Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
صفقةٌ أم صفعةٌ؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
صفقةٌ أم صفعةٌ؟ بقلم/ فؤاد زاديكى لا أعتقد بأنّ موضوعًا يمكن تداول أخباره والحديث عنه في كلّ الأمكنة و المجالات بكثافة خاصّة في وسائل الإعلام وكلّ ما له صلة بها وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في جميع انحاء العالم وبالخصوص في المنطقة العربيّة, فلا يكاد يمرّ يوم إلّا ونسمع هذا التعريف أو المفهوم المسمّى بصفقة القرن أكثر من مرّة وقد نال اهتمامًا كبيرًا ولقي في الوقت نفسه معارضة (علمًا أنّه لم يُعرض بعد للعمل) و ظهرت أصوات مستنكرة له وهي تُشير إلى المخاوف الخطيرة و الكبيرة التي يحملها هذا المشروع والذي هو بالأصل أمريكي من اقتراح الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وهذه الصفقة هي خطة لوضع حلّ للمشكلة الفلسطينيّة و النزاع العربي – الإسرائيلي وهي أصبحت مشكلة العصر إذ لا توجد آفاق حلول يمكن أن تبعث على أيّ أمل. فالقضية الفلسطينيّة والتي اعتبرها العرب قضيّتهم الأولى منذ نكبة 48 ولغاية اليوم لم يتحقّق من مطالبهم أيّ شيء, كلام في الهواء و بروباغاندة من أجل منافع شخصيّة وغايات معيّنة وقد استغلّ الكثير من القادة والحكّام العرب هذه القضية لخدمة مصالحهم ومنافعهم فتاجروا بها لسنوات طويلة من دون تمكّنهم من إحقاق أي حقّ للشعب الفلسطيني المهجّر في كلّ أصقاع الدنيا. أجل. لقد تاجر الزعماء العرب بالقضية الفلسطينية واستثمروها من أجل بقائهم على كراسيهم وكان الشعب الفلسطيني في كلّ هذه الفترة ضحية تلك الخيانات العربية الخبيثة من جهة وكذلك المؤامرات الخارجيّة, التي استغلّت هي الأخرى هذا الوضع وشارك في ذلك التعنّت الإسرائيلي من جهة وغباء القادة الفلسطينيين عبر التاريخ, فهم كانوا يرددون دائمًا نريد كلّ شيء ولهذا فهم خسروا كلّ شيء وقالوا "سنرمي إسرائيل في البحر" وكانت تلك الغلطة القاتلة هي القشّة التي قصمت ظهر القضية الفلسطينيّة. ونراهم اليوم يقبلون بالقليل القليل ممّا كان أُعطي لهم في مشروع التقسيم كدولتين في سنة 1948, فعندما أعلنت عصبة الأمم المتحدة آنذاك (هيئة الأمم المتحدة اليوم) قرار تقسيم الدولتين بين اليهود والفلسطينيين بالتساوي لم يقبل العرب والفلسطينيون بذلك وكانوا السبب في حروب جرت بعد ذلك خسروا فيها المزيد من الأراضي لصالح إسرائيل. في الحقيقة هناك مثل يقول: "اليد التي لا تستطيع عضّها, قَبِّلها (بُوسها)" والعرب لم يستطيعوا عضّ اليد كما رفضوا تقبيلها لهذا كانت المشكلة وبقيت دون حلّ لغاية اليوم وإنّي أستطيع القول أنّ جميع الحكّام العرب لا يريدون حلًّا للقضية الفلسطينيّة لأنّ مبررات وجودهم على كراسيهم ستنتهي وتسقط الأقنعة عن الوجوه المنافقة والتي كانت ولا تزال السبب الرئيس في تشرّد الشعب الفلسطيني. لكي يكون العرب والفلسطينيون منطقيين عليهم أن يقبلوا بما يُعطى لهم اليوم من نتاج هذه الصفقة وإلّا فإنّ قضيتهم ستبقى من دون حلّ لخمسين بل مائة سنة أخرى. قد يفهم البعض من قولي هذا بأنّي أروّج لهذه الصفقة لكنّي أحبّ التأكيد على أنّ مرور هذه الصفقة لا يحتاج لدعم شخص ضعيف مثلي, فهي ستتحقّق و سيتمّ تطبيقها على أرض الواقع مهما كانت هناك أصوات معارضة وعلى قولة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "شاء مَنْ شاء وأبى مَنْ أبى" لأكثر من سبب منها لأنّها أفضل الحلول الموجودة حاليًّا وثانيًا لأنّ أمريكا وإسرائيل تمتلكان القرار وهو بيدهما وهما القائمتان على شأن هذه الصفقة تدعمهما دول عربيّة نافذة بشكل غير معلن ومنها مصر والسعودية وبعض دول الخليج الأخرى الفاعلة, ومتى أضاع الفلسطينيون هذه الفرصة اليوم أيضًا, فسوف لن يكون لهم أيّ أمل بدولة أو شبه دولة تكون لهم فيها سيادة تمثّل الشعب الفلسطيني. بعد هذه المقدّمة التي كان لا بدّ من عرضها نأتي بالذكر على أهم بنود هذه الصفقة خاصّة تلك المعلن عنها وقد تكون هناك بنود سريّة لا يتمّ الإعلان عنها في الوقت الحاضر إلّا بعد مرور هذه الصفقة بنجاح وحصولها على موافقة الأغلبيّة لأنّ حصولها – كغيرها من المسائل – على موافقة الجميع أمرٌ شبهُ مستحيل, ومن المقرّر أن يتمّ الإعلان عن هذه الصفقة في شهر تموز القادم من هذا العام 2019 إنّ مَن يملك القوّة يستطيع فِعل ما يُريد على أرض الواقع أمّا أهمّ الخطوط العريضة لهذه الصفقة نوجزها بالآتي: إقامة دولة فلسطينية بدون جيش في الضفة الغربية وقطاع غزة (إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربي). وقال مسؤول فلسطيني: "يعتقد الرئيس عباس أنّ الخطة يمكن أن تكون جيدة فقط إذا أضفنا إليها عبارة "حدود 1967". ونحن على استعداد لإعطاء إسرائيل الوقت إذا كانوا على استعداد لإعطائنا الأرض". "قلنا لهم، إذا كانت الخطة تنص بوضوح على أن "الصفقة النهائية "هي إقامة دولة فلسطينية "على أساس" حدود عام 1967 بمبادلة طفيفة للأراضي، فإننا سنقبل المرحلة الأولى منها، وإقامة دولة ذات حدود مؤقتة". ستقوم مصر بمنح أراض إضافية للفلسطينيين من أجل إنشاء مطار ومصانع وللتبادل التجاري والزراعة دون السماح للفلسطينيين في العيش فيها وسيتمّ الاتفاق على حجم الأراضي وثمنها (توفّر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة). سيتم إنشاء جسر معلق يربط بين غزة والضفة لتسهيل الحركة. بعد عام من الاتفاق تجرى انتخابات ديمقراطية لحكومة فلسطين وسيكون بإمكان كل مواطن فلسطيني الترشح للانتخابات. وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة. مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية وقد أبدى وليّ العهد السعودي محمد ابن سلمان خلال لقائه مع كوشنر قبول السعوديّة بهذه الصفقة من حيث المبدأ وهو من أقوى الدعاة لها. سيتم فرض عقوبات على جميع الأطراف الرافضة للصفقة بما في ذلك إسرائيل فحتّى الآن ترفض إسرائيل تطبيق حل الدولتين وعودة اللاجئين، وأنه من الصعب إجلاء المستوطنين من أراضي الضفة الغربية. وبالنهاية فمتى تمّ تطبيق صفقة القرن بخطوطها على أتمّ وجه فإنّها ستكون صفعةً لبعض الأنظمة إذ أنّ معطيات كثيرة ستتغيّر في المنطقة بحيث لن تتمكّن تلك الأنظمة ولا إيران وحلفاؤها في المنطقة من العزف على أسطوانة تحرير فلسطين واللعب على هذا الوتر أكثر, وستنتهي تلك الميليشيات بحكم انتهاء دواعي ومبررات وجودها وتسقط الأنظمة السياسية العربيّة التي يرتبط بقاؤها ببقاء المشكلة الفلسطينيّة قائمة. 22/5/2019
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|