانت تتراجع أما جبروت تلك الظروف القاسية ضعفًا ونحولةً. لم يتمكّن (منير) من الحصول على عمل دائم يكون منه مصدرُ رزق منظّم يعيش من ورائه بكرامةٍ لأنّه لم يكن تعلّم في المدارس لا لغة ولا مهنة تقيه من ظروف الحياة الصعبة وتكون له صمّام أمانٍ من الفقر ومن متاعب الحياة الجمّة. لم يبقَ أمام (منير) سوى البحث عن عمل يحتاج إلى مقدرة جسدية وجهدٍ عضليّ كعاملٍ مياوم بأجرٍ يتقاضاه لقاءَ عملِ يومه, وكان مثل هذه الأعمال صعبًا ويتطلّب بذلَ طاقةٍ عضليّةٍ فائقة, وهو لم يبخلْ بكلّ ما يملك من قَّة وهمّة في توفير المال الضروري لحياته اليوميّة ومصاريفه التي يحتاجها لتلبية هذه المتطلّبات. استطاع أن يحصل على بعض الأعمال المؤقتة وكان يكسبُ لقاءَها بعضَ المال لكنَّ نمطَ حياته بقيَ على ما هو عليه من فاقة وحرمان وفقر شعر من خلال هذه الأوضاع بالمهانة والاحتقار لنفسه وكان يحسّ بأنّه في حالة دونيّة بالقياس إلى الآخرين الذين تتوفر لهم أشياءُ كثيرة كانت بالنسبة إليه ضرْبًا من أحلام الحياة غير المُمْكِنَةِ التحقيق! في صباح أحد الأيام المشمسة أفاق (منير) من نومه وقد قرّرَ الذهابَ إلى المدينة بحثًا عن عملٍ يعودُ عليه بشيءٍ من المال وفيما هو سائرٌ في طريقه إذ به يلتقي رجلًا تبدو عليه علاماتُ الشيخوخة بلحيةٍ طويلةٍ بيضاءَ وعينين تشعّان ببريقٍ جميلٍ وابتسامةٍ ارتسمتْ على محيّاه وعلى الرغم من ذلك فإنّها ما كانتْ لتخفي تجاعيد وجهه البارزة, وما أنْ دنا منه حتى ألقى عليه بالتحية كما هو معمولٌ به بين الناس من باب المجاملة والتعارف والاستئناس. تعجّب (منير) كيف أنّ الرجل ردّ عليه بتحيّةٍ أحسنَ مما حيّاه به وهو يذكر اسمه بالحرف, علماً أنّها المرّة الأولى التي يلتقي فيها هذا الرجل. فمِنْ أين يعرفُه؟ وفُوجئ أكثر عندما أعاد عليه الردّ قائلا:" لماذا تستغربُ كيف أنّي عَرَفتُ اسمَك؟" ممّا زاد في خوف (منير) أكثر إذ أنّه لم يصرّح لهذا الشيخ بهذا التساؤل, فهو كان تساؤلًا وتواردًا ذهنيًّا عنّ على بالِه دون أنْ يصرّح به علانيةً أو يعبّرَ عنه. - لا ترتبكْ ولا تخفْ! فأنا أعرفُ أشياء كثيرة عنك أكثر ممّا تعرفه أنت عن نفسك وكذلك عن غيرك من الآخرين. - مَنْ أنت حتى تعرف كلّ هذه الأشياء عني وعن غيري يا عمّ؟ - أعرف أنّك ذاهبٌ الآن إلى المدينة للبحث عن عمل ٍكما أعرف أنّ والديك ماتا من المرض ولشدّة الفقر ولو توفّر لهما الدواء والعلاج لما ماتا! - كيف عرفتَ اسمي يا عمّ؟ وهل أنت من هذه المدينة أو ممّا يجاور هذه المنطقة؟ - إنّني أعرف جميع الناس يا (منير)! - كيف يكون هذا يا عمّ؟ هل أنت ملاكٌ من عند الرّب؟ أم أنت أحدُ رجالِ المخابرات؟ - ضحك الشيخ الحكيم من كلام (منير) وقال له: لا يا ولدي. أنا لست لا هذا ولا ذاك. - إذاً مَنْ تكون لقد حيّرتني؟ - إنّني (الحظّ) يا (منير) أعرفُ كلَّ شيءٍ فأنا من يُعطي الغنيَّ غِناه إذ أظلّ ملازمًا له حتى يصيرَ على وفرةٍ من المال والجاه والنّفوذ والسلطان, كما أنّني الذي يأخذُ كلَّ فرص النجاح من أمام الرجل ليصير فقيرًا كما أنت الآن فيعيش الفقر والألم ويلازمه النكد والنّحس والخيبة! - يا الله! ألهذهِ الدّرجة أنت تستطيعُ أن تفعل كلّ هذا؟ - نعم وأكثر من ذلك وسوف ترى بعينيك! - كيف لي أن أرى بعينيّ يا عمّ؟ - سترى بعينيك عندما تُوفي بالوعد الذي ستقطعُه معي! - الوعد الذي سأقطعُه معك؟ ما هو هذا الوعد؟ وعمّا يمكنُ أنْ يكونَ؟ - إنّي أريدُ مساعدَتك يا (منير) وسوف أُخْرِجُك من هذا الوضع المؤلم والذي لا أملَ فيه البتّة. - كيف؟ - سأبقى ملازمًا لك وأجعلُ المالَ يسعى إليكَ من كلِّ ناحيةٍ و صوب بشكلٍ لم تكنْ تحلم به أبدًا! وسأجعلك تنتقلُ من حالةِ اليأس هذه و واقع الحرمان هذا إلى عالم ٍكلُّه أملٌ و تفاؤلٌ وجاهٌ وغِنىً وسلطان! - فتح (منير) فاهَه بملءِ شدقيه و هو غير مصدّقٍ لما يسمعُ وما تراه عيناهُ وحَسِبَ أنّه في حلمٍ عميقٍ لا يريدُ الاستيقاظَ منه سريعًا. - لماذا تفكّرْ هكذا ولا تريد تصديقَ ما أقوله لك؟ إنَك ستصبحُ إنسانًا آخرَ بكلّ تأكيد. ثقْ بما أقولُه لك! - أَعِدُك بأنْ أفعل كلّ ما تطلبه منّي لطالما تريدُ إنقاذي من هذه الورطة الكبيرة التي أعيشُ فيها دونَ أملٍ ولو لحظةٌ من حياتي تتبدّلُ وتصيرُ على نحو آخر! - لا عليكَ يا (منير) سأساعدُك كما وعدتُك وأنا لا أتراجعُ عن وعودي التي أقطعُها مع أصحابي! لكنْ عليك أنْ تفعلَ الكثيرَ لكي أصبحَ صديقًا لك! وإذا رغبتَ فِعلًا في التخلّصِ من هذا الفقرِ عليكَ أنْ تعملَ بنصحي وأنْ تفِي بالتزامِك بوعدِك الذي ستقطعُه أمامي ولي! إنّي أقومُ بالتأثير في حياةِ الناس وأنا من يرفَعُهم وأنا مَنْ يخفضُهم! - يا الله هل صحيحٌ هذا؟ هل يمكنُ أنْ تحصلَ المعجزةُ الكبرى وأغدو غنيًّا بينَ ليلةٍ وضُحاها دون تعبٍ وكدٍّ وشقاءٍ؟ - نعمْ.. سيكونُ هذا يا (منير) متى وفَيتَ بوعدِك وأقمتَ على عهد وفائِك لما سأطلبه منك! - سأفعل ... سأفعل والله سأفعل مهما كلّفني ذلك من جهدٍ وتعبٍ وتحمّل! لكنْ قلْ لي كيف؟ ...كيف؟ يتبع... التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 06-07-2019 الساعة 08:34 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|