![]() |
مشاركتي على برنامج حروف يكتبها القلم و عنوان فقرة اليوم هي الطير المهاجر من إعداد و ت
مشاركتي على برنامج حروف يكتبها القلم و عنوان فقرة اليوم هي الطير المهاجر من إعداد و تقديم الاستاذة هيام الملوحي في منتدى نبض القلم للشعر و الأدب
الطّائِرُ المُهَاجِرُ بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي يَحْلُمُ الطَّائِرُ المُهَاجِرُ كُلَّ خَرِيفٍ بِالسَّفَرِ، كَأَنَّ الرِّيحَ تَنْفُخُ فِي جَنَاحَيْهِ أَمَلًا قَدِيمًا وَ حَنِينًا لاَ يَفْتُرُ. يَسْتَيْقِظُ فِي سَاعَاتِ الفَجْرِ، وَ عَيْنَاهُ تُحَاوِلَانِ اقْتِنَاصَ الضَّوْءِ مِنْ عُيُونِ السَّمَاءِ. يَنْظُرُ حَوْلَهُ، فَيَرَى أَشْجَارًا قَدْ تَعَرَّتْ مِنْ أَوْرَاقِهَا، كَأَنَّهَا تَسْتَعِدُّ لِوَدَاعٍ قَاسٍ. يُغَرِّدُ غُصَّةً، وَ يُرَدِّدُ صَدَى وَجْدِهِ فِي أَفْقٍ تَحْتَضِنُهُ السُّحُبُ. يَفْتَحُ جَنَاحَيْهِ كَمَنْ يُصَلِّي، وَ يَطِيرُ كَأَنَّهُ يُسَابِقُ ظِلَّهُ. فِي كُلِّ نَبْضَةِ جَنَاحٍ، قِصَّةُ فِرَاقٍ، وَ فِي كُلِّ تَفْسِيرَةِ رِيحٍ، سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ الرَّحِيلِ. يَعْرِفُ أَنَّ الطَّرِيقَ طَوِيلٌ، وَ أَنَّ النُّجُومَ لَنْ تَدُلَّهُ دَائِمًا، وَ لَكِنَّهُ يَحْمِلُ خَرِيطَتَهُ فِي صَدْرِهِ. خَرِيطَةٌ مَرْسُومَةٌ بِالْحَنِينِ، وَ مُوَجَّهَةٌ بِالذِّكْرَيَاتِ. هُوَ لَيْسَ طَائِرًا عَادِيًّا، بَلْ رُوحٌ تَتَشَكَّلُ فِي جَسَدِ رِيشٍ، وَ قَلْبٍ لاَ يَحْتَمِلُ السُّكُونَ. يَهْرُبُ مِنَ الْبَرْدِ، لَكِنَّهُ أَيْضًا يَهْرُبُ مِنْ ذَاكِرَةٍ تُلِحُّ عَلَيْهِ بِالْبَقَاءِ. يُغَازِلُ السُّحُبَ، وَ يُخَاطِبُ الْجِبَالَ، وَ يَبْكِي فِي صَمْتٍ لِلْبِحَارِ. كُلُّ مَكَانٍ يَمُرُّ بِهِ، يَسْرِقُ مِنْهُ جُزْءًا، وَ يُهْدِيهِ آخَرَ. وَ عِنْدَمَا تَبْدَأُ الشَّمْسُ تَتَأَخَّرُ فِي مَجِيئِهَا، يَعْلَمُ أَنَّ الرَّحِيلَ قَدْ حَانَ. يَتَجَمَّعُ مَعَ سِرْبِهِ، فَيُشَارِكُهُمُ الْحُزْنَ وَ الْأَمَلَ وَ الطَّمُوحَ. وَ يُرَافِقُهُمُ الدُّعَاءُ الْخَفِيُّ: "يَا سَمَاءُ، لَا تَخْذُلِينَا، وَ يَا أَرْضُ، تَقَبَّلِينَا إِنْ عُدْنَا!". يَطِيرُونَ صَوْبَ الدِّفْءِ، كَمَا تَطِيرُ الْأَحْلَامُ نَحْوَ الرَّجَاءِ. وَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَرْحَلُ فِيهَا، يَشْعُرُ أَنَّهُ يَقْتَرِبُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِيقَتِهِ. فَالرِّحْلَةُ لَيْسَتْ هَرَبًا، بَلْ بَحْثٌ عَنْ مَعْنًى فِي كَوْنٍ مُتَقَلِّبٍ. فِي نِهَايَةِ الرِّحْلَةِ، يَحُطُّ عَلَى غُصْنٍ دَافِئٍ، وَ يَنْظُرُ خَلْفَهُ... يَرَى مَسَافَاتٍ مُمْتَلِئَةً بِالتَّجَارِبِ، وَ ذَاكِرَةً مَشْحُونَةً بِالْحَيَاةِ. ثُمَّ يُغَلِّفُ نَفْسَهُ بِجَنَاحَيْهِ، كَمَنْ يَحْتَضِنُ الْعَالَمَ كُلَّهُ. فَأَنْتَ، أَيُّهَا الطَّائِرُ المُهَاجِرُ، لَسْتَ سِوَى صَوْتٍ فِي دَاخِلِنَا، يُنَادِينَا لِلْبَحْثِ، لِلْحُلْمِ، وَ لِلْأَمَلِ، الَّذِي لَا يَفْنَى. |
1 مرفق
شكرا لكم من القلب الاستاذة هيام الملوحي و الاستاذة فداء حنا و منتدى نبض القلم للشعر و الأدب لهذا التكريم لقاء مشاركتي على فقرة الطير المهاجر دام عطاؤكم الراقي |
الساعة الآن 11:17 PM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke