مشاركتي على برنامج ماذا لو غلبني الحنين و أنت بعيد؟ في أكاديمية العبادي للأدب و السل
مشاركتي على برنامج ماذا لو غلبني الحنين و أنت بعيد؟ في أكاديمية العبادي للأدب و السلام من إعداد و تقديم الدكتورة سيليا علي و إشراف الدكتورة شهناز العبادي عميد الأكاديمية
مَاذَا لَوْ غَلَبَنِي الْحَنِينُ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ بَعِيدٌ؟
بقلم: فؤاد زاديكى
مَاذَا أَفْعَلُ إِذَا غَلَبَنِي الْحَنِينُ إِلَيْكَ، وَ أَنْتَ لَا تَسْكُنُ إِلَّا فِي طَيَّاتِ الذِّكْرَى، وَ تَحْتَلُّ كُلَّ زَاوِيَةٍ فِي قَلْبِي؟! كَيْفَ أُخْفِي وَجْعِي وَ أَخْمُدُ شَوْقِي، وَ صَوْتُكَ يَتَرَدَّدُ فِي ذَاكِرَتِي كَنَغْمَةٍ تَأْبَى الْأُفُولَ؟!
إِذَا غَلَبَنِي الْحَنِينُ، فَسَأَكْتُبُ لَكَ، وَ إِنْ لَمْ تَقْرَأْ. سَأُرْسِلُ كَلِمَاتِي مَعَ نَسِيمِ الْمَسَاءِ، وَ أُهَامِسُ الْقَمَرَ عَنَّكَ. سَأُخَاطِبُ النُّجُومَ، لَعَلَّهَا تُبَلِّغُكَ أَشْوَاقِي. لَا شَيْءَ يَسْتَطِيعُ إِسْكَاتَ هَذَا الْحَنِينِ الَّذِي يَسْرِي فِي دَمِي كَجُرْحٍ قَدِيمٍ لَا يَلْتَئِمُ.
فِي كُلِّ لَحْظَةِ صَمْتٍ، أَسْمَعُ نَبْضَ اسْمِكَ. فِي كُلِّ نَظْرَةٍ، أَرَاكَ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرًا. كَأَنَّ الْبُعْدَ زَادَكَ وُجُودًا، وَ أَعْطَاكَ صَوْتًا أَعْلَى مِنْ صَوْتِ الْقُرْبِ.
مَاذَا لَوْ غَلَبَنِي الْحَنِينُ، وَ قَلْبِي لَا يَجِدُ لَكَ بَدِيلًا؟ مَاذَا لَوْ اسْتَيْقَظْتُ فِي اللَّيْلِ عَلَى اسْمِكَ؟ وَ مَاذَا لَوْ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ طَيْفَكَ، وَ فِي الصَّحْوِ خَيَالَكَ؟ أَأُغْمِضُ عَيْنَيَّ هَرَبًا، أَمْ أَفْتَحُهُمَا لِلْوَجْعِ؟!
الْحَنِينُ إِلَيْكَ لَيْسَ خَيَارًا، إِنَّهُ قَدَرٌ يَسْكُنُنِي. أَعِيشُ عَلَيْهِ كَمَا يَعِيشُ الْقَلْبُ عَلَى النَّبْضِ. وَ إِنْ غِبْتَ، فَإِنَّكَ فِي، وَ إِنْ بَعُدْتَ، فَإِنَّكَ قَرِيبٌ، كَأَنَّمَا مَا زِلْتَ هُنَا، فِي هَمْسَاتِي، فِي نَظَرَاتِي، فِي أَدْقِّ التَّفَاصِيلِ الَّتِي لَا يَرَاهَا أَحَدٌ سِوَايَ.
أَحْيَانًا، أَحْسَبُ أَنَّ الْحَنِينَ هُوَ الْحَبِيبُ، الَّذِي لَمْ يَغِبْ. فَهُوَ يُجَالِسُنِي وَ يُوَاسِينِي، وَ لَكِنَّهُ يُعَذِّبُنِي بِذِكْرَاكَ. يَجْعَلُنِي أَتَذَكَّرُ ضِحْكَتَكَ، نَبْرَةَ صَوْتِكَ، وَ حَتَّى طَرِيقَةَ صَمْتِكَ.
يَا مَنْ بَعُدْتَ مَكَانًا، وَ مَا بَعُدْتَ أَثَرًا، مَاذَا أَفْعَلُ وَ الْحَنِينُ لَكَ أَصْبَحَ قَصِيدَتِي الَّتِي لَا أَنْهِي بَيْتَهَا؟! مَاذَا أَفْعَلُ وَ أَنَا أَكْتُبُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ، وَ أَعْلَمُ أَنَّ رِسَالَتِي لَنْ تَصِلَ؟!
يَبْقَى الْحَنِينُ إِلَيْكَ حَقِيقَةً أَقْوَى مِنْ النِّسْيَانِ، وَ أَعْنَى مِنْ الْغِيَابِ. وَ لَوْ غَلَبَنِي الْحَنِينُ، فَسَأَدَعُهُ يَغْلِبُنِي، فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ مَا يُبْقِينِي حَيًّا... إِلَى أَنْ تَعُودَ.
__________________
fouad.hanna@online.de
|