جنبلاط يفرط الغالبية… أو يُبقيها – بقلم سركيس نعوم

[fouadzadieke]

جنبلاط يفرط الغالبية… أو يُبقيها – بقلم سركيس نعوم


Share

رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مرتبك وحائر رغم تعمّده ابراز مظاهر الثقة بالنفس. هذا ما يقوله متابعون لحركتيه السياسية والحكومية. ويقول هؤلاء أيضاً انه لم يحدد حتى الساعة ماذا يفعل في حال حصلت تطورات سياسية تتطلب منه مواقف حازمة ومن حكومته. وأبرز هذه التطورات يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان. وحصولها لا يبدو بعيداً ولا مفاجئاً للمرجعيات الرسمية ولا لأقطاب السياسة في هذه البلاد. وانعكاساتها على الداخل في حال عدم مواجهتها ستكون سلبية جداً. ولذلك يصر فريق الغالبية النيابية وقائده “حزب الله” والحليفة سوريا على التحوّط لكل الآتي بواسطة مجلس الوزراء ورئيس الحكومة. والتحوّط لا يمكن ان ينتظر كثيرا. وقد يكون من الافضل في رأي الفريق المذكور ان يسبق التطورات المرتقبة. وعماده سيكون وقف تمويل “المحكمة الدولية” وربما استدعاء القضاة اللبنانيين منها وفك ارتباط لبنان بها. وبذلك لا يعود في امكان المحكمة الطلب من السلطات اللبنانية تنفيذ مضمون القرار الاتهامي الصادر والقرارات التي ستليه. وفي هذا المجال ايضاً يبدو استناداً الى متابعي حركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان انه بدوره لا يعرف في اي اتجاه سيتحرك ميقاتي لمواجهة ذلك. علماً ان خيارات الاتجاهات امامه ليست كثيرة. فهو إما أن يتجاوب مع الذين “رأّسوه” الحكومة ويشكلون الغالبية فيها، أو أن يمتنع عن التجاوب معهم. والحال الثانية ستنهي حكومته سواء باستقالته او باستقالة غالبية وزرائها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ان استقالة الحكومة أو فرض الاستقالة عليها سيتسبب بأزمة حكومية وتالياً بأزمة وطنية؟ وليس هناك جواب واحد عن هذا السؤال. بل هناك جوابان متناقضان. الأول، يفيد ان ميقاتي سيستفيد من “الإقالة” او الاستقالة لأنها لا بد ان تحرره من اعباء ما كان في امكانه تحمّلها نظراً الى انعكاساتها السلبية على الوضع السني في البلاد وخصوصاً على وضعه هو داخل الطائفة السنية التي ينتمي اليها. والثاني، يفيد ان الازمة التي ستنشأ ستمكن ميقاتي وحكومته من الاستمرار في تصريف الاعمال مدة طويلة جداً بسبب تعذر تأليف حكومة جديدة. أي جواب هو الأقرب الى الصحة والواقع؟ الأول صحيح لأن حسابات ميقاتي يوم طمح الى الرئاسة الثالثة ووصل اليها لم تنطبق على الواقع الذي نشأ بعد ذلك، من جراء الانتفاضة الشعبية في سوريا وانعكاساتها اللبنانية، وكذلك من جراء صدور القرار الاتهامي الدولي عن “المحكمة الدولية” في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ويعني ذلك ان ترؤسه الحكومة صار كله خسارة ولم يعد فيه اي مجال للربح، السياسي طبعاً، على الاطلاق. أما الجواب الثاني فغير صحيح مبدئياً لأن الغالبية النيابية الجديدة يمكن ان تبقى غالبية وإن غادرها ميقاتي وحليفاه الأبرزان محمد الصفدي واحمد كرامي. اذ سيكون عدد اعضائها في هذه الحال 66 نائباً علماً ان قرارا بهذا الحجم قد لا يتخذه ميقاتي بسبب انعكاساته السلبية على علاقاته مع القيادة السورية والتي لا تقتصر على السياسة فقط، لكن عملياً فإن الجواب الثاني قد يصح في حال واحد: حين يتضامن الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط مع حليفه ميقاتي في الانسحاب من الغالبية النيابية. وبذلك تصبح اقلية في مجلس النواب. فهل يفعل وليد جنبلاط ذلك؟ وهل يقبل حلفاؤه الجدد ان يصبح مفتاح سلطتهم وحكومتهم في يده هو الذي انضم اليهم بعدما خاف منهم على نفسه وزعامته وطائفته؟

لا احد يملك جواباً عن ذلك. لكن جنبلاط يبدو قلقاً هذه الايام من خطوات ميدانية غير معلنة تهدد جبله ووضعه. وقلق ايضاً من “الإنتقاد” الاعلامي له بسبب “تفهمه” انتفاضة الشعوب المقموعة واعتباره ان لا قيمة “للممانعة”. وهو يحاول تركيز تموضعه “الوسطي” لكن من دون التخلي عن “المقاومة” وحزبها واستطراداً حلفائها الخارجيين. كما انه اتخذ قراراً بممارسة الحرية في مجلس الوزراء مناقشة وتأييداً ومعارضة وفقاً لاقتناعاته. وقد يكون لمحادثاته الاخيرة في روسيا دور في ذلك. الا ان هذين التموضع و”التحرر” النسبيين قد لا يشجعانه، رغم امتلاكه مفتاح الغالبية، على استعماله لفرطها لأنه يعرف ان “حزب الله” وفريقه 8 آذار “سيهجمان” في شكل او في آخر اذا شعرا بالاستهداف بل ببدء تنفيذه. ومعلوماته تشير الى ان شيئاً من هذا النوع يعد حالياً. وهو لا ينوي الاشتراك في لعبة القتل والدم التي قد تنشأ عن الذي يُعدُّ هذا.

بقلم سركيس نعوم

المصدر: النهار