Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > منتدى المناسبات > قدّموا تعازيكم في مناسبات الأحزان

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2009, 07:55 PM
صدى السنين صدى السنين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 112
افتراضي وترجٌل فارس اخر بقلم الاب يوسف البناء

وترجل فارس آخر

أبروهوم نورو .. إسمٌ .. عَلمٌ .. جبل شامخٌ .. عبقريٌ .. مفكرٌ .. عاشقٌ .. جنديٌ مجهول .... قل فيه ما شئت، وصنّفه كما اشتهيت، فهو يطابق كل الصفات، ويتناسق اسمه مع كل المسميات والتصنيفات في عالم السريانية الواسع الشاسع بين اللغات.
عرفته في نهاية الستينات من القرن العشرين، يوم حل ضيفاً مكرماً على أبرشية الموصل السريانية ومعه كتابه (جولتي) الذي كان قد صدر ونشر حينها، ونظرت في عينيه الصغيرتين أبحث عن شيءٍ يدلني إلى فحوى ما يحويه ذلك الجسد النحيف من كنوز، وراقبت شفتيه لألتقط ما تُخرجُ بأحرفِ الـ "اولف بية .." من عبر ودروس، وهالني ما وجدتُ:
ففي عينيه بريقٌ يشع بالقوة والثقة والإصرار على نصرة لغة المسيح وأهلها، ومن بين شفتيه تنساب دررٌ موسيقية النبرات، عذبة الألحان، بسلمها الموسيقي ومفاتيحه السداسية الحسناوات :
ابجد ؤوز حطي كلمن سعفأ قرشة
هنّ الحسناوات الحبيبات اللاتي بذل أبروهوم نورو كل ما يستطيع في خدمتهنّ ومناغاتهنّ وإعلاء شانهنّ بين الحضارات في عالم اليوم وعولمته الطاغية.
وأنا أنظر إليه، سبقتني دخائلي معبرة عن المشاعر الجياشة تجاه هذا الإنسان (الذي يستحق حقا لقب إنسان)، فتسارع القلب بنبضاته صارخاً: أحبك يا أبروهوم نورو، أحبك .. أحب وداعتك وغيرتك وإصرارك وسريانيتك .. فذلك هو أنت: وداعة اجتماعية وغيرة وقادة وإصرارٌ جهادي في سبيل السريانية.
وتحسرت .. تحسرت .. إذ كم كنت سأسعد لو استطعت أن أضمّ هذا الرهاوي العاشق والمجاهد الملهم بين ضلوعي متناغياً معه بالسريانية، لغة السيد الحبيب، لغة الأجداد، التي لم تتح لنا الفرصة في الموصل أن نتقنها ونتخذها عصب حياة لنا كما كان يجب أن تكون، فأبرشية الموصل، عروس أبرشيات المشرق السريانية، لطالما افتقرت إلى الغيرة السريانية الصادقة، ولطالما افتقرت لمعلمي هذه اللغة السماوية منذ غادرها الخالدين نعمة الله دنو وبولس بهنام.
ماذا أقول فيك يا ابروهوم نورو وقد جاء دورك بين الفرسان السريان الشجعان لتترجل، وشمس عمرك المعطاء قد غابت !!
أبروهوم نورو : أحد الشخصيات الإبداعية السريانية الفذة، ممن أفرزتهم بل فرضتهم ظروف صعبة وتجارب قاسية ألمت بالكنيسة السريانية، وباللغة السريانية، وبالأمة السريانية، يوم ذبح الألوف وشرّد مثلهم وهجّروا من أرضهم وديارهم، وأجبر البعض منهم على ترك مبادئهم الدينية وتراثهم السرياني في الهجمة الشرسة التي عمل مخططوها على إفراغ المناطق الجغرافية السريانية من أبنائها لطمر حضارتهم وتراثهم ولغتهم ومبادئهم، فانتفض الغيارى من السريان كرد فعل لذلك، يكافحون مجاهدين بكل عزيمة وإصرار، وغايتهم نصرة السريانية والكنيسة والأمة؛ كيف لا وهو ذلك الرهاوي الأصيل الذي يمثل صرخة الرهاويين الأبطال وهم يتنازلون عن انتمائهم للأرض التي أحبوها وصروحها الدينية والثقافية والتراثية التي أجبروا على تركها والنزوح إلى حلب سنة 1924م. ليتمسكوا بانتماءهم الأيماني والسرياني في المناطق الجديدة التي سكنوها، وكعربون لذلك، اطلقوا عليها تسمية : حي السريان في حلب.
أبروهوم نورو : جسد ضعيف البنية، قويٌ الإرادة وصلب الهمة، بحمله كنوز التراث السرياني وعشق اللغة السريانية الحبيبة، ومحبة أبناء السريان بأبعد المديات؛ فهو مطرقة احتجاج على ما وصلت إليه اللغة السريانية بلهجاتها الفصحى الأصيلة من تراجع، إذ أصبحت في الغالب مقتصرة على الكتب الطقسية والمخطوطات التراثية، بينما حلت محلها وفي مناطق تواجدها وربوعها الأصيلة، لغات ولهجات غريبة، أو شوهت بلهجات محكية محلية امتزجت بمفردات دخيلة من لغات أخرى، يتباهى بها مروجوها دون السريانية الأصيلة.
أبروهوم نورو : عذب الخصال، لطيف المعشر، حلو المنال، يناغي أحرف الـ "اولف بية .." النورانية بكل دلال، عصاميّ رحّال، يقتحم المفردات السريانية في كل مجال، وكأنه يجمع لآلئ آرام على شواطئ محيطات التراث الحضاري، يلتقطها من بين الرمال، ليظهر للمجتمع ما تحويه من غذاء روحي وثقافي، ومن حكمةً ووهجٍ وجمال، يقدمها لكل متابع ولهانٍ، قلائد بكرم الرجال.
أبروهوم نورو : امتدادٌ أصيل لجحافل سريانية مقدسة، شهدت وتشهد للمسيح ولغته السريانية المقدسة، منهم من شهد بالكلمة، ومنهم من شهد بالدم ببهجة وفرح روحي، وكأنهم في عرسٍ روحي زغاريده آلامٌ وسيوفٌ وجراحاتٌ وشجن، لتسمو تطلعاتهم ونفوسهم فوق الذات والأنا، نحو الأقدس والأسمى دائماً، كنيسة المسيح ولغتها السريانية المقدسة.
ابروهوم نورو لم يمت، فهو خالدٌ في قلوب كل عشاق السريانية، وهو حاضر في كل صلاة يقيمها مؤمن باللغة السريانية، وفي كل مهرجانٍ واحتفال عن السريانية.
أبروهوم نورو لم يمت طالما تزينت مرابع آرام بأسود سريان من علماء وآباء وخدام، وطالما كان في العرين السرياني أشبالٌ يسيرون على
الدرب، ويتفننون في سبر غور "الأبجد هوّز" السرياني بكل عزمٍ وحبٍّ واحترام.
إلى رحمة الله يا ينبوع آرام العذب، وسيبقى اسمك واجتهادك في حقل السريانية نوراً خالداً يضيء الطريق للنفوس السالكة على خطى الأمجاد، وستبقى الحناجر تقتدي بك وهو تنطق بلغة المسيح وتردد ذات الأحرف التي بشّر بها بالملكوت على الأرض، وبها وعظ وعلّم الأمثال والدروس، وبها على الصليب نادى الآب السماوي وفتح الفردوس.

