العقل والعاطفة - 1 كورنثوس :6 -

[وديع القس]

العقل والعاطفة – 1كورنثوس : 6 -

شبه أفلاطون النفس الإنسانية بمركبة يقودها جوادان ، الأول يطيع ويخضع للأوامر – هو العقل . والثاني جامح ثائر متقلّب –هو العاطفة .
والإنسان في مسيرته يقود مركبة حياته ويستخدم العقل ليسيطر على العاطفة لكن العاطفة كثيرا ً ما تتغلّب .
ولذلك كتب بولس لأهل كورنثوس .. الذي تغلّبت عواطفهم على عقولهم ، وتغلّبت ميولهم الشريرة على الصالحة .كتب ليعالج هذا الخطأ الخطير .
لقد رأى اليونانيون إن الجسد مقبرة للنفس ، وإن الجسد غير مهم ، النفس هي الأهم.
فعمل بعضهم على إذلال غرائز الجسد ، بينما عمل البعض الآخر على الاستباحة الكاملة لشهواته . والموقف الثاني هو الذي ساد في كورنثوس .
ولعلّ تعليم بولس عن الحرية ساعد على انتشار هذه الاستباحة ، إذ أساؤوا فهم تلك الحرية فتغلّبت العاطفة على العقل .
إن العاطفة والعقل صديقان عزيزان دخلا معا ً إلى الحياة ، وبدا أنّهما متآخيّن عند غروب شمس الحياة ، ومع حرارة الشمس تبخّرت حرارة المودّة بينهما، وعند المغيب اقتربا وتصافحا وتصافيا ...في دور الطفولة يستند كل منهما على الآخر ، أمّا في دور المراهقة تتوتّر العلاقة بينهما ، وفي دور الشباب يستحكِم الخلاف والصراع بينهما .. لكن في دور النضوج يقتربا من بعضهما ويتصالحا .
إنّهما قوتان قويتان في كل إنسان ، إذا اتفقتا معا ًكانتا عمودين لدعم الحياة ، وإذا تخاصمتا صارتا عمودين من الدخان وسط الخراب .
والناس بعضهم يعيشون بعواطفهم كالشعراء والفنانون ، وبعضهم يعيشون بعقوله وعلمهم كرجال العلم والبحث ، وبعضهم يعيشون ببطونهم ، لا همَّ لهم سوى الجيب والجوف .
أمّا الإنسان السعيد السوي فهو الذي يوازن بين عقله وعواطفه ، ويجعل العقل يتحكّم في العاطفة فيستنير عقله بعواطفه المهذبة ، فتلتهب عواطفه في نور إلهام العقل المستنير .. وهذا ما يؤكّده الرسول بولس في نصائحه الروحية التي علّمها ولا زالت تحفة التعليم المستنير في 1 كورنثوس 6 ...قائلا ً :
12 كل الاشياء تحل لي لكن ليس كل الاشياء توافق . كل الاشياء تحل لي لكن لايتسلط علي شيء.
13 الاطعمة للجوف والجوف للاطعمة والله سيبيد هذا وتلك .ولكن الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد.
14 والله قد اقام الرب وسيقيمنا نحن ايضا بقوته.
15 ألستم تعلمون ان اجسادكم هي اعضاء المسيح.أفآخذ اعضاء المسيح واجعلها اعضاء زانية.حاشا.
16 ام لستم تعلمون ان من التصق بزانية هو جسد واحد لانه يقول يكون الاثنان جسدا واحدا.
17 واما من التصق بالرب فهو روح واحد.
18 اهربوا من الزنى . كل خطية يفعلها الانسان هي خارجة عن الجسد.لكن الذي يزني يخطئ الى جسده.
19 ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وانكم لستم لانفسكم.
20 لانكم قد اشتريتم بثمن.فمجّدوا الله في اجسادكم وفي ارواحكم التي هي لله.
ولهذا يجب ألاّ نفرح من أجل شهوة ٍ نلناها ، بل يجب أن نهلّل من أجل شهوة ٍ أذللناها لنتمتع بالحرية الحقيقية ، الحرية المنضبطة الملتزمة .. الموافقة لأفكار ووصايا المسيح له المجد .
ومبروك لكم – الشعانين – ( النهيرة ) بفكر وعاطفة الربّ .