عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-05-2025, 08:22 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,105
افتراضي بَسْمَةُ الحَيَاةِ فِي حُبِّ العَمَلِ بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي

بَسْمَةُ الحَيَاةِ فِي حُبِّ العَمَلِ


بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي

ٱلْعَمَلُ هُوَ الرُّوحُ، الَّتِي تَنْفُخُ فِي جَسَدِ الحَيَاةِ مَعْنًى وَ قِيمَةً، فَبِهِ يَرْتَقِي الإِنْسَانُ وَ يَتَطَوَّرُ، وَ بِهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُثْبِتَ ذَاتَهُ فِي الْوُجُودِ كَائِنًا نَافِعًا، فَعِشْقُ العَمَلِ لَيْسَ تَرَفًا، بَلْ هُوَ ضَرُورَةٌ حَيَوِيَّةٌ لِكُلِّ إِنْسَانٍ يُرِيدُ أَنْ يَحْيَا كَرِيمًا، حُرًّا، مُسْتَقِلًّا.

إِنَّ لِلْعَمَلِ أَثَرًا عَمِيقًا فِي نُفُوسِنَا، فَهُوَ يَشْحَذُ الهِمَمَ، وَ يُغَذِّي العُقُولَ، وَ يُحَرِّكُ السَّوَاكِنَ فِينَا، وَ يُكْسِبُنَا خِبْرَاتٍ وَ مَهَارَاتٍ، وَ يَمْنَحُنَا ثِقَةً بِالنَّفْسِ لَا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ. وَ كَمْ مِنْ شَخْصٍ كَانَ يَتَخَبَّطُ فِي الظُّلُمَاتِ فَوَجَدَ فِي العَمَلِ نُورًا أَضَاءَ لَهُ طَرِيقَ الحَيَاةِ.

وَ مِنْ نَاحِيَةٍ جَسَدِيَّةٍ، فَإِنَّ العَمَلَ يُقَوِّي البَدَنَ، وَ يُبْعِدُهُ عَنِ الكَسَلِ وَ الخُمُولِ، فَالجَسَدُ، الَّذِي يَعْتَادُ العَمَلَ يَصِيرُ نَشِيطًا، وَ يَرْفُضُ أَنْ يَكُونَ حِمْلًا عَلَى غَيْرِهِ. إِنَّهُ يَطْرُدُ السَّأمَ و الملل، وَ يَجْعَلُ الإِنْسَانَ يَشْعُرُ بِفَاعِلِيَّتِهِ فِي مُجْتَمَعِهِ.

وَ لَا يَقِلُّ أَثَرُ العَمَلِ عَنْ ذَلِكَ فِي النَّاحِيَةِ النَّفْسِيَّةِ، فَالعَامِلُ يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ وَ الاِكْتِفَاءِ، وَ يَنْعَمُ بِهُدُوءِ البَالِ، وَ هُوَ يَرَى ثَمَرَ جُهْدِهِ يُؤْتِي أُكُلَهُ. وَ فِي ذَلِكَ قَالَ الحُكَمَاءُ: "مَنْ عَمِلَ بِيَدِهِ، عَاشَ سَيِّدًا."

وَ لِلْعَمَلِ أَيْضًا أَثَرُهُ فِي بِنَاءِ الأَوْطَانِ، فَلَا نَهْضَةَ بِدُونِ سَوَاعِدَ العَامِلِينَ، وَ لَا كَرَامَةَ لِشَعْبٍ يَعِيشُ فِي التَّوَكُّلِ وَ التَّبَطُّلِ. وَ إِنَّ كُلَّ مِهْنَةٍ شَرِيفَةٍ، وَ إِنْ بَدَتْ صَغِيرَةً، تُسَاهِمُ فِي عِمَارَةِ الحَيَاةِ، فَسَبَّاكُ المَاءِ، وَ النَّجَّارُ، وَ الفَلَّاحُ، وَ الْمُعَلِّمُ، وَ الطَّبِيبُ، كُلُّهُمْ لَهُمْ دَوْرٌ مُكَمِّلٌ لِلآخَرِ.

وَ قَدْ قِيلَ قَدِيمًا: "ٱعْمَلْ، وَ لَوْ فِي أَقْذَرِ الأَعْمَالِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى قَذِرٍ ٱبْنِ قَذِرٍ." وَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالأَعْمَالِ "القَذِرَةِ" هُنَا تِلْكَ الَّتِي تُفْسِدُ المُجْتَمَعَ أَوْ تُهَدِّدُ القِيَمَ، بَلْ تِلْكَ الَّتِي يَعَافُهَا النَّاسُ ظَاهِرًا، وَ هِيَ فِي حَقِيقَتِهَا أَشْرَفُ وَ أَنْبَلُ مِنْ أَلْفِ جَلِيسٍ يَسْتَجْدِي وَ يَتَسَوَّلُ.

فَحُبُّ العَمَلِ يُوَلِّدُ الإِبْدَاعَ، وَ يُفَجِّرُ الطَّاقَاتِ، وَ يَرْسُمُ طَرِيقَ التَّقَدُّمِ وَ الرُّقِيِّ. فَمَنْ أَرَادَ الحُرِّيَّةَ وَ العِزَّةَ، فَلْيَعْمَلْ، وَ مَنْ بَغَى الكَرَامَةَ وَ الاِسْتِغْنَاءَ، فَلْيُحِبَّ العَمَلَ.

وَ فِي نِهَايَةِ المَطَافِ، فَإِنَّ العَمَلَ هُوَ جَوْهَرُ الإِنْسَانِ، وَ بِهِ يَسْتَحِقُّ الِاحْتِرَامَ وَ التَّقْدِيرَ. فَلْنَحْيَ بِحُبِّ العَمَلِ، وَ لْنَصْنَعْ مِنْهُ جِسْرًا نَعْبُرُ بِهِ إِلَى غَدٍ أَفْضَلَ.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 18-05-2025 الساعة 11:14 PM
رد مع اقتباس