عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-05-2025, 07:40 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,186
افتراضي حِينَ يَغِيبُ الصَّولجَانُ الشاعر السوري فؤاد زاديكى

حِينَ يَغِيبُ الصَّولجَانُ

الشاعر السوري فؤاد زاديكى

في زمنٍ تموجُ فيه التيجانُ وتخفتُ الأصداءُ خلفَ جدرانِ السّلطانِ، يبقى للإنسانِ ما زرعه في القلوب من ودٍّ و وفاءٍ.
هذه القصيدة ليست رثاءً لزمنٍ فانٍ، بل احتفاءٌ بالجوهرِ الإنساني…
بما يخلّدهُ الذكرُ الحسنُ بعد أفولِ الصّولجانِ.

مَنْ سَيُرثِينِي إذا آنَ الأوَانُ
فَانتهَى أمْرٌ، وغَابَ الصّولجَانُ؟

هَلْ سَتَبْكِي الرّيحُ أطيافَ الأمانِي
أم يُوَارِيني المَدَى مِنْها الدُّخَانُ؟

كم سَعَيْتُ المَجدَ, ما أدركتُ يومًا
أنّني ظلٌّ... سَيَطوِيهِ الزَّمَانُ

كلُّ تاجٍ زائلٌ مهما تَسامَى
والبَقاءُ الحقُّ للذِّكرى مُصَانُ

فافعلِ الخيرَ, الذي يَبقَى طويلًا
ذاهبٌ مَنْ كانَ مولًى, لا أمَانُ

لم أُرَاعِ النَّاسَ في مَبْغَى ثَنَاءٍ
بلْ زرعتُ الوُدَّ, تَحوِيهِ الجِنَانُ

كم كَفَفْتُ الدّمعَ عن عَيْنَيّ يَتِيمٍ
واسْتَقَرَّ الحُبُّ نَبْضًا و الحَنَانُ

يومَ ضاقتْ بالورى دربُ الأماني
كنتُ بِشْرًا, ليسَ يُرْجَىَ الاِمْتنَانُ

ما بَخَلتُ الجُودَ عن كفّي، و ربّي
عالِمٌ سِرِّي و مَا أخْفَى البَيَانُ

إن دعا صَحْبٌ، وَجَدتُ الدَّربَ سَهْلًا
لا يُبَالَى الشّوكُ، لا يُخْشَى الطِّعَانُ

ذَاكَ طَبعِي مُنذُ إقبالِي وَلِيدًا
حبُّ خلقِ اللهِ زادِي والأمَانُ

مُخلِصٌ وُدًّا وَ لا أرجو جَزَاءً
غيرَ ذكرى اِعْتِبَارٍ لا يُهَانُ

كلُّ حُبٍّ في ضُلوعي صَارَ نَهْجًا
كابتسامِ الوردِ و الغُصْنُ اتِّزَانُ

سَقْفُ مَجدِي في عُلُوٍّ بِاتِّضَاعٍ
كلُّ فصلٍ مِنْ فُصُولي مُسْتَبَانُ

لم أُباهِ النَّاسَ تِيهًا أو غُرُورًا
بل كَسَتْنِي هَيبةً تلكَ الحِسَانُ

رَصَّعَتْ تَاجِي خِلَالٌ, ليسَ تَبْلَى
السّخاءُ المُصْطَفَى و العُنفُوَانُ

إن سألتَ الرّوحَ: "ماذا في حِسابِي؟"
قلتُ: حُبُّ النّاسِ... و الصّدقُ المُبَانُ

ثم أمضِي، سَاكِنًا نَفْسًا و رُوحًا
رَاضِيًا إنْ جاءَ ذاكَ الامتِحَانُ.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس