الكذب والتظاهر بالمحبة الزائفة
كنت في اليوم الذي ستجرى لي عملية لنزع كتلة شحمية صغيرة ظهرت تحت الجلد من الطرف الأيسر فيما تحت الصدر وهو يوم الإثنين المصادف 19/6/2006 واقفا في محطة القطار بانتظار قدومه وهي لا تبعد عن دارنا سوى مسافة دقيقة سيرا على الأقدام. لاحظت امرأتين جارتين بيتاهما يقابلان محطة وقوف الحافلات هنا في بلدتنا وكانت تتحدثان مع بعضهما بصوت مرتفع لولولولولولولولو الله أعلم على ماذا كانت تتحدثان وطال حديثهما وهما واقفتان في البلكون. وفيما هما على هذه الحال إذ بجارتهما الثالثة تقبل من الطرف الأخر وهي تسير على عكاز يبدو أن كسرا ما قد أصاب بعض عظام رجلها. عندما لاحظت الجارة الأقرب بيتا إلى الثالثة, قدوم جارتها أشارت بيدها إلى جارتها التي كانت تحادثها منذ بعض الوقت بأن تنتظر قليلا, وأنا أرى كل ذلك وأراقبه عن طريق الصدفة, أبدت الجارة نحو جارتها القادمة عطفا ومحبة واهتماما وسلمت عليها من بعيد بحرارة ظاهرة للعيان, وما أن غابت الجارة الثالثة القادمة جديداً لتدخل باب بيتها حتى بدأت الجارة القريبة منها تشير إلى جارتها التي كانت تحدثها منذ وقت طويل وهي تدير برأسها إلى حيث كانت هذه الجارة الثالثة وتعيد برم رأسها نحو جارتها التي تكلمها وتشير بيدها وتقوم بحركات تدلّ على أنها تتمسخر على جارتها الغائبة وبدأتا تضحكان معا بصوت مرتفع. تأملت هذا المشهد الدرامي والحزين وقلت سبحان الله لماذا يوجد أناس من هذه النوعية لا همّ لهم سوى النيل من سمعة الآخرين ولوك هذه السمعة! والأنكى من ذلك أن يتظاهروا بالمحبة الزائفة ويظهرون المشاعر الكاذبة أمام غيرهم بوجه ومن خلفهم بوجه آخر معاكس له تماماً. لقد حزّ في نفسي هذا المشهد ولم يفارق مخيلتي طول اليوم وأنا يسير بي القطار إلى الجراح الذي ينتظرني على موعد وهو الساعة العاشرة والنصف صباحاً.