Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الثقافي > المنبر الحر ومنبر الأقليات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-08-2014, 03:58 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,743
افتراضي الازدواجية في الذهنية الدينية ... الموقف من نوال السعداوي حسن محسن رمضان

الازدواجية في الذهنية الدينية ... الموقف من نوال السعداوي
حسن محسن رمضان
منذ فترة زمنية ليست بالبعيدة، وفي حوار مع بعض الزملاء والمعارف والأصدقاء الذين ينتمون إلى خلفيات فكرية وعقائدية مختلفة، جاء ذكر الكاتبة المصرية المميزة نوال السعداوي. ما فاجأني في ذلك الحوار هو أن التركيز في رفض أفكار نوال السعداوي الذي تولاه بعض المنتمين للتيار الديني جاء شاملاً لمظهرها الخارجي ليستقرئوا منه، ويال العجب والغرابة، مدى (رضى الله من عدمه). بالطبع هم قد أضافوا اعتقادهم بأن الكاتبة نوال السعداوي كانت تمارس شتم الإسلام والمسلمين تحت مسمى (النقد)، ولذلك فإن أفكارها وكتاباتها لا يجب أن تُقرأ أصلاً أو حتى أن يُتصدى لها بالرد أو التفنيد. فكأن المظهر الخارجي، عند هؤلاء البعض القليل، وما اعتقدوه مِنْ أن النقد كان يساوى الشتيمة، كان مدخلاً أساسياً عندهم لرفض الفكر والرأي. لكن هذا بدوره ذكّرني بمداخلة كنت قد كتبتها منذ سنوات في أحد المواقع الإلكترونية الكويتية تحت اسم (فرناس)، الاسم الذي استخدمه في مدونتي الإلكترونية، في موضوع تطرق لحالة مشابهة. فطلبت من أحد الأصدقاء الأعزاء ممن يتابع هذه المواقع ويحتفظ على جهاز حاسوبه بأجزاء كثيرة من مداخلات ومواضيع هذه المواقع الكويتية كجزء من عمل بحثي شامل سوف يظهر على شكل كتاب أن يبحث عن هذه المداخلة متى ما استطاع ذلك ووجد وقتاً. وبالفعل، وجد المداخلة. فله مني جزيل الشكر والامتنان. أدناه هي مداخلة لي في ذلك الموقع الالكتروني عن حالة الازدواجية في الذهنية الإسلامية مع تعديلات وتنقيحات جذرية أضفتها لتلائم الوضع الراهن:

تكمن مشكلة ثقافتنا من الأساس في تبني معايير مزدوجة للحكم على الأشياء. فما يجوز لنا، كمسلمين (أو في الحالة العامة: كمنتمين لدين محدد أو سياق فكري معين)، لا يجوز للآخرين المختلفين عنا بتاتاً ولا نقبل به. وما يجوز أن نفعله بالآخرين تحت حجج وأوهام وادعاءات مختلفة، لا يجوز مطلقـاً أن يفعله الآخرون بنا. فحكمنا على الأشياء ينطلق أساساً من تبني نظرة أحادية فردية لا ترى في الآخر المختلف عنا إلا مادة للمحاكمة أو التحقير، لا أكثر من هذا ولا أقل. بل حتى الوضع السياسي العربي الراهن، عند التمعن في أحداث السنوات القليلة الأخيرة الماضية فقط، تعطينا براهين متعددة على هذه المعايير المزدوجة للحكم على الأشياء ليس فقط عند التوجهات الإسلامية أو الدينية بشكل عام، ولكن أيضاً عند التوجهات التي تدّعي الليبرالية وتدافع عن الدستور العلماني ومعايير النقد والحريات والديموقراطية. فالجميع يدّعي أنه يمتلك الحقيقة، وحده دون غيره، والجميع يبدو واضحاً للمراقب من الخارج بأنه صاحب معايير مزدوجة يتقلب فيها تائهاً بين أقصى اليسار إلى أقصى اليمين على حسب (أشخاص) الموضوع وليس جوهر الموضوع والقضية.

ومن هذا المنطلق، منطلق القناعة بامتلاك الحقيقة النهائية المطلقة، نمارس نحن المسلمون تلك الفوقية التي لا تستند إلى إي محتوى حقيقي أو جوهر راسخ على أفكار الآخرين وقناعاتهم وأعمالهم وربما إبداعاتهم. ومن تلك الفوقية نمارس تلك الازدواجية التي تفضحها سيل الادعاءات الفارغة والممارسات الممجوجة لجماعات الإسلام السياسي. فمثلاً عندما نعترض ونسفّه جميع مساهمات وفكر امرأة لأنها كتبت ما يعتبره البعض "شتماً" للمسلمين في جزئية من الجزئيات، نتناسى في نفس الوقت، عن عمد وعن سبق إصرار وترصد، قول الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق لبديل بن ورقاء: "أعضض ببظـ(…) أمك، أنحن نسلمه؟"، وقال مرة أخرى لعروة بن مسعود: "أمصص ببظـ(…) اللات". ونتناسى أيضاً عن سبق إصرار وترصد قول الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: "يا عاض أيـ(…) أبيه"، وهذا نقل مباشر من كتب تاريخ وتفسير أهل السُنة، أما أهل الشيعة فيتناسون أيضاً عن سبق إصرار وترصد قول الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب: "من يطل أيـ(…) أبيه يتمنطق به"، وقول حمزة بن عبد المطلب " وأنتَ يا ابن مقطّعة البظـ(...) مِمَّن يُكثّر علينا!". فإذا كان كل هذا ليس بشتيمة ولا يشمله المعيار الأخلاقي للإبداع من وجهة النظر الإسلامية، وإذا كان كل هذا له عذر ولا يؤثر على الناتج الإبداعي لأشخاصها من وجهة نظر المسلمين، فما بالنا نعترض على امرأة، الكاتبة نوال السعداوي، اعتبرها البعض أنها "شتمت" [الحقيقة هي انتقدت] المسلمين ونغضُّ النظر تماماً عما تميزت به [على الأقل هي متميزة عند البعض] من أفكار ورؤى ونقد؟!

