عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-02-2025, 04:01 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,028
افتراضي بينَ العَقلِ والعاطِفَة بقَلمِ فُؤاد زاديكِي

بينَ العَقلِ والعاطِفَة


بقَلمِ فُؤاد زاديكِي

(يُفتَحُ السِّتارُ على مَشهَدٍ يَجمَعُ بينَ شَخصيَّتينِ جالِسَتينِ في مَكانٍ هادِئ، إحداهُما تُجَسِّدُ العَقلَ، و الأُخرى العاطِفَة، و كُلٌّ مِنهُما يَبدو مُستَعدًّا لِلدِّفاعِ عن وَجهَةِ نَظَرِه).

العَقلُ: أُختِي العاطِفَة، أَنا أُقَدِّرُ دَورَكِ في حَياةِ الإنسانِ، و لَكِن، أَلَا تَرَينَ أنَّكِ تُربِكينَ القَراراتِ و تَدفعينَ النَّاسَ إلى التَّهوُّرِ؟

العاطِفَةُ: أَيُّها العَقلُ، أَفهَمتَني خَطَأً! أَنا لَستُ مُتهَوِّرَةً، بَل أُحَرِّكُ الإحساسَ و أَجعلُ الحَياةَ ذاتَ مَعنى، فَما فائِدَةُ التَّفكيرِ بِرَويَّةٍ دونَ شُعورٍ يُضفِي الدِّفءَ على الحَياةِ؟

العَقلُ: و ماذا عَنِ القَراراتِ، التي تَندَفِعينَ فيها بِلا حِسابٍ؟ كَم مِن شَخصٍ وَقَعَ في المَآسي لِأنَّهُ استَمَعَ إِليكِ وَ حسَب! أَلَا تَرينَ أَنَّ مَن يَسيرُ وَراءَ العاطِفَةِ فَقَط يَقَعُ في الفَخِّ؟

العاطِفَةُ: كَيفَ تُنكِرُ أَنَّ البَشَرَ بِدوني سيُصبِحونَ كَالرَّوَبوتاتِ؟ أَنا مَن يَجعَلُ الإِنسانَ يُحِبُّ، يُسامِحُ، يُضحِّي، أَم تُرِيدُ عالَمًا يَملَؤهُ الجَفافُ و العَقلانِيَّةُ المُجرَّدَةُ؟

العَقلُ: لَستُ أَطلُبُ إِلغاءَكِ، و لكِن أُريدُكِ مُقيَّدَةً بِقُيودِ الحِكمَةِ. الحُبُّ، الَّذي لا يَعرفُ حُدودًا يُصبِحُ تَعَلُّقًا مُدمِّرًا، و التَّسامُحُ، الَّذي لا يُفرِّقُ بينَ المُخطِئِ وَ المُحسِنِ يُصبِحُ ضَعفًا.

العاطِفَةُ: و ماذا عَنكَ؟ أَنتَ تُحَوِّلُ الإِنسانَ إِلى كائِنٍ بَارِدٍ لا يَشعُرُ بِمُعاناةِ غَيرِهِ! أَلا تُدرِكُ أَنَّ التَّفكيرَ المُفرِطَ يُؤدِّي إلى التَّردُّدِ وَ فُقدانِ فُرَصٍ ذَهَبِيَّةٍ؟

العَقلُ: التَّسرُّعُ أَسوأُ مِنَ التَّرَدُّدِ! العاقِلُ يَدرُسُ خُطُواتِهِ، فلا يَندَمُ بَعدَ فَواتِ الأَوانِ. كَم مِن عاشِقٍ بَكَى نَدمًا لِأَنَّهُ لَم يُفَكِّرْ قَبلَ أَنْ يَستَسلِمَ لِعَواطِفِهِ؟

العاطِفَةُ: وَ كَم مِن شَخصٍ فَقَدَ فُرصَةَ الحُبِّ وَ السَّعادَةِ لِأَنَّهُ أَطالَ التَّفكيرَ وَ حَسَبَ كُلَّ شَيءٍ بِالعَقلِ فَقَط؟

العَقلُ: العَقلُ يَضعُكَ في طَريقٍ آمِنٍ، أَمَّا العاطِفَةُ فَقَد تَأخُذُكَ إلى طُرُقٍ مَجهُولَةٍ!

العاطِفَةُ: و لكِن، ما أجمَلَ المُخاطَرَةَ مِن أَجلِ الإِحساسِ بِالحَياةِ!

العَقلُ: المُخاطَرَةُ المَحسُوبَةُ نَعَم، أَمَّا التَّهوُّرُ، فَهُوَ هَلاكٌ!

العاطِفَةُ: إِذًا، أَنتَ تَعتَرِفُ أَنَّكَ بِدوني تَفقِدُ طَعمَ الحَياةِ؟

العَقلُ: و أَنتِ تَعتَرِفِينَ أَنَّكِ بِدُونِي تُصبِحينَ خَطِرَةً؟

العاطِفَةُ: لَعَلَّنا مُكمِّلانِ بَعضَنا، فَلا حَياةَ بِلا عاطِفَةٍ، و لا نَجاحَ بِلا عَقلٍ.

العَقلُ: إِذًا، فَليَكُنْ بينَنا تَوازُنٌ، نُشعِلُ القَلبَ بِالنَّبضِ، وَ نَحكُمُهُ بِالحِكمَةِ.

(يَتَصافَحانِ تَعبيرًا عَنِ التَّوافُقِ، وَ يُسْدَلُ السِّتارُ وَ هُمَا يَتَبادَلانِ ابتِسامَةً راضِيَةً).
المانيا في ١١ شباط ٢٠٢٥
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 21-02-2025 الساعة 06:22 AM
رد مع اقتباس