Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=277)
-   -   تفّاحَةُ حَوّاءَ: رَمْزِيَّةُ العَلَاقَةِ الجِنْسِيَّةِ بقلم: فؤاد زاديكى (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=50953)

fouadzadieke 03-06-2025 10:20 PM

تفّاحَةُ حَوّاءَ: رَمْزِيَّةُ العَلَاقَةِ الجِنْسِيَّةِ بقلم: فؤاد زاديكى
 
تفّاحَةُ حَوّاءَ: رَمْزِيَّةُ العَلَاقَةِ الجِنْسِيَّةِ


تُعَدُّ قِصَّةُ تَفّاحَةِ حَوّاءَ، أَوْ مَا يُعْرَفُ بِـ"سُقُوطِ الْإِنْسَانِ" فِي الْأَدْيَانِ الْإِبْرَاهِيمِيَّةِ (اليهوديّة و المسيحيّة و الإسلاميّة) مِنْ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ تَأْثِيرًا فِي الْفِكْرِ الْبَشَرِيِّ. فَبَعِيدًا عَنْ تَفْسِيرَاتِهَا الدِّينِيَّةِ، تَحْمِلُ هَذِهِ الْقِصَّةُ رَمْزِيَّةً عَمِيقَةً تَتَجَاوَزُ مُجَرَّدَ الْعِصْيَانِ، لِتُلَامِسَ جَوَانِبَ أَسَاسِيَّةً مِنَ الطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَ مِنْهَا الْعَلَاقَةُ الْجِنْسِيَّةُ.
فِي السَّرْدِ الدِّينِيِّ، تُمَثِّلُ التَّفّاحَةُ "شَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ"، وَ هِيَ شَجَرَةٌ مُنِعَ آدَمُ وَ حَوّاءُ مِنَ الْأَكْلِ مِنْهَا. عِنْدَمَا أَغْوَتْهُمَا الْحَيَّةُ لِلْأَكْلِ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، كَانَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ كَسْرٍ لِلْحَظْرِ الْإِلَهِيِّ، مِمَّا أَدَّى إِلَى طَرْدِهِمَا مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ. هَذَا الْحَدَثُ، الَّذِي يُنْظَرُ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ أَصْلُ الْخَطِيئَةِ الْأُولَى، أَوْجَدَ وَعْيًا جَدِيدًا لَدَى آدَمَ وَ حَوّاءَ، تَمَثَّلَ فِي إِدْرَاكِهِمَا لِعُرْيِهِمَا وَ شُعُورِهِمَا بِالْخَجَلِ.
تُفَسَّرُ هَذِهِ اللَّحْظَةُ، الَّتِي تُتْبَعُ غَالِبًا بِظُهُورِ الْوَعْيِ بِالذَّاتِ وَ الْجِنْسِ، عَلَى أَنَّهَا بِدَايَةُ الْعَلَاقَةِ الْجِنْسِيَّةِ بِمَعْنَاهَا الْإِنْسَانِيِّ الْمُعَقَّدِ. لَمْ يَعُدِّ الْجِنْسُ مُجَرَّدَ فِعْلٍ غَرِيزِيٍّ، بَلْ أَصْبَحَ مُرْتَبِطًا بِالْمَعْرِفَةِ، بِالْخَجَلِ، وَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْجَابِ وَ تَحَمُّلِ الْمَسْئُولِيَّةِ. هُنَا، تَتَحَوَّلُ التَّفّاحَةُ مِنْ مُجَرَّدِ ثَمَرَةٍ إِلَى رَمْزٍ لِلْمَعْرِفَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَ لِلِاخْتِيَارِ، وَ لِلْعَوَاقِبِ، الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الِاخْتِيَارِ.
تَنْعَكِسُ هَذِهِ الرَّمْزِيَّةُ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الثَّقَافَاتِ وَ الْفُنُونِ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ، حَيْثُ تُسْتَخْدَمُ التَّفّاحَةُ أَحْيَانًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى الْإِغْوَاءِ، أَوْ إِلَى الْجَمَالِ الْجَذَّابِ، أَوْ إِلَى اللَّذَّةِ الْحِسِّيَّةِ. وَ فِي سِيَاقِ الْعَلَاقَةِ الْجِنْسِيَّةِ، قَدْ تَرْمُزُ إِلَى جَاذِبِيَّةِ الْجَسَدِ، وَ إِلَى الدَّافِعِ الْعَمِيقِ، الَّذِي يَدْفَعُ الْبَشَرَ نَحْوَ التَّوَاصُلِ الْحَمِيمِ. إِنَّ تَنَاوُلَ آدَمَ وَ حَوّاءَ لِلتَّفّاحَةِ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ فِعْلٍ فَرْدِيٍّ، بَلْ كَانَ لَحْظَةَ تَحَوُّلٍ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ (هذا إذا كانتِ القِصّةُ حقيقيّةً بالفِعلِ) أَدَّتْ إِلَى ظُهُورِ الْجَانِبِ الْحَمِيمِيِّ مِنَ الْوُجُودِ الْإِنْسَانِيِّ بِكُلِّ مَا يَحْمِلُهُ مِنْ بَهْجَةٍ وَ تَحَدِّيَاتٍ.
فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ، تُذَكِّرُنَا قِصَّةُ تَفّاحَةِ حَوّاءَ بِأَنَّ الْعَلَاقَةَ الْجِنْسِيَّةَ، وَ إِنْ كَانَتْ جُزْءًا أَسَاسِيًّا مِنْ طَبِيعَتِنَا الْبَيُولُوجِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهَا تَتَشَابَكُ بِشَكْلٍ عَمِيقٍ مَعَ جَوَانِبِنَا النَّفْسِيَّةِ وَ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَ الْأَخْلَاقِيَّةِ، لِتُشَكِّلَ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ تَجْرِبَتِنَا الْإِنْسَانِيَّةِ الشَّامِلَةِ.

بِقَلَمِ: فُؤادِ زَادِيكَى


الساعة الآن 08:34 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke