رِثاءُ المُعَلِّمِ وَ الصَّدِيقِ وَ رَفِيقِ النِّضَالِ، الأُسْتَاذِ حَنَّا گورگيس شِيِّعا
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
(إهداء إلى روحِهِ الطّاهرة في مرورِ خمسةٍ و خمسين عامًا على رحيلِه)
مَاذَا تَقُولُ الدُّمُوعُ اليَوْمَ يَا قَلَمِي؟ ... وَ الْحُزْنُ يَنْخُرُ فِي الأَعْمَاقِ بِالأَلَمِ؟
شَيَّعْتُ (حَنَّا) وَ فِي عَيْنَيَّ زَلْزَلَةٌ ... مِنَ الأَسَى مَا لَهَا فِي الصَّبْرِ مِنْ نِعَمِ
رَفِيقُ دَرْبِي، صَدِيقُ الرُّوحِ مُذْ وُلِدَتْ ... خُطَايَ تَمْشِي عَلَى نَهْجٍ مِنَ الْقِيَمِ
مُعَلِّمٌ حِينَ نَادَى الدَّرْسُ صَاحِبَهُ ... جَاءَ المُضِيءُ، السَّخِيُّ الحُرُّ بِالْقَلَمِ
مَا ضَنَّ بِالوَقْتِ، بَلْ أَسْدَى مَنَابِعَهُ ... لِجِيلِهِ، فِي سَبِيلِ الْعِلْمِ وَ الْهِمَمِ
قَدْ كَانَ يُنْفِقُ أَوْقَاتٍ بِلا كَلَلٍ ... حتّى يُقَوِيَ ضَعْفًا فِي رُؤى الحِكَمِ
يُعَلِّمُ الضَّادَ حُبًّا دُونَمَا سَأَمٍ ... وَ يَزْرَعُ الْفَخْرَ فِيهِمْ دُونَمَا عَدَمِ
عِشْقُ يُرَتِّلُ (سِرْيانِيَّ) نَغمَتِهِ ... مِنْ حُبِّهِ نَظْمُهَا فِي رَوعَةِ النَّغَمِ
وَ كَمْ تَفَوَّقَ تِلْمِيذٌ، يُعَلِّمُهُ ... عَلَى نَظِيرِهِ فِي الإعْرابِ وَ الْكَلِمِ
حَرِيصُ قَلْبٍ، يُعَلِّيهِمْ بِغَيْرَتِهِ ... كَأَنَّهُمْ أَهْلُهُ بِالْعَطْفِ وَ الْكَرَمِ
وَ فِي الرُّبُوعِ إِذَا مَا مَرَّ ذِكْرُهُمُ ... قَالُوا: هُنَا مَرَّ (حَنَّا) شَامِخَ الْقَسَمِ
وَ عِنْدَمَا خَيَّمَ التَّوْدِيعُ وَ انْطَلَقَتْ ... تلكَ الجَنَازَةُ، أغنَتْ مَوْكِبَ الْعَلَمِ
كُلُّ الْعُيُونِ بَكَتْ، كُلُّ الْقُلُوبِ دَعَتْ ... لِرُوحِهِ فِي خُشُوعِ النُّورِ وَ السَّلَمِ
نَمْ فِي سَلَامِكَ، يَا مَنْ قَدْ صَنَعْتَ لَنَا ... مَجْدَ الْمَعَارِفِ فِي صَمْتٍ وَ فِي عِظَمِ
نَمْ فِي سَلَامِكَ، يَا (حَنَّا)، فَذَاكِرَتِي ... تَحْيَا بِحُبِّكَ، لَنْ تُمْحَى مَعَ الْقِدَمِ