القس د. يوسف البناء
كاتدرائية مار أفرام في الموصل
15/1/2009م.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-01-2009, 10:43 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي

اقتباس:
عصاميّ رحّال، يقتحم المفردات السريانية في كل مجال، وكأنه يجمع لآلئ آرام على شواطئ محيطات التراث الحضاري، يلتقطها من بين الرمال، ليظهر للمجتمع ما تحويه من غذاء روحي وثقافي، ومن حكمةً ووهجٍ وجمال، يقدمها لكل متابع ولهانٍ، قلائد بكرم الرجال.

بارخمور أبونا الفاضل القس الدكتور يوسف البناء. إني أقف اليوم أمام قامة من قامات الفكر و الأدب, أمام شخصية تملك مفتاح التحكم في نبض الحرف و تشوقه إلى حيث يلزم من التعبير البليغ و الرشاقة الأدبية الجميلة. يسعدني يا أبي يوسف أن أقبل يديك الكريمتين و أن أقف في محراب صاحب قلم لامع يخترق آفاق الرؤية الواقعية اللامعة ليقتنص لنا من دررها الثمينة و يتوج صدورنا بوسام إبداع لا يمكنك إلا أن تقف أمامه و أنت تشعر بكبر مقامه و جلال قيمته. إن تعطيركم صفحتي أيها الأب الفاضل لهو أعظم شرف لي و سيكون كذلك لجميع أعضاء و زوار المنتديات. لقد أسعدت نفسي بهذه البلاغة و انتشعت قريحة شغفي و أنا كفراشة حائرة تطير من زهرة إلى أخرى من روض أديب بارع لتمتص رحيق عطاء عذب. الرب يباركك يا أبانا الفاضل الدكتور يوسف البناء و الشكر العميق لأختنا الأديبة سعاد البناء التي زادت علينا كرما فوق كرم بأنها تتحفنا في كل يوم بدفع معنوي و بتقوية بليغة ليتم رفع مستوى منتدياتنا شكرا لكما يا أبانا و أختنا الغالية و المحبة سعاد. أما عن فارسنا الذي ترجل فإن بلاغة أديبنا الدكتور بهذا التعبير المنعش و هذا الوصف البليغ اللامع لم يترك لمثلنا مجالا لأن نضيف عليها شيئاً و هو أجدر بذلك فقد عرف الراحل عن قرب و التقى به.و كأقل تقدير واجب علي هو أن أقوم بتثبيت هذا المقال التأبيني لأنه جدير و يستحق كل ثناء لو سمح لنا بهذا كهنوتُ أبينا الفاضل أطال الرب يسوع في عمره ليتحفنا بالمزيد و ليستمر في خدمة أمتنا السريانية و كنيستنا في الموصل.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 22-01-2009 الساعة 09:05 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-01-2009, 10:08 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

بارخمور أبونا القس الرائع يوسف البناء
إنه لشرف كبير أن تنور كتاباتك البليغة والراقية للكتابة عن الملفونو الكبير أبروهوم نورو المفكر السرياني والمعلم العلامة
واسمه كتب في خارطة الزمن السرياني كلمات الشكر لاتكفينا
لنعبر عن مدى إعجابنا وتقديرنا لك كعلم من أعلام الأدب
ألف شكر وتقدير لكتابتك في هذا المنتدى المتواضع ونشكر الغالية سعاد لنشاطها المميز وهي التي شرفتنا بمعرفتك ...
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:00 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke