Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=277)
-   -   مشاركتي على برنامج بوح الصورة في أكاديمية الأدباء و الشعراء العرب إعداد و تقديم جهاد (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=50892)

fouadzadieke 11-05-2025 02:28 PM

مشاركتي على برنامج بوح الصورة في أكاديمية الأدباء و الشعراء العرب إعداد و تقديم جهاد
 
مشاركتي على برنامج بوح الصورة في أكاديمية الأدباء و الشعراء العرب إعداد و تقديم جهاد سالم و بإشراف لجنة النقد و المراجعة

لواعجُ القلب بين الحنين و الحرية


بقلم: فؤاد زاديكى

حين تهبُّ نسائمُ الذكرى على الروح، ترتجف المشاعر كما أوراق الشجر في مهبّ الريح، و تُبعث الحياة في تفاصيل ماتت ذات غياب. فالحنين ليس مجرّد شعور، بل هو وجعٌ مقيم، يسكن القلب كلّما تاقت الروح إلى زمنٍ مضى أو مكانٍ عشناه ذات دفء و طمأنينة. الحنين هو تلك الغصة الخفية التي لا تراها العيون، بل يشعر بها القلب حين يتردّد صدى الضحكات القديمة، أو تمرّ رائحة الأمكنة، التي أحببناها.

و إذا كان الحنين نارًا، فإنّ الاشتياق هو لهبُها. الاشتياق لا يُروى برسالةٍ، و لا يُخمده صوتٌ عابرٌ في الهاتف. هو عطشٌ لا يُروى، و قلق لا يهدأ، و شوقٌ يتفجّر مع كلّ لحظة صمت. الاشتياق لا يعترف بالزمان و لا بالمكان، بل ينسج خيوطه حول القلب، يعتصره حتّى تسيل منه الذكرى دمعًا و صلاة.

لكن ما قيمة الحنين و الاشتياق إن لم يكونا مشدودين بخيوط الحرية؟ الحرية هي الروح التي تُنعش كلّ إحساس. من دونها، يتحوّل الحنين إلى قيد، و الاشتياق إلى وجعٍ لا يُحتمل. إنّ حبّ الحرية ليس تمرّدًا، بل هو احتياجٌ وجوديّ، فكلّ كائن حيٍّ ينشد الانعتاق، و يتوق إلى الأفق المفتوح، حيث لا قيد يُكسر الحلم، و لا ظلم يُصادر الصوت.

نشأنا على حبّ الأرض و الناس، لكنّنا وُلدنا أيضًا بحلم الانطلاق و التحليق. إنّ حبّ الحرية يجعل من الحنين جمالًا لا مرارة فيه، و يجعل من الاشتياق وعدًا باللقاء لا ألمًا مقيمًا. وحدها الحرية تُعطي المعنى لكلّ شعور، و تُعيد ترتيب الفوضى التي تُخلّفها الذكريات فينا.

حين نشتاق، نُدرك كم كنّا أحرارًا ذات زمنٍ لم نُدرك فيه قيمة ما نملك. و حين نحِنّ، نكتشف أنّ المكان لا يفارقنا، بل نحن الذين نحمل ملامحه في قلوبنا. الحرية وحدها تجعل منّا أوفياء لذاكرتنا، أمناء لأرواحنا، صادقين مع وجعنا و حنيننا.

الحنين ليس ضعفًا، و الاشتياق ليس هروبًا، بل هما صدى إنسانيٌّ عميقٌ لحبٍّ ما زال حيًّا فينا، و حريةٍ لم نتخلَّ عنها رغم المسافات. هكذا نبقى، قلوبًا معلّقة بين ما كان، و ما نرجو أن يكون.


الساعة الآن 09:03 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke