Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-04-2015, 10:25 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,017
افتراضي المسلمون لن يتغيّروا بقلم: فؤاد زاديكه

المسلمون لن يتغيّروا
بقلم: فؤاد زاديكه
إنّي أقيمُ بألمانيا منذ ما يزيد عن سبعة و عشرين عاماً, و بحكم طبيعة عملي فإني أعمل كسائق أتنقّل من مكان لآخر و أصادف بحياتي اليوميّة أشخاصا من عروق و جنسيات و أديان مختلفة. و أنا كشخصٍ منفتح و متفهّم لأمور الحياة و المجتمعات و الناس فإنني أرى بأنّ هذا الاحتكاك ضرورة حياتيّة فالإنسان كائن إجتماعي لا يستطيع العيش دون التواصل مع الآخرين.
إنّني و خلال كلّ هذه السنوات الطويلة من العمل و اللقاءات صادفتني أمور كثيرةٌ غريبة من سلوكيّات و أفكار غوغائية بعض الذين التقيت بهم, إلاّ أنّ أكثر هذه المواقف تأثيراً بالنفس و أثراً على المشهد الإنساني كسلوكية و رؤية و فهم هو أنّه لم تصدف مرّة واحدة التقيت فيها بشخص مسلم هنا إلاّ و فاجأني بالسؤال الغبيّ الدارج لدى المسلمين في أغلب الأوقات و بات لديّ مألوفا لديّ بالطبع فأذني تعوّدت على استماعه و انتظاري يتوقّع حصوله في كلّ مرّة ألتقي فيها بشخص مسلم رجلا كان أو إمرأة, فهو لم يعد مستغرباً مع أنّه مستهجن. أما السؤال الغبي على الدوام فهو (هل أنت مسلم؟) من الطبيعي أن يفرح الإنسان العربي عندما يلتقي عربيا من أيّ بلد كان في مكان ما من بلاد الغربة. فالشعور القومي و الإنساني يجعله يشعر بالراحة لكن و بمجرد تلقّي طرح هذا السؤال فإنّي أشعر بالغثيان و بشعور الإحباط المزعج و اقول بيني و بين نفسي يا ليتني لم التقِ هذا الشخص و لم أتعرّف عليه.
لا يستطيع أي إنسان عاقل أن يستسيغ موقفاً كهذا فالسائل هنا يضرب عرض الحائط كل وجودك الإنساني كإنسان و يحصر تفكيره بزاوية ضيّقة منغلقة بائسة لها خلفيّة عنصريّة بلا أدنى شك. و الأنكى من هذا تصرفه و ردّه عندما أجيبه بالقول: لا لستُ مسلماً. تُحس بأنه شعر بغلطته و بكثير من الحرج و الإحباط فيحاول يائساً لفلفلة الموضوع و ابتلاع مؤثراته بانسحاب يرى فيه ذكاءًا بينما أرى فيه غباءًا و إفلاساً و صدمة انتابته. إنّ غلطة المسلم هي في أنه يظنّ بأنه الوحيد في هذا العالم و أن الجميع مسلمون و عندما يكون الرد على سؤال هل أنت مسلم بكلمة نعم أنا مسلم فإن ارتياحا كبيراً يصبح لدى السائل فيقول و لشدة فرحه (الحمد لله) و لا أعرف ما المقصود بهذه الحمد لله و لا أفهم لماذا و على أية نوايا تنطوي و أيّ فكر تحتوي.
كنت في إحدى السفرات ذاهبا لإحدى المدن الألمانية بغرض جلب قطع غيار سيارات للشركة التي أعمل فيها, و حين كنت واقفا أنتظر دوري أردت إشغال نفسي و ملء فراغي بكتابة قصيدة جديدة أو تدوين خاطرة أو غيره إلى أن يحين دوري و هي عادة درجت عليها كلّما وجدت فراغاً أحاول تعبئته بالكتابة و التي هي هاجسي الكبير و متعتي الكبيرة. و فيما كنت أكتب إذ بشخص واقف ينتظر هو الآخر دوره يلاحظني و انا أكتب بالعربية فدنا مني و سألني هل أنت عربي؟ أجبته نعم أنا عربي و فرحت من سؤاله و قلت انني التقيت من أرتاح له و يمكن أن أدردش معه إلى أن ننهي أمورنا و نحصل على قطع الغيار المطلوبة, لكنه فاجأني مباشرة بسؤال الطعنة القاتلة. هل أنت مسلم؟ شعرت بغضب شديد لأنها المرة الأكثر من ألف يتم فيها طرح نفس السؤال و بنفس الطريقة الغبية و العنصرية الجاهلة و لكي يشعر هذا الشخص و غيره بعدم منطقية ما يسعون إليه و يسلكونه من تصرف فإنّي أجبت و على الفور: لا لست مسلما و الحمد لله فأجابني بالقول و لماذا تقول لا و الحمد لله؟ فأجبته تعرف لماذا قلت هذا؟ إنّني أصادف بشرا كثيرين و أتعامل مع بشر مختلفين لكني لم أجد أغبى من المسلم في بلاد الغربة لأنّ همّه الوحيد هو الدين و أن يكون الجميع مسلمين فهو غير مكترث بإنسانية الإنسان و بأن البشر إخوة و بأن من حقّ جميع الناس العيش من منطلق الحرية و التنوّع ضرورة حياتية و إلاّ فإن كلّ شيء في الحياة كان سيصبح أسود اللون لا بريق محبة و لا نور سلام و لا شعور رحمة بين البشر. علمتُ أنّه تركيّ. قلت له أنظرْ إليّ كإنسان و كشخص لا تنظر إلى معتقدي الديني و على هذا الأساس تبني علاقتك معي. و قلت له بالتأكيد لو طرحت عليك السؤال بصيغة أخرى كأن أسألك: هل أنت مسيحي؟ فإني واثق من أن إجابتك ستكون و كما سمعتها من آخرين. (لا. أعوذ بالله) إذن أنت تعوذ بالله عندما تُسأل هكذا سؤال و أنا من حقي أن أردّ: لا و الحمد لله. و في كلّ مرّة أتعرّض لمثل هذا الموقف أخرج بنتيجة واحدة و بسؤال محيّر: إلى متى سيبقى المسلمون يعيشون ضمن دائرة التفكير الديني العنصري الإقصائي الأحادي الجانب؟ و متى سيخرجون من قمقم هذا الانغلاق الذي يعود عليهم قبل غيرهم بالمرارة و التخلف و الجهل و الإنطوائية و العزلة؟
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke