إنّ الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي و ليس بمقدوره أن يعيش في عزلة عن الناس. فالناس بالنّاس والكلّ بالله هكذا يقول المثل الشعبي لانّ الإنسان بأمسّ الحاجة لمساعدة أخيه الأنسان و على قول المثل الجنّة بلا ناس ما تنداس. هذه الأمثال و غيرها تدلّ على انّ الإنسان لا يمكن له أن يعيش بدون الآخرين فالكلّ يحتاج الكلّ و هذه سنُة الحياة.
عندما لا يكون الجار في علاقة جيّدة مع جاره فإنّ العلاقة بينهما لن تكون على ما يرام و أذكر تمامًا عندما كنّا في اوطاننا كان أبناء البلدة أو القرية يعرفون بعضهم بعضًا بحكم العلاقات الاجتماعية التي كانت تتسم بالمحبة و التعاطف و التآلف فكان للجار حقّ على جاره يسأل عنه و يطمئن على اخباره و يشاركه في كلّ المناسبات الاجتماعية من أفراح و أحزان و مناسبات أخرى. أمّا هنا في أوروبا فإنّ مثل هذا الأمر معدوم تمامًا بحيث احيانًا يموت جارك و لا تسمع بذلك و هذا ما حصل معنا عندما توفي جارنا و كان شخصًا طيّبًا محبًّا توفي و الباب بالباب لم نعلم بذلك حتى مضت اسابيع على وفاته و بالصدفة التقينا بأرملته و حين سألناها عن زوجها قالت إنّه توفي قبل أسابيع. لكلّ مجتمع عاداته و تقالبده فعلاقة الجار بجاره هنا تختلف عنها في بلداننا.
مثل الجار قبل الدار معروف و هو يدلّ على المحبة و العلاقة الجيدة التي يجب أن تكون بين الجار و جاره. نسأل عن جارنا ربّما يكون بحاجة شيء ما أو هو يسأل عنّا و يتفقّد احوالنا هذا من طبيعة الحياة الاجتماعية الإنسانية. لهذا من الضروري جدًا أن يكون الجار لجاره وحين يكون الجار في حالة خلاف ما جاره فإنّ الموقف بينهما يكون متشنّجا و يمكن لأيّ سلوك أو كلام أن يقود الأمور إلى عواقب سيئة لهذا كانت توصيات كثيرة بهذا الخصوص كلّها تدعو إلى حسن الجيرة ففيها راحة و هدوء و سلام للجاربن معًا.
إذا قرّر أيٌّ منّا أن يعيش عزلة اجتماعية دون تعاطي مع الآخرين و خاصة الذين يجاورونه السكن فإنّ هذا الأمر يكون مدعاة حزن و ألم فالوحدة موحشة و نحن بشر نحتاج لبعضنا البعض لهذا قالوا: الجار ثم الجار ثم الجار و غيره من الأمثال عن الجار و حسن الجوار.