Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
التوهان له أعوان 3 بقلم: فؤاد زاديكه
التوهان له أعوان 3 تعقيب على موضوع الزميل صبرييوسف بعنوان" التوهان" كثيرةٌ هي الأسئلة المنطقية التي طرحتها يا صديقي من خلال هذا السرد, الذي غلب عليه طابع الحزن (و أعتقد أن الحق كلّ الحق معك في أن تكون حزيناً) المكبّل بالحيرة, التي آلمها و يؤلمها الضياع الذي هو عليه شعبنا و التوهان الذي يعاني منه و صار عنواناً له. كما أنّ هناك أسئلة أخرى كثيرة يمكن لنا أن نطرحها, و تساؤلات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام دون الوقوف عندها بجرأة و شجاعة و مواجهة نعلن من خلالها أماكن الضعف و الفشل و نشير إليها دون خجل أو خوف لكي نتمكن من وضع الحلول المنطقية و المعقولة و السليمة و الناجعة ليزول هذا التردي في وضعنا. دعك من الآشوري و الكلداني و السرياني كتسميات مزّقت شعبنا الواحد و فرّقت أبناءه و مزّقت صفوفه و دمّرت وحدته و هلكت حاضر و مستقبل هذه القوميات بتسمياتها المعروفة اليوم, فجرّت عليها الوبال و حملت إليها الويلات التي لا خلاص منها و لا نهاية لها أو زوال. أقول أنظر إلى كنيستنا السريانيّة الأرثوذكسية على ما هي عليه اليوم كمثال حيّ فهل أوضاعها بخير؟ و هل الشعب راض منها و عليها؟ أم أن هناك أي اهتمام جدي من قبل قياداتنا الروحية بهذا الشعب لمحاولة فهم مشاكله, و من ثم العمل على حلها؟ هل ترى بأن قياداتنا الروحية بخير؟ أعتقد أننا سنكون مخطئين, و مخطئين جدا عندما نقول بأن قياداتنا الروحية هي بخير و أنها تقوم بما يتوجب عليها تجاه أبنائها في مختلف الأبرشيات سواء في سورية أو غيرها من بلدان المهجر, فالواقع يقول غير ذلك و الأمور الحاصلة و الجارية على الأرض تحدّث بغير هذا التصور الجميل الذي يمكن أن نحلم به أو نطمئن له. إنّ الكنيسة بأبرشياتها صارت تتبع بيوتات و عوائل و عشائر و قرى و غير ذلك من السلوكيات و الممارسات الضيقة التي خنقت كل روح للفكر الحر و قتلت كل رغبة في التطوير و التجديد, لكي تبقى الأمور على ما هي عليه إلى أبد الآبدين, و كل مؤسسة مهما كانت دينية أم غير دينية متى لا تسعى إلى تطوير ذاتها و إلى الاعتماد على أصحاب الخبرات و العلم و المعرفة فإنها ستبقى متخلفة تدور في حلقة مفرغة و ستزداد مشاكلها و تتآكل من الداخل فتُشلّ إرادتها و يقضى عليها. ففي أبناء شعب البلدة الواحدة يظهر أكثر من تيّار انقسامي قد يصل أحيانا إلى مرحلة العداء و التقاتل و هو ما ينعكس سلبا على الكنيسة ككل و قد رأينا ذلك في بعض كنائسنا في السويد و غيرها و في بعض أبرشياتنا في أمريكا و الأرجنتين و غيرها و غيرها. إن هذه التصرفات و هذه الروحية لا تدل أبدا على محبة و لا على أي روح مسئولة أو شعور بالغيرة الحقيقية على المصلحة العامة, بل تدل على انحلال و ضيق أفق و على تفضيل المصالح الشخصية و الفئوية على مصلحة الكنيسة العامة. عقد مؤتمر كنسي عام لكنيستنا و أرسلت مئات البرقيات و الفاكسات و الرسائل التي تدعو إلى وجوب تطوير مؤسسات الكنيسة و إلى ضرورة الاعتماد على الكوادر المثقفة و المتعلمة و الواعية و على ضرورة فتح آفاق جديدة مستقبلية لكنيستنا فهل كانت هناك دعوات استجابة لأي من تلك المقترحات؟ هل لسنا من أبناء هذه الكنيسة؟ هل لا تهمنا مصلحة الكنيسة؟ هل تخشى الكنيسة على نفسها من التطور و التقدم و مواكبة العصر الحاضر و هو عصر العلمنة و الإنترنت؟ هل الكنيسة هي فقط لرجال الدين يتصرفون كما يحلو لهم فيقررون بعيدا عن آراء و تجاوب و موافقة الشعب؟ ثم هل يمكن أن تكون هناك كنيسة بدون شعب؟ أجل هناك تيارات كثيرة مختلفة و متعارضة فيما بينها بين أبناء البلدة الواحدة تدفعهم إلى ذلك حالة المصالح الشخصية و الرغبة في الظهور و السيطرة و التسلط. هذا ما يجري اليوم على الساحة في كنيستنا و لن تكون قنواتنا الفضائية و مؤسساتنا الإعلامية إلا نتيجة ولادة حتمية تنبعث من رحم هذا الصراع و هذا يعني أنها ستكون ناقصة و مشوهة و مشلولة الفكر و اللسان و الرأي و من ثم الإرادة. فما بالك بجميع هذه التسميات المتعددة التي ذكرناها؟ على جميع هذه التسميات أن تفهم ما يدور حولها و ما يتهدد مصيرها و وجودها فتسعى سعيا جادا و جهيدا لتجاوز عقبات هذه الفرقة و التفرقة و لن يتم ذلك إلا بكثير من التضحية. أتمنى ألا تصاب بالإحباط يا عزيزي صبري متى أقول لك بأنك إنما تطلب المستحيل, كما أن دعوة المحبة هذه التي أوجهها اليوم إلى جميع أعضاء و أبناء هذه التسميات الثلاث ( الآشورية و الكلدانية و السريانية) سيكون تحقيقها مستحيلا و لن يكون هذا النداء مني سوى النفخ في قربة مشقوقة, و أقول بصدق و إخلاص أن الذي يمكن أن يجعلنا نتدارك مخاطر التوهان و نستطيع السير على الطريق المضمون الذي يوصل إلى الهدف قد ينفعه لو تم أخذ هذه الرجاءات مني و هذه التمنيات على محمل الجد لأني بالنهاية أحد ابناء واحدة من هذه التسميات يهمني أن تكون أحوال أمتنا السريانية الواحدة بكل شعوبها قوية و بخير, أما تمنياتي و رأيي يتمثل في الأمور التالية: · وجوب الشعور بالغيرة الحقيقية على المصلحة العامة و العمل الجاد من أجل الوصول إلى الطموح المرجو من هذه الغيرة. · التخلّي التامّ و النهائي (مهما تكن الدواعي و الأسباب) عن الأنانيات الضيقة و آفاق المصالح الفئوية و العشائرية و الشخصية. · التضحية و التنازل عن أمور لا تهمّ كثيرا و قد تكون عائقا في سبيل تحقيق هذه الوحدة بين أبناء شعوبنا السريانية الواحدة في الأصول و المتعددة في الفروع. · النيّة الطيّبة النابعة من محبة المسيح و كنيسته و السير على خطاه في قبول التضحية و سيكون لنا فيها المنقذ على ما أظن. · وضع مصلحة شعوب هذه الأمّة في المقام الأول قبل مصلحة قادتها الدينيين الذي يفضلون البقاء في كراسيهم دون التقدم خطوة عملية واحدة علما أننا نسمع الكثير, الكثير و لكن ليس هناك طحن يظهر بل جعجعة و أقوال لا تقدم و لا تؤخر. · العمل الدءوب و الجاد و المنتج, الذي يحقق النجاح بزوال كل اللبس و جميع العلل و يبدّد كل المخاوف التي من شأنها أن تقف حائلا أمام تحقيق هذا الطموح العظيم و النبيل. · تقديم أولويّات السماء على أولويات الأرض و على مصالح الدنيا الأرضية التي لا تنتهي إلا بزوال الحياة من عليها. · السّعي إلى إزالة جميع الفوارق و الدعوة إلى وحدة في العمل المشترك الذي يقدّم و لا يؤخّر. · الاهتمام بالفكر العلماني و الاعتماد على أصحاب الكفاءة و الخبرات و العلوم من أبناء هذه الأمة و إدخالهم عمليا في صلب حركة التغيير و الحوار لأنهم الأكثر وعيا و مقدرة على فهم التطور و التعامل معه, كما أنهم الأفضل رؤية و ثوابت بهدي و إرشاد و مباركة القيادات الروحية الواعية و المنفتحة و المتفهمة لمجمل العملية. · التخلّي عن أسلوب الفوقية في القرار و إشراك القاعدة الشعبية في القرار لأنه بالنهاية هو من أجل القاعدة قبل أن يكون من أجل القمة, و يتم هذا من خلال الالتزام الحرّ و الواعي و الانفتاح المتفهّم لكل القرارات و قبول مناقشتها متى كان فيها غموض أو لبس أو عدم منطقية معقولة أو لا تنسجم مع الواقع الحياتي و مع مصلحة أبناء هذه الكنيسة. أرجو أن أكون وضّحت المعنى من هذا التوهان و أظهرت مخاطره و أشرت إلى ما يمكن الاستفادة منه, ليعم الخير على أبناء شعوبنا السريانية و هم أبناء أمة عريقة كانت لها صولات و جولات في مختلف مجالات العلوم و الثقافة و الفنون و اللغة و الطب. و لكي نفخر بأن نكون أحفاد مثل هؤلاء علينا أن نضحي و نتغلب على مشاكلنا و نتجاوز خلافاتنا و نوحّد صفوفنا فالمخاطر كثيرة و الضعفاء لن يكون بمقدورهم الحياة و لا مواكبة العصر. فضائياتنا و إعلامنا و مواقعنا على الانترنت يجب أن تسعى إلى مواكبة التطور الحاصل و أن تعمل على تشجيع فكرة الوحدة و الدعوة إليها و ألا تعمل بأي شكل من الأشكال على تعميق الفرقة و شرذمة الصفوف فنحن شعب مغضوب عليه من أعداء يتربصون لنا بالشر و يخططون للقضاء على مرتكزات وجودنا و يهددون مصيرنا و متى كنا أقوياء استطعنا مقاومتهم و التغلب عليهم و متى كنا متفرقين فلن نقوى على ذلك لأننا سنكون ضعفاء يرثى لحالنا و سيكون مصيرنا الفشل و الخيبة و العار و الموت الأدبي و الثقافي و الروحي و الديني.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|