عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-12-2005, 10:02 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,531
افتراضي وقفة قصيرة مع القاموس القسم الثالث

وقفة قصيرة مع أربع صفحات من القاموس الأزخيني لعبد الكريم بشير

القسم الثالث

لا أبالغ متى قلتُ مبدعاً فهو حقّاً عالم المعاناة والقهر من خلال ما تعرّضت له من غزوات وتدمير وسبي على يدي هذا وذاك من طغاة الحروب ومجرمي التاريخ ومصّاصي دماء الشّعوب الآمنة. كما كان عالم النشوة وغمرة الفرح فكان هلازخ ومن واقع أن الهجوم خير وسائل الدفاع قد حقّقوا بعض الإحساس بهذه النشوة وأقول قول العدل والصّراحة - وهذا ما ركّزتُ عليه جيّداً في تناولي لعرض وتحليل الجانب التاريخي من حياة هذه البلدة - أنه لو كانت لدى شعب آزخ في إحدى فتراته (وهو العصر الذهبي لها في عهد الشماس اسطيفو ابن بازو البرصومكي الملتجىء إلى بيت جدّي الأول لوالدتي حانة وهو (جمعة آدم) والذي تزوّج من ابنته فيما بعد والمسماة أيضاً ب (حانة) ابنة (جمعة آدم) وقد تسمّت إمي باسمها تيمّناً) أقول: لو كانت للشماس اسطيفان مطامع سياسية أو أهداف دنيوية سلطوية لاستطاع إنشاء دولة صغيرة أو إمارة على غرار الإمارات الكردية التي كانت منتشرة على أراضي الدولة التركية في تلك الأزمنة. ومن هذه الإمارات (إمارة جزيرة البوطان) في جزيرة ابن عمر و (إمارة ديار بكر) و (إمارة نصيبين) أو الإمارات الصغيرة التي كانت مستقلة القرار على نحو ما.

إن الشمّاس استطاع وبدافع إغاثة المظلوم ومساندة طالب النجدة وتخليص الأسرى من معتقلاتهم أن يصل في حدود فتوحاته إلى شرناخ صوب الجبل وإلى زناور في برية نصيبين وإلى حدود الحناوية في سورية بالقرب من ديريك الحالية فيما يقع ضمن حدود الدولة السورية في الوقت الحاضر. لم تكن لهذا الشعب أية أغراض أو مشاغل تلهيهم عن إيمانهم وتدفعهم إلى الرضوخ لإغراءات الدنيا المتعددة والكثيرة والتي سرعان ما تجرف أصحاب النفوس الطامعة أو الراغبة في جاه أو نفوذ أو سلطان إليها. لقد كانت للشعب المسيحي السرياني في آزخ رغبة أكيدة وحقيقية خالصة في عبادة الله دون التأثر بمغريات العالم الأرضي، وكانت هذه الروح الخلقية تجعلهم يتقرّبون من ربهم ويكرمونه بعبادتهم إياه ومحبة كنيستهم والمحافظة على وجودهم في محيط هائل وخضم قرى كردية حاقدة سعت طويلا إلى إلحاق الأذى بهذا الشعب البسيط الذي استمد بساطته من محبة جميع الناس دون أحقاد وضغائن وكراهية فكل المؤمنين إخوة في الله.

أكد أهل آزخ وفي أكثر من مناسبة أنهم أهل للسلام والمناداة بالأمن والتحابب كما أثبتوا أنهم قادرين على الدفاع عن أنفسهم وحقهم في الحياة أسوة ببقية شعوب العالم. فذادوا عن حمى وطنهم واستعذبوا الموت في سبيله وبذلوا الأرواح الغالية ثمناً لتلك الحرية والتي لم تكتمل إذ هاجرها شعبها وهجرها تاركاً إياها لقمة سائغة للغرباء يعيثون فيها الفساد ويدنسون أديرتها وكنائسها!

كي لا أشطّ عن موضوع البحث، أسمح لنفسي بالعودة ثانية إلى التأكيد على أن كلّ هذا كان فريداً وليس غريباً أن تكون لهجة آزخ هي الأخرى فريدة في عنفوانها وفي أصولها وجذورها. فريدة حتى في فروعها. وعودة إلى القاموس أقول: إن جازت تسمية هذه المداخلة بوقفة فهي قراءة لصفحات منه لا تتجاوز في حدودها الأربع صفحات وحيث لم يحصل لي شرف قراءته كاملا والتمتّع برنين مفرداته ولاشك بجزالة أسلوبه أيضاً. إن هذه الوقفة لن أسمّيها نقداً للسبب الذي ذكرته قبل قليل ولسبب آخر وهو أن القاموس لم يعرض للنقد والتحليل والتقويم فلذا سأسمّي ما أقوم به وأعنيه كوقفة هادئة تحمل الوداعة والأمانة وتكنّ لصاحب العمل الاحترام والتقدير بلفت انتباه متواضع لبعض الهفوات والسهو والنواقص والأخطاء المطبعية والتي زاد عددها في أربع صفحات على حدود المعقول والجائز منها ما يعود إلى هفوات وأغلاط في صميم العمل ومنها عيوبُ الطباعة التي أساءت إلى روح هذا العمل وأفقدته جوانب جمالية كان له الحق في أن يفخر يتباهى بها كأول عمل في هذا المضمار.
يتبع...
رد مع اقتباس