كان جيلُ الآباء و الأجدادِ درجَ على عادة سيّئةٍ للغاية، ليس فيها من الجوانب الإنسانية أيُّ شيءٍ، و هي أنّهم و لدى شعورهم بِدُنوّ أجلهم، و قُربِ مغادرتهم لهذه الحياةِ، يطلبون دعوةَ أبنائهم للحضور بين أيديهم، لكي يدعوا لهم أو عليهم، فإذا كان الدّعاء لهم، فقد نسمع منهم أقوالًا مثل: إبْنِي إنْت الفِاحِلْ (تلفظ الألف بالإمالة) و هي تعني أنّه راضٍ على إبنه و مسامحٌ له، و هو يسامحه و يطلب بالوقت نفسه منه المسامحة، كأن يقول: يا إبني تِمْسِكْ لِطْرَابْ (التراب) يصير زَهَبْ فِإيدِكْ. اي يدعو له بالتّوفيق الدّاىم في حياته، و إذا كانت إبنةً فيقول لها: بنتي الله يوفّقكي بحياتكِي و تصيرين إمّ سَبعْ أولاد، و الله لا يحَيّركِي.
أمّا إذا أراد الدّعاء على أحدِ أبنائه، بسبب عدم رضاه عنه، فهو يقول له مثلًا: إبني الله لا يوفّقك فِحياتِك، لِقْمتِك تكون على ظهرْ طاژيِّهْ (كلبة الصّيد) أشقَدِ لْتِعْدِي خَلْفَا، ما تِصَلَا، بمعنى أن يكون رزقُك على ظهر كلبة صيد تركض في البريّة، و أنت لا تستطيع اللحاق بها، مهما ركضتَ خلفها. أي لن تنال غايتك أو تحقّق هدفك في الحياة.
كيف يمكن لأب أو أمّ أن يدعو على أحد أبنائه،.طالبًا له الشرّ و عدم التّوفيق في الحياة؟ لا عليكم أن تستغربوا مِنْ هذا الأمر، فقد حصل مثله الكثير، سمعنا و رأينا و عايشنا مثل تلك المواقف.
كيف سيكون شعور الوالدين و هما يغادران الحياة، حاقدين على أحد أبنائهما؟ أو كيف سيكون شعور الإبن أو الإبنة التي نالت حظّها من هذا الدّعاء عليها؟
بكلّ أسف هذه حقيقة و ليست خيالًا.