معتقدات تُعكّر صفو الحياة
في حياتنا الاجتماعية بعضُ قيمٍ جديرة بالاحترام ومع أنّها قليلة فيجب المحافظة عليها وتطويرها على نحو أفضل كي تتلاءم مع واقع الحياة الجديدة والمستجدّة في كل يوم ولحظة, كما أنّ هناك الكثير من الأفكار والمقولات والمعتقدات البالية والمضرّة وغير الصالحة لحياة الإنسان بشكل عام وخاصّة من ناحية علاقته بالآخر, لذا يجب التخلّي عنها و نبذها لكونها مؤذية للمجتمع والإنسان والتغيير سنّة من سنن الحياة البشريّة الفكرية والمعرفيّة والثقافية والعلميّة الخ... فالمثل يقول: "مقدّسات الأمس صارت خرافات اليوم ومقدّسات اليوم ستُصبح خرافات الغد". وبالعودة إلى الحديث عن القيم في مجتمعاتنا فكما نرى قد يكون بعضها مرتبطًا بأسباب دينية (أي أنّ جذوره تعتمد أصول الدين عمومًا) والبعض الآخر استطاع البشر صياغته من خلال تجاربهم ومعاناتهم التي كوّنت لديهم تلك المعرفة, وبالحقيقة فإنّ أكثر هذه القيم الاجتماعيّة والمعارف المستخلصة الصالح منها والطالح قد يكون منشؤه البشر, وأصبح عُرفًا مع مرور الزمن ولكثرة الاستخدام والتقليد والممارسة.
من أهمّ القيم التي يُمكن اعتبارها صالحة نذكر منها: عمل الخير. محبّة النّاس. تقديم العون للآخرين. الرّفق بالحيوان. التضحية. الأمانة. الصدق. الوفاء. الرحمة. احترام الحياة. الإخلاص. التعاون. تقديم الحماية لمن يحتاجها. مشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم وأمور حياتهم الأخرى. عدم التفريق بين الناس لاعتبارات الدّين أو العرق أو الانتماء القومي. احترام خصوصيّة الآخر. عدم التدّخل في شؤون الغير. عدم التطفّل على حياة الآخرين. عدم الوشاية بالغير وغيرها. أمّا القيم غير الصالحة وقد تكون أكثر من الصالحة فحدّث عنها ولا حرج, ومنها ما هو قديمٌ قِدَم وجود الحياة ومنها ما نتج عن طبيعة التفاعلات الفكرية والاجتماعيّة في المجتمعات البشرية نذكر منها: الخيانة. الغدر. الوشاية. الكذب. التملّق. النّفاق. استخدام الرّشوة للوصول إلى المبتغى. الوصوليّة. الانتهازيّة. التقيّة. الذبذبة في المواقف. التظاهر بما ليس في الإنسان. الاستعلاء. الغرور. التكبّر. شهادة الزور. خلق أسباب للخلاف بين البشر. الاعتماد على الدين كوسيلة تقييم للناس. اتّهام النّاس بما ليس فيهم. العنصرية الفكرية والقوميّة والدينية. الانغلاق الفكري. الاعتماد الكلّي على موروث ثقافي متخلّف غير قابل للحياة. حشر الدين في حياة البشر. التشفّي. البغضاء. ممارسة العنف بجميع أنواعه. الترهيب. خنق الحريات. تكفير الناس لاختلافنا معهم. التّشهير بالآخرين. الاعتداء على الغير. عدم احترام رأي الآخرين. رؤية عيوب الآخرين وغضّ الطرف عن أخطائنا والتي قد تكون أكبر من أغلاط الآخرين. التسرّع في إصدار الأحكام المُسبقة دون وجه حق. الادّعاء الكاذب. التمسكن لغاية التمكّن. الاستخفاف بالآخرين. استغباء الآخر. عدم المسامحة. الديّة (مال يُدفع لقاء هدر دم). محاربة الفكر التقدمي والوقوف في طريق التحرّر الفكري. الانتقام. الظلم. الصّلبطة على الآخرين. استغلال ضعف الآخرين. السّخرية من الآخر. التنمّر على الآخر. الابتزاز بكلّ أنواعه وأشكاله. تبرير الخطأ بدل نقده وتصويبه. خلق ممنوعات في الحياة تشلّ من حركة الفكر وتمنعه من التقدّم والتطوّر لمواكبة مسيرة الحياة وما يحصل فيها من تطورات وإنجازات علمية وحضارية وفكرية وعمرانية وثقافية ومخترعات جديدة الخ... اغتيال كلمة الحق. الخوف من قول الحقيقة. مسايرة الظالم وغيرها كثير جدًّا.
لكي نتمكّن من تحقيق توازن في حياتنا لمواكبة العصر بكلّ ما فيه, علينا أن نكون أحرارًا أولّا ثمّ نعمل بصدق وأمانة بعيدًا عن الخوف من أجل الوصول إلى الهدف المنشود والذي سيكون في نهاية المطاف عاملًا على رفع سويّة المجتمعات ليقودها إلى الخلاص من جميع هذه العلل الكثيرة وهي متأصلة في نفوسنا وأفكارنا, قد يكون من الصعب تحقيق ذلك على المدى القريب إلّا أنّ مواظبة العمل على ذلك ومن أجله فسوف يُسَرِّع من وتيرة الدينامو الفاعل بحياة الناس لنصل في أقرب وقت إلى المبتغى المرجو والأمل المنشود. إنّ الكثير من هذه الرؤى والأفكار والمعتقدات هي التي تقف حائلًا في طريق أيّ تطوّر وتقدّم في مجتمعاتنا وحياتنا. علينا أن نتمسّك بالجرأة على جانب المواظبة والاستمراريّة والأمر يحتاج لتضحيات كثيرة.
21-05-2019, 10:03 PM
معتقدات تُعكّر صفو الحياة بقلم/ فؤاد زاديكى
العرض العادي
