أهزوجة طيّارة طارت فالجوّ بقلم/ فؤاد زاديكى

[fouadzadieke]

أهزوجة طيّارة طارت فالجوّ

بقلم/ فؤاد زاديكى


من المؤكد أنّ الكثيرين منكم لا يزالون يذكرون هذه الأهزوجة الشعبية التي كنّا نردّدها كثيرًا حتى حفظناها غيبًا عن ظهر قلب من كثرة تَرديدنا لها, و كانت لأولّ مرة تظهر طائرة في سماء مدينة حلب بسورية قادمة من استانبول كان في سنة 1914 و للأسف فإنّ الفرحة لم تكتمل حيث سقطت الطائرة في سماء الأردن و صار ظهور تلك الطيّارة في سماء حلب مصدر إلهام لبعض الناس فتصوّر البعض حالات حب وعشق و لقاء حبيب له وكان من تلك بعضٌ مما دخل في الغزل الشعبي و منه:


طيارة اللي بالسما شباكها عالي‏
جيبوا أطباق الورد ليرتكي الغالي‏


وأيضاً :‏
طيارة اللي بالسما طيارها محمود‏
قتلتني بنت السيريس أم عيون السود‏


وأخرى تشتكي لعدم استطاعتها البوح بالحب فتقول :
طيارة اللي بالسما صفرا ودرجها نحاس‏
يا علة القلب الحب ما بنحكى للناس‏


كما تمّ ربط هذه الأهزوجة ببعض الأحداث الوطنية على مستوى القطر السوري وكذلك المصري بذكر اسم (إبراهيم هنانو) (1869ـ1935)
ولد في إحدى قرى ادلب (كفر تخاريم) في سوريا من أصل كردي
درس الحقوق في اسطنبول، وعمل فيها ثم في حلب كان أحد أعضاء الكتلة الوطنية وزعيم الكتلة في شمال سورية في 1932 انتخب زعيماً للكتلة الوطنية. أما جول الذي بالأهزوجة فهو (جول جمّال) الذي ولد في مدينة اللاذقية الساحلية في سوريا لأسرة مسيحية أرثودكسية في الأول من أبريل عام 1932 م وكان والده يعمل كطبيب بيطرى وقد شارك الوالد في المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا. استشهد في مصر حين كان طالبًا في الكليّة الحربية في يوم 4 (نوفمبر) تشرين الثاني عام 1956م إبان العدوان الثلاثي على مصر كردّ على تأميم قناة السويس بأمر من الرئيس المصري وقتذاك جمال عبد الناصر. ويُقال إنّه قام بتدمير البارجة الفرنسية (جان دارك) لكنّها ظهرت بعد أعوام في أحد الموانئ الفرنسية. وأمّا جمال فهو (جمال عبد الناصر) 15 يناير 1918 – 28 سبتمبر 1970) هو ثاني رؤساء مصر. تولى السلطة من سنة 1956 إلى وفاته.
لهذا تقول الأهزوجة:

طِيّارَة طارِتْ فِالجَوّْ
فيها عَسْكَرْ فيها ضَوّْ
فيها (إبراهيم هنانو)
راكِب عَلْضَهر حصانو
فيها (جول) و(جمالْ)
مِن أبطال القنالْ
يا فرَنْسَا يا بِنتْ الكَلبْ
مِينْ قَالِكْ تِيجي عالحَربْ
لَمّا شَفتي سوريّا
صِرْتي تِعوي مِتْلِلْ كَلبْ.

و أذكر تمامًا أنّنا لم نكن نردّد القسم الأخير من هذه الأنشودة بما يخصّ فرنسا و احتلالها لسوريا فعلى ما يبدو أُضيف إلى الأهزوجة بعد ذلك بوقت طويل, كما لاحظت أنّ هناك إضافات أخرى وبعض التحوير في هذه الأنشودة أذكر من هذه الإضافات:

طياره طارت في الجو
فيها عسكر فيها ضو
فيها أربع حمامات
وحده تصلي وحده تصوم
وحده عضاها السمسوم
ووحده تنادي ام قسوم.


وهذا التحوير والإضافة وجدتها هي الأخرى موجودة:


طيارة طارت في الجو فيها 3 عصافير وحده تصلي وحده تصوم وحده تدعى للرسول
وكذلك أيضًا:


"طيارة طارت في الجو فيها عسكر فيها ضو، فيها ابراهيم هنانو مركب مرتو قدامو"
كما هذه أيضًا:


" طيارة طارت في الجو/فيها عسكر فيها ضو/ فيها إبراهيم هنانو/مركّب ابنو قدامو ".
على العموم فإنّ مثل تلك الأهازيج و الطقطوقات الشعبية كانت لها حلاوة, لأنّها نابعة من مشاعر الناس وهي تعبّر عن واقع مُعاش حيث كان الشعور بالانتماء للوطن في أروع حالاته و أصفى صوره وأرقى معانيه دون أيّة رتوش أو معكّر لصفاء و صفو مفهوم كلمة الوطن و معنى الانتماء للوطن, لقد صارت المتاجرة باسم الوطن في هذه الأيام تجارة مُربحة لكنّها ستظلّ مقيتة و مشوّهة لمفهوم المواطنة في بلدنا الحبيب سوريا.