![]() |
Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
مشاركتي على برنامج بكاء الحروف في أكاديمية أميرة الأرز من إعداد و تقديم الأستاذة ناديا التومي
قَسَاوَةُ الزَّمَانِ بقلم: فؤاد زاديكى إِنَّ الزَّمَانَ لَيْسَ دَائِماً مُنْصِفاً وَ لَا رَحِيماً، فَفِي طَيَّاتِهِ تَخْتَبِئُ مَفَاجِآتٌ تُرْهِقُ الْإِنْسَانَ وَ تُحَيِّرُهُ. وَ مَا أَكْثَرَ مَا يُوَاجِهُ الْمَرْءُ فِي دَرْبِ الْحَيَاةِ مِنْ مَصَاعِبَ تُضَايِقُهُ وَ تُحْدِثُ فِي قَلْبِهِ ضِيقاً وَ كُرْبَةً. قَسْوَةُ الزَّمَانِ تَتَجَسَّدُ فِي الْفَقْرِ وَ الْحِرْمَانِ، وَ فِي الْمَرَضِ وَ الْوَحْدَةِ، كَمَا فِي الْخَيَانَةِ وَ الْفَقْدِ. وَ كُلُّ هَذِهِ الْعَوَارِضِْ تَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حَائِراً مُرْتَبِكاً يَبْحَثُ عَنْ بَارِقَةِ أَمَلٍ تُنْقِذُهُ مِنْ هَذَا الْجُحُودِ. فَإِذَا تَسَلَّطَ الزَّمَانُ بِقَسْوَتِهِ، أَطْفَأَ فِي النَّفْسِ بَهْجَةَ الْحَيَاةِ، وَ حَوَّلَ اللَّحَظَاتِ الْجَمِيلَةَ إِلَى ثِقْلٍ وَ غُصَّةٍ. وَ يَنْجُمُ عَنْ ذَلِكَ الْقَلَقُ وَ الِارْتِبَاكُ، إِذْ يَشْعُرُ الْإِنْسَانُ بِأَنَّهُ غَرِيبٌ فِي دُنْيَاهُ، مُحَاصَرٌ بِالْهُمُومِ وَ مُثقَلٌ بالْمَشَاكِلِ. وَ كَمْ مِنْ أُنَاسٍ ضَاعُوا فِي دَوّامَةِ الْأَيَّامِ، لَمْ يُقَاوِمُوا الْأَحْزَانَ، فَاسْتَسْلَمُوا لِلْوَهْنِ وَ الضَّيَاعِ. غَيْرَ أَنَّ الْقَوِيَّ مَنْ يَتَخَطَّى جُرُوحَهُ وَ يُوَاجِهُ الْمَصَاعِبَ بِإِيمَانٍ وَ صَبْرٍ. قَسَاوَةُ الزَّمَانِ لَا تَسْتَثْنِي أَحَداً، فَكُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا، غَنِيّاً كَانَ أَوْ فَقِيراً، كَبِيراً أَوْ صَغِيراً. وَ قَدْ تُخْتَبَرُ فِيهَا مَعَادِنُ النَّاسِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْكَسِرُ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يَشُقُّ طَرِيقَهُ وَ يُحَوِّلُ الْمِحْنَةَ إِلَى مَنْحَةٍ. وَ مَا أَجْمَلَ الْإِنْسَانَ، الَّذِي يُحَاوِلُ أَنْ يَجِدَ فِي قَسْوَةِ الزَّمَانِ دَرْساً يُقَوِّي عَزِيمَتَهُ وَ يُصْقِلُ خِبْرَتَهُ. فَالزَّمَانُ، عَلَى شِدَّتِهِ، يَكْشِفُ الْقُلُوبَ وَ يُظْهِرُ مَعَادِنَ الْبَشَرِ. وَ لَوْلَا الْمِحَنُ لمَا عَرَفْنَا قِيمَةَ الْفَرَحِ، وَ لَا أَدْرَكْنَا مَعْنَى الرِّضَا وَ الْأَمَانِ. وَ هَكَذَا يَبْقَى الْإِنْسَانُ يُجَاهِدُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، مُتَحَدِّياً قَسْوَةَ زَمَانِهِ، مُتَمَسِّكاً بِأَمَلٍ يُضِيءُ دَرْبَهُ. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|