بالطبع، الشتائم والاتهامات المجردة من الدليل مكانها الصحيح لأخذ الحقوق هو دور القضاء والمحاكم التي لا تتأثر بالمناخ الديني الأحادي. حقيقة متحضرة متمدنة بسيطة يرفض أن يقر لها البعض بالصحة والعدالة لأنها لا تخدم تناقضاتهم الفكرية والمبدأية. فكل شيء، على الحقيقة، عندهم متناقض. فما لا يجوز إطلاقاً لـ "تسليمة نسرين" و "نوال السعداوي" و "حيدر حيدر" و "سيد القمني" مثلاً، يجوز مثله تماماً وأكثر منه بكثير جداً لمشائخ الفضائيات وكوادر الأحزاب الدينية، هذا مع العلم أن الممارسة عند الأربعة الأوائل هي أرقى بكثير وأشد عقلانية من الممارسة والمفردات عند هؤلاء المشايخ والكوادر. لكننا نجد أن السياق الديني يقبل من هؤلاء المشايخ والكوادر ما رفضوه هناك وبالغوا جداً في استنكاره، بل إنهم يختلقون الأعذار والفتاوى ليدافعوا عنه. ولكن، وعلى كل الأحوال، المبدأ يبقى أن الناتج الإبداعي في أحيان كثيرة هو بمعزل عن المعيار الأخلاقي الذي يتبناه أي مُبدع. فـ (جان جاك روسو) مثلاً، ومع التنبيه والتشديد على الفارق الشاسع بين هذا العظيم وبين مَن نراهم على الساحة المحلية العربية، هو في رأي البعض "فاسد أخلاقياً"، لكن الجميع يعترف له بمساهماته العظيمة في الفكر السياسي والمدني المعاصريَن. فلا شأن أصلاً، أو في أغلب الأحيان على الأقل، بين المعيار الأخلاقي للفرد وبين نتاجه الإبداعي. كما أن الإبداع، في جوانب متعددة، يخضع بالدرجة الأولى لوجهة نظر من يؤمن بفكر أو مجال جهد هذا المُبدع. فمثلاً بيتهوفن أو موتزرات هما مبدعان عند كل العالم بلا استثناء إلا عند السلفيين وبعض أطياف الشيعة، لأن الموسيقى عندهم حرام. والشيخ ابن باز هو مبدع عند السلفيين، ولكنه يحتل مراكز أخرى ضمن تصنيفات أخرى عند سواهم. وكذلك الإمام الخميني، ولجنة الإفتاء في السعودية، وغيرهم كثير، هم مبدعين بين أطيافهم فقط، أما عند الآخرين غير المنتمين لسياقهم الفكري العام قد يكون الأمر مختلف تماماً إلى درجة أن مجلة Foreign Policy الشهيرة نشرت مقالاً بعنوان ذو مغزى عن هؤلاء: (The List: The World s Stupidest Fatwas). فالإبداع هو وجهة نظر شخصية لمن يهتم بفكر معين أو توجه معين أو مجال معين، وليس شرطاً أن يقر له الآخرون بذلك.

وضمن هذا التناقض وهذه الازدواجية ألمحَ البعض إلى مظهر الكاتبة المميزة نوال السعداوي في اعتراضاته على فكر وإسلوب كتاباتها. هذا الاعتراض في الحقيقة أجده غريباً، ليس لأنه اعتراض على خلقة الخالق جل شأنه، وأنه أتى ممن يدّعون التدين والديانة، فنحن في بلاد العجائب وخصوصاً ممن يدعي الالتزام الديني، ولكن لأنه لو قررنا أن نعقد مسابقة لمعايير الجمال بين الفاضلة نوال السعداوي وبين بعض شيوخ السلفيين السعوديين أو بعض مراجع الشيعة، لفازت الفاضلة نوال السعداوي بالمراكز التسعة والتسعين الأولى وحدها، ثم نافستهم على المركز الأخير المتبقى منافسة شديدة.

وقد آن الآوان لهذه الأمة أن ترتقي في حواراتها ونقدها وتفاعلاتها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke