Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
المجهول في حياة الرسول : (قراءة في المنهج) ج1 .صالح عباس
المجهول في حياة الرسول : (قراءة في المنهج) ج 1صالح عباس الحوار المتمدن - العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 المحور: العلمانية , الدين , الاسلام السياسي راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع Bookmark and Share الكتاب في مجمله وكما يشير عنوانه بحث فيما لم ُيسلط عليه ضوء في حياة نبي الإسلام محمد بن عبد الله.لا شك أن الإسلام في موقع المركز، تدار حوله الندوات وتمول جهات بحثية وتكتب آلاف الكتب، خاصة بعد تعرض الغرب إلى صدمة المواجهات العنيفة مع الراديكالية الإسلامية في أكثر من موقع من العالم، وبعد سلسلة طويلة من الجهد التبشيري المسيحي. في قراءتنا هذه سنطرح الأسئلة فيما يخص منهج الكاتب، مدى موضوعية الطرح، مصادره ومراجعه، ودرجة الإقناع التي يتحلى بها . نسبة الكتاب : تدعو مجهولية المؤلف ( المقريزي ) إلى العودة إلى سلسلة المصالح المحققة والموانع الممكنة… ذهب البعض إلى العفيف الأخضر الراقد على فراش المرض والذي رد التهمة و أنكر تأليفه للكتاب (إنني لم أكتب المجهول في حياة الرسول)، بينما تشير بعض الأصابع إلى قس مسيحي ( سؤ النية فاضح فالكتاب لا يمثل في شيء فكر العفيف الأخضر. هدف الكتاب هو “إخراج المسلمين من ظلمات الشيطان إلى نور المسيح” كما قال القس زكريا بطرس في فضائية “الحياة” يوم 20/5/2005. – اشرف عبد القادر ) .تقف خاصية تعرض الحياة للخطر كأول الموانع في الشرق الإسلامي، مقدمة طه حسين لكتابه في الشعر الجاهلي تصرح بذلك، والرصافي يقول في توطئته لكتابه الشخصية المحمدية : ( إني لأعلم أنهم سيغضبون ويصخبون ويسبون ويشتمون، فان كنت في قيد الحياة فسيؤذيني ذلك منهم.. وان كنت ميتا فلا ينالني من سبابهم خير كما لا ينالهم منه خير فان سب الميت لا يؤذي الحي ولا يضر الميت، كما قال محمد بن عبد الله عظيم عظماء البشر. ص16) . التاريخ يحكي عن عقوبة الموت حلاً لظاهرة الرأي المخالف خاصة في مجالي التابو ( الديني والسياسي). قد ُيرى في ذلك مصداقاً قرآنيا تبرره آيات معينة وسلوك نبوي، وقد ينسب إلى الظواهر الاجتماعية السياسية التي سادت التاريخ الإسلامي. فالذي يمنع التجديف ويعاقب عليه ليس مؤمنا حريصا على الدين (تاريخ خلفاء بني أمية وبني العباس و البويهيين مثلا لا يعطي مثالا مخلصا في الحمية على الإسلام) بل مماشاة للعرف ولتصح كنية أمير المؤمنين أو الخليفة والناطق باسم الإله والحاكم بأمره والمدافع عن حياضه، أو كاستخدام سياسي للقضاء على المعارضين. لذلك كان يشاع عن الخلفاء تمسكهم الطقسي الخارجي الإعلامي الاستعراضي من قبيل ما يذكر عن بكاء الرشيد واغماءاته المتكررة خشيةً من الله. النهاية المريعة للأسلاف من المختلفين، والقصص المشابهة من التاريخ دعت طه حسين إلى توزيع صاحبي الرؤى بين طريقين: ( إما أن يجحدوا أنفسهم ويجحدوا العلم وحقوقه فيريحوا ويستريحوا؛ وإما أن يعرفوا لأنفسهم حقها ويؤدوا للعلم واجبه، فيتعرضوا لما ينبغي أن يتعرض له العلماء من الأذى ويحتملوا ما ينبغي أن يتعرض له العلماء من سخط الساخطين- مقدمة في الشعر الجاهلي). ليس السخط وحده بل الموت والاغتيال، فرج فودة، حسين مروة.. كمثال. عند هذه النقطة اخذ الكثير من النقاد الجادين العبء على عاتقهم وتقبلوا التعرض للأذى، وان تراجع بعضهم وتبرأ من كتبه تحت ضغوط العائلة والحياة مثلما حصل لسيد القمني. يحيلنا ذلك إلى خصيصة المجتمع الذي يحدد الأفكار في سياق عام لا يجب تجنبه، وقسر الرؤيا على التطابق، محيلة أي اختلاف إلى عداء لهيمنة الثنائيات الضدية التي تحتفظ بالمقدس كله مقابل الشيطان والشر كله أو كما أشار العالم السويسري إرنست تسبيندن تكاد لا توجد محاولات للتأويل التاريخي للقرآن, والدراسات النقدية غير ممكنة. من هنا يصعب أن يتعرض الإسلام لقراءة متغايرة مع السائد، موضوعية دون تبعات من الرعب، ولذلك، ربما، يلجأ الكتاب إلى تعمية أسمائهم. لكن ما هي مآرب مؤلف ( المجهول في حياة الرسول) المحتملة: توزيع دائرة الشبهة لتشمل الداخل الإسلامي؟ أو كما أشار نورمان دانيال : ( لقد بدا لأولئك الأكثر اهتماماً أن الهجوم المسيحي يجب أن يوجّه بمجمله الى تعرية الرسول، فإذا أمكن إظهاره على حقيقته، أي تجريده من صفات النبوة، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار صرح الإسلام كله ) بشرط ان يتم من داخله وعلى يدي معتنقيه؟، أو حماية عقيدة المؤلف من الهجوم المضاد من باب أن نقد محمد قد يواجه بموجة نقد المسيح أو موسى أو انتماء الكاتب العقائدي؟ أم أن في عدم ذكر اسم المؤلف إغراء اكبر في تناول الكتاب والحديث عنه وانتشاره، أي تلك اللمحة النفسية التي تستخدم المجهولية لإرضاء فضول الإنسان، وعلى العموم إن أي ضجة حول الكتاب تنفع في انتشار الطروحات الواردة فيه… يمكن تخيل عدد القراء المتناقص لو أنه نسب إلى القس الفلاني، من باب حروب العقائد ولا يني القران يضرب المثل في دحض المخالفين الملحدين الذين يقعون في الطرف الآخر، ولا تني السنة النبوية تدفع مريديها إلى عدم التعرف على الرأي المخالف وعدم إشاعته. يغري العنوان بأن ثمة خافياً سيظهر و مسكوتاً عنه سيقال. يخيل للمرء أن خطورة الكتب التي تتناول الإسلام هي في قدرتها على الحياد والموضوعية مثلما هي قدرة بقاء أي كتاب نقدي معتمدة على نفاذ البصيرة والقدرة الحدسية والعمق. مكمن الحياد في عدم تغلف الكتابة الكامل بالهوى والرغبة الذاتية بحيث أن الكاتب قد يغاير معتقده أو اعتقاده حالما يجد في مادته ما يغاير، وقد يرجع عن فكرة متمترسة عنده حينما يكشف له البحث معكوسها، وحينما يدخل حقل الكتابة وهو في أعلى درجة من التجريد يستطيعها. مولد محمد : بطريقة برهانية تبدأ برواية الحديث المستند إلى مصدر ( الطبقات الكبرى لأبن سعد ، السيرة الحلبية، الاستيعاب في تمييز الأصحاب، سيرة أبن هشام، عيون الأثر في المغازي والسير، الإصابة في تمييز الصحابة ) ثم بالتحليل الرياضي الحسابي في تناقض السنين، يرمي المؤلف بقنبلة نسب محمد..إذ بعقد المقارنة بين عمر النبي وعمه حمزة ( الفرق 4 سنوات في روايات و2 في أخرى)، وبما أن عبد الله وعبد المطلب تزوجا في يوم واحد حسب الروايات، وبما أن عبد الله توفي وآمنة أم النبي حامل فيه حسب الروايات، فوجب أن يكون حمزة والنبي بعمر واحد أو حمزة اكبر من النبي بقليل. يذهب المقريزي إلى الاستنتاج الخطير التالي: (من كل ما تقدم يجب أن يكون الحمل بمحمد جاء بعد أربع سنوات من الحمل بحمزة أي بعد موت أبو محمد بأعوام وسنوات!!! أو أن محمدا مكث في بطن أمه أربع سنوات حسب بعض التقديرات أو سنتين حسب البعض الآخر!!). وهو ما يناقض ما ذهب إليه الرواة عن شجرة عائلته، ويناقض الاختلافات الكبيرة بين الروايات يصل إلى عشرات السنين. إذ حينما وصله خبر أحاديث قريش عن نسبه وتشكيكهم فيه وهم يتذاكرون احسابهم جاعلين منه( كمثل نخلة في كبوة من الأرض) رد عليهم ( الله عز وجل يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم، ثم لما فرقهم قبائل جعلني في خيرهم قبيلة، ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً ) وهي الأفكار التي يؤمن بها المسلمون إيمانا مطلقا، بحيث أصبحت من الأمور غير القابلة للفحص أو الجدال. من هذه النقطة ينطلق الكاتب في نقده اللاذع لمجتمع الجزيرة الذي ينتشر فيه زواج الإستبضاع ( وهو أن يرسل الزوج زوجته إلى رجل يضاجعها ولا ترجع لزوجها إلا بعد أن يتبين حملها من الرجل الآخر الغريب)، ليورد مقارنة ذات مغزى بين نسب عمرو بن العاص الذي ُيشك أن أباه احد الأربعة ( العاص أو أبو لهب أو أمية بن خلف أو أبو سفيان بن حرب ) ونسب محمد وبين أم عمرو بن العاص وأم محمد. أما بخصوص كيفية قبول عائلة معروفة وأبي طالب بنسب مشكوك فيه فان المؤلف يرد الأمر إلى طبيعة المجتمع ( كان ذلك مقبولا في جزيرة العرب لا في جهلهم بل في إسلامهم!!!) وهو أمر يجدّ الباحثون الإسلاميون في نكرانه بضرب الأمثلة الكثيرة من شعوب أخرى تمارس الممارسات نفسها، بحيث تستوجب النظرة الموضوعية غربلة الرؤية الأخلاقية للمجتمعات وتخفيف نبرة التعميم التي لا تتفق مع خصوصية الأشياء واختلافها ( نعم في العصر الجاهلي كما في عصر النبوة كان الأتباع والأشياع يتسافدون ويزنون ويتناكحون ويباضعون ويضاجعون ويفاخذون كما الحمير بلا ضوابط كما قال عمر ؛ الذي قال عنه المصطفى إن الحق على لسان عمر وقلبه ولو كان نبي بعدي لكان عمر!!!) تلك القضايا التي ناقشتها كتب أكثر أكاديمية بتفصيل أكبر من دون حكم أخلاقي تفاضلي مباشر مثل (الدين في شبه الجزيرة العربية، حقائق عن العرب في الجاهلية، المواسم وحساب الزمن عند العرب قبل الإسلام، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام… ) وبعيدا عن الاستطرادات الخاصة بموقف عمر وغيره من أصحاب النبي من موضوع النسب والزنى يخلص المقريزي إلى قضيتين تتسقان مع الأطروحة وهما: من خلال الروايات تغلفت عقلية عصر ما قبل الإسلام وما بعده بالخرافة والأساطير وتصديق الغيبي مما اثر على العقلية العربية لاحقا وقنون ورسخ الأفكار الخاصة بوجود الإنسان الكامل والمعصوم والغائب والمنزه عن الغرائز، وبالقدرة الممنوحة من الإله لكسر قوانين الطبيعة بالمعجز والخارق والكرامات.. ومن بين هذه الأشياء جواز مكوث الطفل في بطن أمه لازمان غير معقولة ( ذكر أن مالكا رضى الله عنه مكث في بطن أمه سنتين ؛ وكذا الضحاك بن مزاحم التابعي مكث في بطن أمه سنتين ؛ وفي المحاضرات للجلال السيوطي أن مالكا مكث في بطن أمه ثلاث سنين ؛ وأخبرنا سيدنا مالك أن جارة له ولدت ثلاثة أولاد في اثنتي عشرة سنة بحمل أربع سنين.) والثانية ترحيل محمد – حسب رأي المؤلف – لهذه المعضلة ومحاولة دحضها بتحريم الحديث عن الآخرين- للخلوص إلى أن القران والسنة مجرد أثر الحياة والصعاب التي يواجهها محمد وليست تنزيلا إلهيا (عن أبي هريرة عن النبي صلعم قال: ثلاث من الكفر بالله شق الجيب والنياحة والطعن في النسب. ) وبعد استكمال الفكرة التي يسعد لها المؤلف تماما يؤكد القصد الأخلاقي وراء البرهنة هذه إذ يقول : (نحن نعلم أهمية هذه النتيجة وخطورتها لكن الباحث عن الحقيقة لا يهتم بهول النتيجة لأن عينيه على الحقيقة ويعرف مسبقا مرارتها … نعم إنني لا أعتبر ما وصلت إليه حجرا ألقمه أفواه المتغنين بأشرف خلق الله نسبا وجذورا ؛ لكنه باقة ورد وكوب ماء للسالكين في طريق الحقيقة لأونس قليلا من وحشتهم وأطفأ بعضا من ظمئهم فالطريق طويل وشاق وموحش). جذور محمد : في جذور محمد يعيد الكاتب سرد تاريخ العائلة مبتدئا بجده الذي يلقب من قبل قريش بأبي كبشة، للإيحاء بظاهرة مس الجنون الوراثي، أو الإحالة إلى ما هو سائد اجتماعيا آنذاك. ولكي يعيد النظر في مصادر القران يورد قضيتين هامتين ستتكرران عند تناوله الشعراء السابقين لمحمد الناطقين بالتوحيد. أولا: حينما احترقت الكعبة قال الوليد بن المغيرة : ( ان الله لا يهلك المصلحين ولكن لا تدخلوا في عمارة بيت ربكم إلا من طيب أموالكم ولا تدخلوا فيه مالا من ربا ولا مالا من ميسر ولا مهر بغي وجنبوه الخبيث من أموالكم فان الله لا يقبل إلا طيبا(هذه مبادئ الجاهلية قبل الإسلام !!)، وحينما أعيد بناء الكعبة زينت بالصور المختلفة ومن بينها صورة المسيح وأمه حيث : (كانت جدران الكعبة واحدة من أهم المدارس التي تعلم فيها محمد والكثيرون من أهل مكة وجزيرة العرب ) عن الأديان السابقة لهم إيحاءً بمدى تأثير الأديان المنتشرة في الجزيرة العربية بالصياغة القرآنية والأفكار المعروفة عن اليوم الآخر والحساب والعقاب والجنة والنار وما إلى ذلك من أساسيات الإسلام ثانيا. وتكملة لذلك ترد علاقة محمد باليهودية والسريانية. بعد ن يورد أحاديث عن طلب النبي من احد أتباعه تعلم العبرانية أو السريانية يتساءل الكاتب : ( ما هي الكتب التي كانت تأتي النبي بالعبرية أو بالسريانية؟ من الذي كان يرسلها له؟ ما المكتوب فيها؟ هل هي بعض الكتب التي ورثها من خديجة بنت عم قس مكة (يقصد ورقة بن نوفل)؟ لماذا تلك الحلقة مفقودة في كتب السيرة النبوية؟ لماذا لا يريد محمد أن يطلع عليها أحد؟ لماذا زيد الطفل الصغير؟ أين أبي بكر وعمر الذي قال عنهما أنهما مني السمع والبصر؟ لماذا ثار محمد وغضب على عمر عندما جاءه بكتاب من كتب اليهود بالعبرية؟). وبطريقة الانتقاء الموضوعي من كتب السيرة، خاصة تلك التي توافق المقريزي في توجهه مثل منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، والسيرة الحلبية، يظهر محمد في أكثر من حدث غاضبا لمحاولة بعض أصحابه التعرف على لغة أخرى تتحدث بما يشبه القران..وعودة إلى الأصول القرآنية تبث فكرة الاستلاف القرآني وهذه المرة من عبد المطلب جد محمد بقوله : (هلك رجل ظلوم من أهل الشام لم تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب في ذلك ففكر وقال والله إن وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب المسيء بإساءته أي فالمظلوم شأنه في الدنيا ذلك حتى إذا خرج من الدنيا ولم تصبه العقوبة فهي معدة له في الآخرة ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله سبحانه وتعالى وتؤثر عنه سنن جاء القرآن بأكثرها وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهي عن قتل الموءودة وتحريم الخمر والزنا وأن لا يطوف بالبيت عريان.) وذلك إعادة لطرق نفس الطرقات من أمكنة مختلفة للوصول إلى ان الإسلام لم يأت بجديد، إلا أن الفكر المناوئ يستند إلى اعترافات النبي نفسه انه تكملة لما سبقه من الأنبياء وفق شريعة موسى وعيسى وإبراهيم مما يضعف الحجة، فلم ينكر الإسلام المسيحية ( خاصة في بدء الدعوة ) ولم ينكر شرائع موسى ( اتهم بني إسرائيل بالتحريف ).. وتبقى نقطة التقاء البنى المثالية (المسيحية، اليهودية، الإسلامية ) غير ذات قدرة كبيرة على دحض إحداها بالأخرى، بل الأجدى البحث فيما هو خارج الفضاء الإلهي ( أي الوثني غير المشترك بين الأديان ). |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|