Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
كلمةُ حقٍّ لِلحَقّ بقلم/ فؤاد زاديكى
كلمةُ حقٍّ لِلحَقّ بقلم/ فؤاد زاديكى
غريبٌ هوَ أمرُ عُشّاقِ السّلطة و النّفوذ, والالتصاق بالكراسيّ, فهم يُريدونَ الاستئثارَ بالحكم بشتّى الوسائل و السّبل, من أجل تحقيق طموحهم الشّخصيّ ورغبتهم المستميتة بالوصول إلى السّلطة بأيّ ثمن كان, حتّى ولو كان ذلك على حسابِ دماء تسيلُ في الشّوارع أو سجون تمتلئ بأصحابِ الفكر الحرّ من المعارضين والذين يخالفونهم الرأي. إنّها لعنةٌ حلّتْ على شعوب المجتمعات العربيّة والإسلاميّة عمومًا, منذ قرونٍ كثيرةٍ فإن الاستقتال من أجل السّيطرة تسقط أمامهُ كلُّ القيمِ الإنسانيّة وحقوق الإنسان ومبادئ الحريّة و الديمقراطية و العدالة الاجتماعيّة والمساواة, والأسوأ من كلّ هذا وذاك أنّ هؤلاء المَرضى والمهووسين بكراسي الحكم يتحدّثون باسم الشّعب, ويتحذلقون بالحديث عن الحرّيّات وعن الديمقراطيّة وعن مصلحة الوطن و هموم المواطن وهُمْ لا هَمَّ لهم غيرُ الوصول إلى السّلطة والبقاء في الحكم إلى أبد الآبدين. يدينون أشخاصًا مثل هتلر وموسوليني وستالين و تشرشل وغيرهم في وقت أنّهم ليسوا بأفضل من هؤلاء بل قد يفوقونهم إجرامًا و ظلمًا وتعسّفًا وقهرًا لشعوبهم, إنّ تعبير (الحركة التّصحيحيّة) سمعنا به منذ زمنٍ بعيد حين قام حافظ الأسد بانقلابه العسكريّ على السّلطة الشّرعيّة في عام 1970 فعزل بذلك القيادة المدنيّة وسجن مَنْ سجَن ونفى مَنْ نفى واغتالَ مَن اغتال وغيره قاموا من قبله و من بعده بانقلابات عسكريّة في دول مختلفة ليفرضوا حالة الطوارئ ويقوموا بحكم تعسّفي غير قانوني. اليوم يطلع علينا (عبد الفتّاح البرهان) في السودان بانقلاب على الاتفاق الذي كان متّفقًا عليه مع قوى الحريّة و التغيير ليتحدّث بنفس اللهجة و الأسلوب إنّه يقوم (بحركة تصحيحيّة) لمسار الثّورة علمًا أنّه وفي واقع الأمر ينقلب انقلابًا كاملًا على جميع الاتفاقات و على الحكومة المدنيّة لكونه القائد العسكري, أطاح بكلّ رموز هذه السّلطة المدنيّة واعتقل قادة الأحزاب وعفى جميع الولاة من مناصبهم, ووضع رئيس الحكومة (حمدوك) ووزرائه قيد الإقامة الجبريّة بعدما رفض (حمدوك) إعطاء الضوء الأخضر لهذا الانقلاب قبل حدوثه ليصبح شرعيًّا, إذ لم يوافق على مطالب (عبد الفتّاح البرهان) رئيس مجلس السّيادة. إنّ هذا الانقلاب الذي يقوده (البرهان) ليس بأفضل من انقلاب (محمد حسن البشير) الذي يدّعي أنّه يقوم بتصفية مراكز القوى لنظام البشير. إنّ لعنةَ حبّ السّلطة وشهوتها تلاحقُ الدّول العربيّة ليصبح مفهومًا سائدًا معمولًا به, إذ من المعروف أنْ لا حكم عسكري يُمكنُ أن يحقّق استقرار البلد و الإصلاحات الضرورية بالقضاء على الفساد و نشر العدالة و الحرية و الديمقراطية, فهو حكم يكون بيد العسكر لا يخضع لقانون المحاسبة, كما أنّه لا يقوم على مبدأ المؤسسات ولا يحترم الدّستور ثمّ أنّ إعلان حالة الطوارئ هو خرق وتعدٍّ سافر على جميع الحريات الشخصية وهو يشلّ كلّ الأنشطة التي يمكن أن تعارض النّظام أو تنتقده, و منذ عام 1970 ولغاية اليوم ما يزال العمل بقانون الطوارئ في سورية قائمًا لم ينته. إنّ الأنظمة الدكتاتوريّة تُعلن حال الطوارئ كي تقمع المعارضة وتُرهب الشّعب وتُرسّخ مبدأ البطش والقوة المفرطة دون رحمة أو وجه حقّ. إنّ الشّعب هو وحده مَنْ يحقّ له أن يحكم وبموجب انتخابات برلمانيّة شفّافة و نزيهة بعيدة عن التزوير و التّلاعب يقوم بإيصال مندوبيه الذين يريدهم و ينتخبهم حسب الأصول دون ترهيب أو تخويف أو تجاوزات من قبل المتحكّمين بالقرار السّياسي في هذا البلد أو ذاك. إنّ أيّة انتخابات يجب أن تكون تحت إشراف دولي و بمراقبة أمميّة والمنظّمات الحقوقية في تلك البلاد ومنظّمات المجتمع المدني, كما حصل في آخر انتخابات جرت في العراق في الشهر الفائت, حيث حصلت بحريّة و بشكل شفّاف ونزيه وبمراقبة دوليّة أثنت على سير العمليّة الانتخابيّة وقالت عنها: إنّها إيجابيّة و سليمة. نرى كلّ مَنْ هبّ و دبّ بات يتكلّم باسم الشّعب وهو يقتل الشّعب كما في (لبنان) اليوم و كما في (إيران) منذ قيام الثورة الإسلاميّة فيها, حيث الإعدامات و الاعتقالات و التّصفيات الجسدية والتّعذيب و غيرها من الأساليب الوحشيّة تحت عنوان المحافظة على سلامة الثورة, فأيّة ثورة هي هذه, التي تفتك بالشّعب و تمنع عليه كلّ شيء, حتّى التّظاهرات و الاحتجاجات السّلميّة تُقمع بالرّصاص الحيّ. باتت المناداة بالوطنيّة و باسم الوطن كليشيه عفنة فهي مجرّد شعارات كاذبة ومستهلكة لا تخدم الوطن و لا المواطن, بل تجعله رهينة ميول و سياسة الحاكم المستبدّ. لقد شوّهوا هذا المفهوم المقدّس, الذي هو الوطن والمواطنة. إنّ الحاكم يجعل الوطن أسير شهوته للسلطة والحكم, أليس هذا هو أحد أهمّ أسباب بقاء الدّول العربيّة على ما هي عليه مِنْ تخلّف و جهل و فقر ومن عدم استقرار بسبب انعدام مفاهيم الحرية و الديمقراطية و العدالة وغياب مساعي البناء و التطّور و التقدّم؟ انظروا إلى العرب الذين يعملون في الدول الأجنبية و أمريكا كيف يحقّقون إنجازات علميّة كبيرة وباهرة نتشرّف بها و يحصلون على جوائز مثل نوبل و غيرها, فلو كانوا في بلدانهم لما استطاعوا تحقيق أيّ إنجاز. اليوم نرى أنّ (عبد الفتّاح البرهان) وبسبب الضغوط الخارجيّة التي تعرّض و يتعرّض لها حاول إعادة بعض الأمور إلى نصابها بأن أطلق سراح رئيس الحكومة, لكنّه ما يزال مصرًّا على موقفه من عدم تسليم السلطة لقوى الحريّة و التّغيير و يبدو أنّ موقف رئيس الوزراء (حمدوك) بات أقوى بعد لقائه بسفراء دول غربيّة, أكّدوا موقفهم المؤيد له, فهو يرفض أي حوار مع مجلس السيادة العسكري قبل أن يتمّ أمر إعادة الحكومة و جميع الوزراء إلى مهامهم السابقة التي كانوا عليها قبل الانقلاب العسكري الأخير, وإنّي أرى في موقفه حقًّا و شجاعة ومطلبًا شرعيًّا لا يجب أن يتخلّى عنه, فالسلطة العسكريّة لا يمكن أن تقوم بخدمة الشّعب كما هو الحال في كلّ الأنظمة العسكريّة التي صارت من وراء انقلابات قامت بها. الحريّة للشّعب السّوداني, الذي قدّم التضحيات و الضحايا منذ ثورته على نظام البشير البائد و الفاسد و الإخونجي وكذلك على انقلاب (عبد الفتّاح البرهان) الأخير. الحريّة لشعب لبنان, الذي أصبح أسير طبقة سياسيّة فاسدة و قادة طائفيين لا يعرفون الرّحمة وهم يُمعنون في تجويع الشعب و ترهيبه و قتله بشتّى الطرق, تحيّة لشعب سورية المنتفض على نظام دكتاتوري عسكري, تحيّة لشعب تونس و للرئيس (قيس سعَيِّد) الذي أنقذ البلد من يد الإخوان الإرهابيين, تحيّة لشعب العراق الذي عبّر عن رأيه في الانتخابات التي جرت مؤخرًا, فاختار مَن يراهم الأفضل, على الرّغم من عُزوف الكثيرين عن المشاركة في تلك الانتخابات. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 03-11-2021 الساعة 08:01 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|