Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-07-2019, 08:38 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي لعبة الحظ المميتة بقلم/ فؤاد زاديكى القسم الرابع والأخير

لعبة الحظ المميتة

بقلم/ فؤاد زاديكى


القسم الرابع والأخير


أفاق (منير) بعد فترة وجيزة دون أن يعرف كم من الوقت استغرق معه ذلك الغثيانوتلك الدوامة من الدهشة الكبيرة التي سيطرت عليه وأوقعته ضحيتها. كانت صُرَّةُ الذّهب سقطتْ من يده على الأرض وهو في حالة إغمائه تلك وتناثرت القطع الذهبية لتملأ مساحة واسعة من أرض غرفته الحقيرة.

خشي أنْ يُعْلِنَ عن ذلك فيعرف الناسُ السرَّ فيخسر كلّ شيء في لحظة عين. إلّا أنّ قلقًا عظيمًا بدأ يُداخِلُه ويشوّشُ عليه فكرَه الفارغ إلّا من هموم الفقر والذي بات الآن مشحونًا بأفكار كثيرة ومعظمُها يصبُّ في خانة القلق والخوف من أنْ ينكشفَ أمرُه. وكيف سيتصرّفُ وغير هذه وتلك من الأسئلة.

استطاع أن يصرفَ قسمًا من الذهب في إحدى المدن الكبيرة ويعودَ بالمال الوفير إلى بلدته فاشترى البيوت والمحالّ التجارية وخلال بضعة شهور لم يعدْ في البلدة أغنى منه فصارتِ الألسنُ تتحدث عن أسبابِ غِناه المفاجئ وهو الفقير المعدَم. تزوج وأنجب ابنًا وفي كلّ مرة كانتْ تحاول زوجته السؤالَ عن مصدر ثروته الطائلة هذه غير أنّه لم يكنْ يجيبها إلى سؤالها ويحاول على الدوام التهرّبَ من الإجابة.

مرّتِ السنواتُ وهو ينعمُ بهذا الغِنى المُتْرَف وهذه الوجاهة وصارتِ الناس تحسبُ لهُ ألفَ حساب وتخشاه بعدما كانت قبل بضعِ سنوات تحتقرُه لفقره وتسخرُ منه ولا تُعيره أيّ اهتمام مُتجاهلةً إيّاه. تناقلتِ النّاسُ أخبارَ ثروته فوصلتِ الأخبارُ إلى الحكومة التي لم تنتظرْ طويلًا فاستدعته من أجلِ معرفة أسباب هذا الغنى المفاجئ ووجّهت له عدّةَ تُهَمٍ منها الاختلاس والتزوير والسّرقة حتى وصل الأمر إلى حالة اتهامه بالعمل لحساب دولة معادية يقوم بنقل أخبار سياسية أو عسكرية عنها إلى هذه الدّولة المعادية.


انقلبتْ سعادةُ (منير) إلى جحيمٍ خلال عدّة أسابيع وكان يعلمُ أنّه وبمجرّد إعلانِه الحقيقة مُفْصِحًا عن مصدر الثروة هذه, فهو سيخسرها في الحال لذا حاول أنْ يُضحّي بكلّ شيء من أجل ألّا يعودَ إلى فقره المعدم وحاجته مرة أخرى وخاصّة بعد أن عاش السعادة والفرح وملك أشياءَ كثيرة لم يكنْ يجرؤ على أن يحلم بها مُجرّد حُلم! كَبُرَتْ همومُه أكثر عندما لم تقتنعِ الحكومةُ من مصدر الثروة هذه ولمْ تجدْ تفسيرًا مقنعًا لها, فهو في نحو بضعة أيام أصبح مليونيرًا شهيرًا. فمن أين له كلُّ هذا؟ فإذا كان عثرَ على كنزٍ ما في مكانٍ ما فإنّ هذا الكنز يعود إلى الدّولة فهو منْ حقّ الدّولة لأنّه أملاك عامّة.

لم يتمكّنْ من إقناع زوجِه فحين تمَّ تَوقيفُه قرّرتْ هي الأخرى تَرْكَه والتخلّي عنه بعدما أصدرتِ الحكومةُ أمرًا بتجميدِ جميع أرصدتِه وأمواله إلى أنْ يتمّ معرفةُ مصدرها وخَسِرَ بذلك ركنًا أساسيًّا من أركان حياته غير أنّه أصرّ على عدم الإفصاح عن أسباب هذه الثروة الكبيرة. وتمّ توقيفُه لغاية انتهاء التحقيق وقد وُجِّهَتْ له تُهم خطيرةٌ منها التآمرُ والخيانةُ والتجسّس ومن شأنها أن تؤدي به إلى حبل المشنقة.


دامتْ فترةُ التحقيق والتوقيف شهرًا وفي كلّ جلسة ادّعاء من قبل محكمة أمن الدولة كان لا يُجيبُ عنِ السؤال الرئيس والقائل في صيغة الاتهام: مِنْ أينَ لكَ هذا؟ رفضَ إعلامَ السلطات عن مصدرِ هذا المال قناعةً منه بأنه سيرجع إلى فقره كما كان وأمام إصراره هذا لم يكنْ بدٌّ مِنْ اتّخاذ المحكمة قرارَها وهو الحكمُ عليه بتهمة الخيانة والتجسّس والعمل مع مخابرات دولة معادية, والذي زاد من اقتناع السلطة من صحّةِ شكوكِها أنّه لم يجب إجابات شافية على ما كانتْ تودّ معرفتَه وهي لم تعتبرْه جاسوسًا فقط بل وخطيرًا أيضًا واعتبرتْ أنّ سكوتَه هذا وعدمَ تعاونِه معها إنّما يُثْبِتُ حقيقةَ التُّهمِ الموجَّهةِ إليه. وتمّ إصدارُ الأمر بالحكم عليه شنقًا حتى الموت.
تمّ تحديدُ موعدِ تنفيذِ الحكم به وسِيقَ إلى المنصّة التي أُعِدَّت لشنقِه وتمّ وضعُ حبلِ المشنقة حولَ رقبته وصار لديه مؤكدًا أمرُ موته وأنّه لا مناص من ذلك لكنَّ خوفَه الشديدَ من عودته إلى فقره منعه من قولِ كلمة الحق والحقيقة حتى آخر لحظة, وعلى مرأى مِنْ جميعِ أهل البلدة تمّ تنفيذُ حكمِ الإعدامِ به وتمّت مصادرةُ كُلِّ أملاكه المنقولة وغير المنقولة وخسر كلّ شيءٍ, مالَه ونفوذَه ومكانَته والأهمّ من كلّ ذلك حياتَه ولم يتمكّنْ من استيعاب مقولة السيد المسيح التي تقول: "ماذا ينفعُ الإنسانُ لو ربحَ العالمَ كلَّه وخَسِرَ نفْسَه" وهكذا يكونُ إغراءُ المال وحبُّهُ قد أقفلَ العقلَ عن التّمييز والعمل وأعمى البصرَ والبصيرةَ فصار الإنسانُ جَشِعًا لا ينوي التخلّصَ من سلطانِ أهواءِ هذا المال وهي كثيرةٌ وتبقى القناعةُ فيما يملكُ الإنسانُ راحةً للضمير وهدوءًا للنّفس والفكر وليتَ الناسَ تَعي أهميّةَ هذا القول لتأخُذَ مِنْ قصّة (منير) الجَشِع هذا درسًا لها في الحياة!



انتهت
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke