Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 01:04 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,035
افتراضي ميزانُ الأخذِ والعطاءِ بقلم: فؤاد زاديكى إنَّ مبدأَ الحياةِ يقومُ على التوازنِ بينَ

ميزانُ الأخذِ والعطاءِ

بقلم: فؤاد زاديكى

إنَّ مبدأَ الحياةِ يقومُ على التوازنِ بينَ الأخذِ و العطاءِ، و هذِهِ القاعدةُ تُمثِّلُ ميزانًا دقيقًا لا تستقيمُ الحياةُ بدونه. فالتعاملُ الصَّحيحُ بينَ الناسِ يجعلُ كفَّتَيْ هذا الميزانِ متعادلتَيْنِ، الأمرُ الذي يُؤدِّي إلى خلقِ بيئةٍ إيجابيَّةٍ من التفاهمِ و المحبَّةِ و التعاونِ. العطاءُ يُعبِّرُ عن الكرمِ و المحبَّةِ، بينما الأخذُ يُمثِّلُ حاجةَ الإنسانِ الطبيعيَّةَ إلى القبولِ و المساعدةِ.

لكنْ، عندما تختلُّ إحدى كفَّتَيْ هذا الميزانِ، و تَغْلِبُ كفَّةُ الأخذِ على حسابِ كفَّةِ العطاءِ، يظهرُ خللٌ يُسبِّبُ اضطرابًا في العلاقاتِ الإنسانيَّةِ. إذ إنَّ الأنانيَّةَ و الجشعَ يتحكَّمانِ بسلوكِ البعضِ، مما يُؤدِّي إلى تجفيفِ منابعِ العطاءِ لدى الآخرينِ، الذين قد يشعرونَ بالاستغلالِ و الإجحافِ.

العطاءُ ليسَ ماديًّا فحسبُ، بل يشملُ الكلمةَ الطيِّبةَ، الابتسامةَ الصادقةَ، المساندةَ النفسيَّةَ، و المشاركةَ في الأحزانِ و الأفراحِ. في المقابلِ، فإنَّ الأخذَ لا يعني الاستغلالَ أو الجشعَ، بل تلبيةَ احتياجاتِ الإنسانِ بطريقةٍ متزنةٍ.

إنَّ العلاقاتِ الإنسانيَّةَ تقومُ على التبادلِ الإيجابيِّ. فحينَ يعطي الإنسانُ بصدقٍ، يُنتجُ في قلبِهِ شعورًا بالسعادةِ و الرّضا، بينما الأخذُ بشكرٍ و امتنانٍ يُعزِّزُ من مكانةِ العطاءِ. لكنْ إذا تَمَّ التّعاملُ مع الأخذِ كأنَّهُ حقٌّ مُطلَقٌ دونَ مراعاةِ العطاءِ، فإنَّ هذا يُؤدِّي إلى تفكُّكِ العلاقاتِ و ازديادِ التوتُّرِ بينَ الناسِ.

الحياةُ تُعطينا دروسًا كثيرةً عن أهميَّةِ هذا التّوازنِ. فكما تحتاجُ الأشجارُ إلى الماءِ لتنموَ و تُثمرَ، تحتاجُ أيضًا إلى الأرضِ التي تحتضنُ جذورَها. كذلكَ البشرُ، يحتاجونَ إلى مَنْ يأخذونَ منهمْ و مَنْ يعطونَهمْ، لضمانِ استمراريَّةِ الحياةِ بتوازنٍ و انسجامٍ.

إنَّ اختلالَ هذا الميزانِ قد يُؤثِّرُ على المجتمعِ بشكلٍ عامٍّ. فالطّمعُ يُؤدِّي إلى تفشِّي الظلمِ و الفقرِ، و يُقلِّلُ من قيمِ التّراحمِ و التّكافلِ، بينما العطاءُ المُفرِطُ دونَ حَدٍّ قد يُسبِّبُ الإرهاقَ للمعطي و يُضعِفُ قدرتَهُ على الاستمرارِ.

لذا، يجبُ على الإنسانِ أنْ يُحقِّقَ هذا التوازنَ، و أنْ يُدرِكَ أنَّ الأخذَ و العطاءَ ليسا نقيضَيْنِ بل وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ. و بهذا الفهمِ، تُصبِحُ الحياةُ أكثرَ جمالًا، و تزدهرُ العلاقاتُ الإنسانيَّةُ بالمحبَّةِ و الثّقةِ.

فالميزانُ بينَ الأخذِ و العطاءِ هو أساسُ الحياةِ الإنسانيَّةِ السليمةِ، و هو دعوةٌ لكلِّ إنسانٍ بأنْ يكونَ جُزءًا منْ هذا التّوازنِ الذي يُحافِظُ على سلامِنا الدّاخليِّ و انسجامِنا معَ الآخرينِ.

المانيا في ١٧ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:52 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke