صرخةُ قلمٍ
بقلم فؤاد زاديكى
(النّصّ الثّاني)
في زَاوِيَةٍ مُظْلِمَةٍ مِنْ غُرْفَتِي، وَضَعْتُ قَلَمِي عَلَى الْوَرَقِ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ مَكْبُوتٍ يَطْلُبُ الْحُرِّيَّةَ. كَانَ قَلَمِي مُثْقَلًا بِالأَفْكَارِ وَ الْمَشَاعِرِ، وَ لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ عَلَى حَبْسِهَا بَيْنَ سُطُورِ صَمْتِهِ. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَدْرَكْتُ أَنَّ لِلْقَلَمِ حَقَّ الْبَوْحِ كَمَا لِلْإِنْسَانِ حَقَّ الْكَلَامِ. كَانَتْ صَرْخَتُهُ لَيْسَتْ مَجَرَّدَ حِبْرٍ عَلَى وَرَقٍ، بَلْ هِيَ نِدَاءٌ لِكُلِّ قَلْبٍ يَحْتَفِظُ بِمَا يُثْقِلُهُ. أَخَذْتُ أَكْتُبُ مَا يُمْلِيهِ عَلَيَّ قَلَمِي، فَانْسَابَتِ الْكَلِمَاتُ كَنَهْرٍ جَارٍ، تُرَوِّي ظَمَأَ الْأَفْكَارِ. فَكُلُّ صَرْخَةِ قَلَمٍ هِيَ رِسَالَةٌ مَكْتُوبَةٌ بِالْأَحْلَامِ وَ الْخَيَالِ، تَبْحَثُ عَنْ مَنْ يُصْغِي إِلَيْهَا. قَدْ تَكُونُ الصَّرْخَةُ أَلَمًا، أَوْ أَمَلًا، أَوْ رَغْبَةً فِي التَّغْيِيرِ. لَكِنْ فِي النِّهَايَةِ، هِيَ حَقِيقَةٌ تَسْعَى لِلْخُرُوجِ إِلَى النُّورِ، وَ تُحَرِّكُ الْقُلُوبَ وَ الْعُقُولَ.
المانيا في ٢٢ آب ٢٤