نارُ الطَّيشِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
لا تَسْلُكِ الدّربَ مَغْرُورًا، فَذَا خَطَرُ ... الزّيفُ يَخْدَعُ و العُقْبَى هِيَ الضَرَرُ
ما كلُّ بَرْقٍ تَرَى في الأفْقِ مُشْتَعِلًا ... إلّا و عندَ الضَّياعِ الحُزنُ و الكَدَرُ
كم من فتًى طائشٍ قد هانَ مَبدَأَهُ ... لمّا أطاعَ هوىً في القلبِ يَسْتَعِرُ
يَرنُو إلى المَجدِ في مَسْعَى مُجَازَفَةِ ... يَهْوِي صَرِيعًا، و ما للدّهرِ مُعْتَذَرُ
يَمْشِي على شُعَبٍ تَغلِي مَكائدُها ... كأنّهُ لا يرَى نارًا سَتَسْتَعِرُ
العقلُ زَانَ الفَتَى، إنْ ظَلَّ مُعْتَمَدًا ... و سِترُهُ في الخُطُوبِ الحُلمُ و الفِكَرُ
يا صاحِ كنْ حَازِمًا، لا تَنْجَرِفْ عَبَثًا ... فالطّيشُ داءٌ بهِ الأرواحُ تُنْتَحَرُ
فالنّفسُ تَشْقَى إذا أغرَتْ مَطْامِعُهَا ... و الموجُ يُغْرِقُ إنْ غاصَتْ بهِ الجُزُرُ
و الرأيُ من دُون مِيزانٍ، يُضِلُّ فَتًى ... قد كانَ بالأمسِ في الأفكارِ يَفتَخِرُ
و كم شَقِيٍّ رمَى الآمالَ من سَفَهٍ ... فاستيقظَ الحلمُ في الأحزانِ يَحتَضِرُ
و كم غَرِيرٍ بَنَى فوقَ الغُرورِ لهُ ... صَرحًا فهَدَّهُ في وَقْعِ الأذَى قَدَرُ
مَن يَزرَعِ التّيهَ لا يُرجَى لَهُ ثَمَرٌ ...و لا يَفُوزُ بما يسعَى و يَنْتَظِرُ
تَأَنَّ، تَفْلَحُ في صَبرٍ، بِهِ دُرَرٌ ... و كم هَوَى مَن جرَى و الوقتُ مُنْدَثِرُ
فالعقلُ زادُ الفتَى إن رامَ مَكرُمةً ... و الحلمُ دربٌ بهِ الأقدارُ تَفْتَخِرُ
فاحْذَرْ هُيَامَ الهوَى إنْ كُنتَ مُمْتَلِكًا ... زِمَامَهُ، فالهَوى نارٌ سَتَنْفَجِرُ
وازنْ خُطَاكَ إذا ما خيَّرَتكَ دُنا ... ما كلُّ ما يُلْمِعُ البرّاقُ يُعْتَبَرُ
و اغرسْ رَشادَكَ في أرضِ الفتَى أدبًا ... فالزّرعُ بالرّفقِ لا بالطَّيشِ يَزْدَهِرُ