عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-07-2025, 09:09 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,205
افتراضي مشاركتي على برنامج منبر الشعراء من إعداد و تقديم الدكتورة نجدة رمضان و إشراف الدكتورة

مشاركتي على برنامج منبر الشعراء من إعداد و تقديم الدكتورة نجدة رمضان و إشراف الدكتورة شهناز العبادي عميد أكاديمية العبادي للأدب و السلام
العشقُ نارٌ لا تُطفَأُ

بقلم: فؤاد زاديكى
العَشقُ ليسَ مجرَّدَ إحساسٍ عابرٍ، بل هوَ حالةٌ وجوديَّةٌ تُحيلُ القلبَ إلى موطنٍ من الجَذْوَةِ و الشَّغَفِ. فمَنْ ذاقَ طَعمَ العشقِ مرَّةً، لن يعودَ كما كانَ، لأنّ نيرانَهُ تُغيِّرُ المعاني و تُبدِّلُ المفاهيمَ و تُعيدُ ترتيبَ الأحاسيسِ.
العَشقُ هوَ لقاءُ الرُّوحِ بالرُّوحِ قبلَ الجسدِ، و هوَ ذلكَ الانجِذابُ الغامضُ، الذي لا تُدرِكهُ العيونُ لكنَّهُ يُحْدِثُ رَجَّةً في الأعماقِ. هوَ الصَّوتُ الخَفِيُّ، الذي يَهْتِفُ باسمِ المحبوبِ في كُلِّ صمتٍ، و هوَ الشوقُ، الذي يُولَدُ من لمسةٍ أو نظرةٍ أو حتى من ذِكرى عابرةٍ.
في العَشقِ، لا حدودَ للخيالِ، و لا قُيودَ للواقعِ. هوَ الحالةُ الوحيدةُ، التي يَتَجلّى فيها الإنسانُ بأجملِ ما فيهِ، إذ يُصبحُ عاشقًا لا لأنَّهُ اختارَ، بل لأنَّ العشقَ اختارَهُ. و حينَ يَحِلُّ العشقُ، يتوقَّفُ الزمنُ، و تُصبِحُ اللَّحظاتُ كأنَّها خالدةٌ لا تنقضِي.
العاشقُ يَرى في محبوبتِه الكونَ كلَّهُ، فيَغدو وجهُها قمرًا، و صوتُها موسيقى، و حضورُها طُمأنينةً لا يُشبهُها شيءٌ. هوَ يُحبُّها بكلِّ ما فيها، بعيوبِها قبلَ مزاياها، و يشتاقُ إليها و إنْ كانتْ أمامَهُ.
و للعَشقِ لُغتُهُ، التي لا تُشبهُ لُغةَ الكلامِ، فيها تنهيدةٌ تُعبِّرُ، و نظرةٌ تُفصِحُ، و ارتِعاشةٌ تُخبِرُ أكثرَ من ألفِ حرفٍ. هوَ النَّظرةُ، التي تُذيبُ، و الكلمةُ، التي تُحيي، و السكوتُ، الذي يَجعلُ القلوبَ تَتحَدَّثُ.
قد يكونُ العشقُ عذابًا، لكنَّهُ عذابٌ يُرادُ، يُطلبُ، و يُشتَاقُ إليهِ، لأنَّهُ يُخرجُ الإنسانَ من بَرْدِ الاعتيادِ إلى دفءِ الحياةِ. فيهِ يُصبحُ القلبُ مرهفًا، و الخيالُ خَصِبًا، و العينُ تُبصرُ ما لا يُرى.
العَشقُ هوَ جنونُ العقلاءِ، و هوَ الحلمُ، الذي لا ينتهي، و الحنينُ، الذي لا يَخمدُ. مَن عاشَ العشقَ عرفَ أنّ الحياةَ لا تُقاسُ بالأيّامِ، بل باللَّحظاتِ التي خفقَ فيها قلبُهُ للمحبوبِ.
فَسلامٌ على العاشقينَ، و سلامٌ على القلوبِ التي اختارتِ العشقَ نهجًا، رغمَ الألمِ، لأنَّ في العشقِ، كلَّ الألمِ يَهونُ، و كلَّ الدُّنيا تَبتَسِمُ.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس