عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-01-2006, 04:26 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,296
افتراضي

" الوصيّة والسّبي الأكبر تحت المِبْضع وعين المجهر " تعليق وتحقيق فؤاد زاديكه. القسم الثالث.


كما قرأتُ في المخطوطين السّابقي الذكروكما ورد في كتابي الذي أخذته نقلا عن أشخاص مسنّين وأقرباء الشمّاس وممّن كان لهم اهتمام واطلاّع عن حياة الشماس وما جرى معه فإني أقول:. إنه بعدما لقي الرّجالُ الستّة من الذلّ والمهانة والضّرب المبرّح ما كان, ولكون الجراح التي تسبّب لهم بها كو?ال الشمّاس اسطيفو كانت واضحةً على رؤوسهم وإن خفيت آثارها على أجسادهم التي تورّمت من جرّاء الضرب الذي قابلهم به الشماس, ولكونهم عادوا إلى الأمير بخفّي حُنين دون طائل فإنّ معرفة الأمير بواقع الأمر كانت أمراً طبيعيّاً. هذا ما كان من أمرهم. وأما ما كان من أمر الشمّاس فإنه ولدى عودته إلى آزخ قرّر الاجتماع برجال آزخ وهو ما كان يفعله على الدوام في حال وقوع أمور غير عاديّة أو طارئة ليتمّ عقد المجلس الأعلى لزعماء عشائرالقرية ورجال دينها وعقلائها, لأن الخطورة تتهدّد في مثل هذه الأحوال معظم البلدة وليس الشّخص الوحيد الذي تسبب في أذيّة أو مشكل أو ما في حدود ذلك من خروقات وتجاوزات تنعكس سلباً على مصير القرية برمّتها وعلى الأهالي جميعاً.
دعا الشمّاس إلى عقد اجتماع طارىء وأعلمهم بما جرى وكيف تصرّف مع رجال الأمير الذين أساؤوا إلى سمعة الأمير وفعلوا المنكر وتعدّوا على الحرمات! مبيّناً أنّ في هذا إهانة بالغة لشرف آزخ بكل بيوتاتها وعشائرها. وأنه لم يكن بدّ من إيقاف هؤولاء الأوغاد عند حدهم وتلقينهم ما يلزم من الدروس لتكون لهم عبرة في المستقبل وعظة لن يتكرر مثلها في المستقبل لا مع آزخ ولا أية قرية أخرى تتبع إمارة البوطان إدارياً علماً أنه كان يدرك مخاطر تلك الفعلة التي قام بها والمدى الذي سوف تتسبّب به من غضب لدى الأميرفي حال وقوفه على حقيقة ما جرى.
ولكي يكون القرار بشكل إجماعيّ وينحو منحى موافقة الأغلبيّة فإن الشمّاس طالب " وبحضور الأسقف ?ور?يس الآزخي (حبيبكي) ولحدو عبد الأحد (عبدالا) وهو الآخرمن عشيرة آل حبيب (حبيبكي)كما حضر كذلك ابراهيم عبد المسيح المعروف بأبي السيف" وغيره من عقلاء آزخ وزعمائها. بوجوب استدعاء (فارس) الإسفسي الموجود في إسفس وهو جدّ (?به فرحو) لأمر هام وحيث أن (فارس) هذا كان من أتباع الشمّاس وكان يستشيره في أمور كثيرة لما كان عليه من حنكة ودراية ومن خبرة في أمور الحياة وكيفية التعامل العشائري وغير ذلك من الأعراف التي كانت سائدة في تلك الأيام. وبحضور الجميع تمّ اتّخاذ القرار وهو أن يذهب الشمّاس غداً إلى الأمير في جزيرة ابن عمر ليقابله ويشرح له الأمر, وكان معروفاً عن الأمير بدرخان قسوته مع خصومه وأعدائه الذين لم يكن يألوا على اتّخاذ أي جهد أو وسيلة لتصفيتهم والقضاء عليهم وكان يعاونه في تلك الأيام أخوه الأمير سيف الدين.
ودّع الشمّاس الرجال وهو يقول لهم بعد أن زوّده الأسقف ?ور?يس برسالة خطيّة إلى الأمير يشرح فيها ملابسات ما جرى بناء على ما سمعه من رواية الشماس وكان الشماس رجلا صادقاً ومحبوباً من قبل شعب آزخ ومؤمناً وعلى هذا الأساس أخذ طريقه متوجّهاً إلى إميرالبوطان في جزيرة ابن عمر. وقبل أن يغادر كان حمل رسالة موجّهة من وجهاء آزخ بتوقيع الأسقف إلى آغات العماريّة في قرية (عميرين) يشرحون فيها ما جرى من التطوّرات من باب الاحتياط. فساء أهل (عميرين) الذي وقع بين آزخ وبين جزيرة ابن عمر(البهتان). والتقى الشمّاس بالشّعب في حوش البيعة ليلقي فيهم كلمة الوداع الأخيرة فهو كان يعتقد أنه سيذهب وسوف لن يعود. وخاطب الشمّاس أهل آزخ قائلا: " لا تخافوا فقد أخذتُ معي كفني. ومتى كتبت لي الحياة فإني سأعود إليكم وإني سأذهب بنفسي ولن أدع أحداً غيري منكم يذهب لأني الفاعل ومتى استوجب فعلي عقاباً ما! فلأعاقب أنا على ذلك وليس غيري!" وقال لهم مذكّراً إياهم بما أسدته آزخ من صنيع حسن مع أمير الجزيرة (عزّ الدّين شير) ايزدين شير.عندما حارب رجال آزخ البواسل إلى جانب رجاله في حربهم ضد أهل شرناخ ممّا أدّى إلى استيلاء الأمير الكردي على منطقة شرناخ بدعم من آزخ ومساعدة رجالها له.
" لاتخافوا. سأذهب إلى الأمير حاملا معب كفني! شارحاً له ما جرى بيني وبين غلمانه. فإن اقتنع ببراءتي فإنه سيطلق سراحي ويعفو عنّي. وإنْ لم يقتنع فلا شك سأموت مرتاح البال, مطمئن النّفس لأني لم أقبل الإهانة لشعبي وأهلي! فإنْ عملتُ إساءةً فأنتم منها بريئون! وإنْ عملتُ خيراً من أجلكم جميعاً فإن الله لا شك سيحفظني من هذا الأمر" ثمّ ودّع أهل آزخ وتوجّه إلى الجزيرة حاملا ثوباً من الخام وأسلحة الغلمان التي كان شلّحهم إيّاها (انتزعها منهم بالقوة).
وصل الشمّاس إلى الجزيرة فتوجّه توّاً إلى قصر الأميروالمعروف ب (برجا بلك) البرج الأبيض. ولدى وصوله سلّم الأسلحة المذكورة لحرّاس القصر وبعدها طلب الإذن بالدخول على الأمير. وبعد أنْ أُذن له دخل بقلب مليء بخوف الله وليس من خوف بشر بجرأة نادرة لأنه كان تهيأ للموت قبل مجيئه إلى هنا.
فسأله الأمير: مَنْ أنت أيّها الشّجاع الذي كسر ناموس رجالي وأشبعهم ضرباً وصادر أسلحتهم دون أن يدخل الخوف إلى قلبه من كونهم يمثّلون سلطتي وسلطاني؟ وأنّ أيّ تعدّ عليهم هو بمثابة التعدّي على سمعتي بين القرى وهيبتي التي لن أسمح لأي كان بأن ينال منها؟ ولماذا ضربتَ غلماني أيها الرجل الذي أغفل مكانتي ومنْ أكون؟
أجابه الشمّاس : نعم أنا هو ذلك الرجل يا سيّدي! ولكن حاشا لله أن أكون تطاولتُ على مقامك الرفيع أو رغبتُ بالإساءة إليه! بل على العكس من ذلك فأنا حافظتُ على مقامك ورفعتك ولم أسمح لمثل هؤولاء الرجال الأوغاد والساقطين أن يعبثوا بسمعتك وأن ينالوا من مقامك لكونهم يمثّلونك في كل خطوة لهم! سأله الأمير: كيف إذً حصل ما حصل؟ إذ قمت بإهانتهم وشتمت مقامي وأعلنت إنك لا تخشى مني ومن غضبي؟ قال له الشمّاس ودون أن يخرج عن حدود هدوئه المعهود واتّزانه المعروف عنه: إني يا سيّدي الأميرجئتُ إليك بنفسي لشعوري أني كنت على حقّ فيما تعاملتُ به مع رجالك! وهم أساؤوا إلى سمعتك. وحاولت منعهم من ذلك. ثم قدّم له رسالة الأسقف والتي جاءت بشرح مفصّل عمّا جرى وهو مثبت بشهادات النسوة اللائي تعرّضن للإهانة والشّتم من قبل هؤلاء الرجال. ومن المعروف أنّ الأمير البوطي بدرخان كان صهر الخليفة العثماني في حدود 1800 م ولذا سمّي أولاده بأولاد الأزيزيّة كونهم أولاد بنت السلطان وكانت مهمّة الأمير في ذلك الزمان هي جباية خزينة السلطان في استانبول. وكان الأمراء الأكراد في معظم الأوقات بحالة حرب مع الآشوريّين والكلدانيّين والأرمن والسّريان. لكنّ الآشوريّين كانوا يتغلّبون عليهم في أكثر المعارك ويقهرون جيوشهم ولولا المساعدات العسكريّة التي كان الأمير بدرخان يتلقّاها من أمير الرّاوندوز(ميره كور) الأمير الأعمى, لكان تسنّى للآشورييّن القضاء على الحكم الكردي في جزيرة البوطان. كما أنّه لولا مساعدة الدولة العثمانيّة ودعمها اللامحدود لهؤولاء الزعماء لاستطاع الآشوريون بحقّ اجتياح جميع مناطق جبال طورورس واحتلالها.

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 07-01-2006 الساعة 11:50 PM
رد مع اقتباس