Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني > ازخ تركيا > شخصيات و رجالات

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-11-2005, 09:13 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,010
افتراضي قصّة كانونو والشيخ شمعون غزو

قصّة كانونو والشيخ شمعون غزو

كان الشيخ شمعون غزو(رحمه الله) رجلا حكيماً وشهماً وعاقلا يضرب بحنكته وحسن درايته المثل. وكان في إحدى الفترات زعيماً لجميع أسرة آل حبيب (الحبيبكيّة) في آزخ وهي أكبر العشائر الأزخينيّة من حيث العدد. ولهذا الشيخ الفاضل قصص كثيرة تدلّ على سعة صدره وطولة باله في معالجة الأمور، وعلى حسن درايته وخبرته الحياتيّة الغنيّة، وكان يرجع إليه كثيرٌ من زعماء آزخ الذين تناوبوا على مخترتها وإدارة شؤونها المدنيّة إلى جانب الشؤون الروحية التي كان يديرها رجال الدين من كهنة وقسوس ومطارنة بالمشورة لما كان عليه من فهم وتعقّل. وقد كانت آزخ غنيّة بهذا الزّخم من رجال الدين الحكماء والعقلاء المدركين. وكانت العلاقة الدينيّة لا تعترض أو تتعارض مع الإدارة السياسيّة أو المدنيّة التي كان يقوم بها شخصيّة من البلدة يقع عليها اختيار الأغلبيّة لتمثّلهم في المحافل الخارجية من خلال العلاقة التي تقوم بين آزخ والقرى التي لها بها علاقات اقتصادية وتجارية أو غيرها في حلّ مشكل أو عقد معاهدة أو إقامة حلف أو تحالف أو القيام بعمل وغير ذلك من الأمور التي كانت تتطلب شجاعة ودراية.
وكان للشيخ (شمعون غزو) ديوان وهو الشخص الغني والمقتدر والفخور بتمثيله لعشيرة آل حبيب في مجلس آزخ إلى جانب زعماء العشائر الأخرى من آل برصوم وأهل قلّث وآل عمنو وآل كومو وغيرهم من عشائر آزخ وبيوتاتها. ومن الطبيعي أن يقدم الناس إلى ديوانه للتحدّث عن شؤون الحياة وهموم الناس والعلاقة مع القرى والعشائر وما إلى ذلك من أمور الدنيا وما كان السائد في تلك الأيام والغالب على الساحة العامّة.
إن القصص التي كانت تروى عن رجالات تلك الأزمنة والتي كانت في أغلبها تتحدّث عن الرجولة وعن القوة والشهامة والكرم وغيرها من الخصال والفضائل الحميدة التي كانت تعتبر حسنة وفاضلة في الرجال ومتى لم يكن الرجال يتمتّعون بمثل تلك الصفات فإن ذكرهم السيء كان يدور في كل مكان وبسرعة البرق فيعاب عليهم ذلك ويصيرون موضع تمسخر وتندّر بين العشائر وأبناء القبائل. ومن المنطقي أن يحرص الناس أشدّ الحرص على شيوع الصيت الحسن وانتشاره فهو الفخر بين العشائر لذا كانوا يتسابقون على بلوغ تلك المراتب والحصول على تلك الخصال الفاضلة. وكان في مجلس الشيخ (شمعون) رجل يقوم بعمله في إشعال الكانون (موقد النار) ويقوم على خدمته وتقليب بصّايات الحطب المحترقة بالمقشّة (الأداة المعدّة لتقليب النار لها طرف للإمساك بها ومن الطرف الآخر يتمّ بواسطتها تقليب نار الكانون) ليستمرّ الإشتعال وخاصّة أيام الشتاء الباردة لأن ضيوف الديوان (الكو?كه) كان يلزم تدفئتهم وكانت هذه هي مهمّة السيد (كانونو) وقد أخذ اسمه من عمله حول (الكانون) وهو رجل آزخي كان له ولع شديد للغاية في تقليب النار والقيام على خدمة (الكانون) ولم يكن يتصوّر في يوم من الأيام أن يستطيع العيش بعيداً عن هذا (الكانون) وكان مرتاحاً جداً ومبسوطاً يأتي أجره من الشيخ (شمعون غزو) لقاء عمله هذا.
أراد الشيخ الحكيم ذات يوم أن يجرّ عامله (كانونو) وهو يعلم مدى حبّه للنار والموقد. فقال له يا (كانونو) ما رأيك أن تكفّ عن تقليب النار؟ قال له يا سيدّي: لا أستطيع أن أتصوّر في يوم من الأيام أن يحصل مثل هذا! فردّ عليه الشيخ الحكيم وهو يقول: ما رأيك أن أعطيك ?وّالين حنطة وتترك هذه الصّنعة؟ وكان ذلك العرض مغرياً جداً في تلك الأزمنة لأنه كان غلاء فظيع والناس تموت من الجوع! فقبل (كانونو) بالعرض وأخذ ?وّالين (شوالين) الحنطة وذهب مسروراً إلى البيت، وكفّ بهذا عن عادته الدائمة.
مضت الأيام وإذ بالسيد (كانونو) يحنّ إلى مهنته القديمة ويرغب بشدّة في العودة إلى ممارستها (لاشتو حكّت) والسبب في عودة اشتياقه إليه أنه كان يحضر يوميّاً ديوان الشيخ (غزو) وهو ينظر إلى (الكانون) ويشتهي العودة إلى العمل مع المقشّة والنار مرة أخرى، وعندما لم يتحمّل أكثر من ذلك قام في أحد الأيام من موضعه وهو في مجلس الشيخ (شمعون غزو) وذهب إلى (الكانون) وأمسك بالمقشّة وهو يتوجّه بالقول إلى شمعون غزو: "خذ" خزلك ?وّالين حنطة. وموتيق (لا أستطيع) أبقى بلا ما أمسك المقشّه (موفكّ م المقشّه)!
وممّا يروى من قصص عن تعقّل الشيخ شمعون غزو ودرايته الواسعة بما يجري من أمور الحياة أنه كان ذات يوم وهو جالس في ديوانه ومن حوله رجال وشخصيات كالعادة يتحادثون في أمور كثيرة وكانت في تلك الأيام يدور الحديث أكثر ما يدور حول سلوك (ناصر باشا) وتعدّيه على حقوق الشيخ (شمعون غزو) في محاولة منه لانتزاع المخترة في آل حبيب وحيث (ناصره) هو الآخر حبيبكي وكان طبعه قاسياً وفظّاً وهو رجل كان يتعشّق حب التملّك والسلطة فأصر على أن يصير مختاراً وقد ذكرنا ذلك في قصة المزبحة. في تلك الأثناء والجمع في ديوان الشيخ شمعون حاضر بعدما كان ناصر قد انتزع منه المخترة بالقوة (فالكوتكيّة) إذ بجرادة تطير وتحط في ديوان الشيخ (شمعون غزو) وتأتي فقام إليها وأمسكها بيده بعناية ثم قبّلها. فاستغرب الحضور فعلته وسألوه عمّا يمكن أن يعنيه بذلك. فقال لهم سنعرف الآن منْ سيكون المختار ومن ستحقّ له المخترة. وفعلا بعد أيام قليلة جاء (ناصر) بنفسه إلى (شمعون غزو) وهو يعتذر ويقول: أخطأت سامحني وأنت المختار الحقيقي وليس لي مقدرة على تحمّل مسؤولية المخترة لكونه كان فقيراً فيما كان (شمعون غزو) غنيّاً وعلى الرغم من فقدانه لمسبحة المخترة والمخترة فإن ديوانه كان شغّالا لكثرة الخيرات التي كانت متوفرة لديه على عكس منافسه (ناصر باشا) الذي مات في فرنسا. إن قصة هذه الجرادة والتمكن من فهم مدلولات الحالة يدلّ على فراسة وإدراك سليم للأمور لا بل على بعض من حالات التنبؤ والإلهام الذي كان يجيء هؤلاء الناس الطيبين.

إنها قصة حقيقيّة من واقع أيام خوال في آزخ كانت القبليّة مسيطرة والاعتزاز بالشعور العشائري والانتماء إليه من المقدّسات. فهل لنا استعادة بعض ذكريات رجالنا والتذكير ببعض جماليات الحياة في آزخ على الرغم من بساطتها وقساوتها؟

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-11-2005 الساعة 09:30 PM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke