![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]()
...... وهل كنت تغضَ النظر يا أميرنا , لو جاء ثلاثة رجال آزخيين إلى جزيرة بن عمر , فنزعوا ثيابهم , وراحو يسبحون عراة في النهر المجاور , ثم أخذوا يوجهون العبارات الخلاعية , إلى النساء والفتيات , اللواتي كنَ على ضفة النهر , يملأن جرارهنَ . . حيث تصرَف رجالك بطريقة رخيصة بعيدة عن الأخلاق والآدب والتي من المفروض أن يتحلى بها الأنسان العاقل ؟
رجاءً يا أميرنا . . أستدعِ هؤلاء الرجال , وحقق معهم أمامي , كي تتحقق من صدق قولي . ما أن سمع الأمير كلام الشماس اسطيفو , حتى ثأرت في نفسه مشاعر الكرامة , فهب صائحاً بحراسه , هاتوا لي هؤلاء الملاعين الثلاثة . . والله إذا كان ما قاله هذا الرجل هو الحقيقة بعينها ,فسوف أذيقهم مرَ الهوان . . أنا أمير هذه المنطقة بأسرها , ويتجرأ بعض رجالي , على إخافة وترويع رعاياي , ويبدون أمام النساء والفتيات قلة شرف . . وقلة مروءة . . وقلة حياء . . لا لا , لا أقبل بهذا ما دمت على قيد الحياة , وما أن دخل المحصلون الثلاثة إلى مقر الأمير , وشاهدوه بحالة مخيفة من الغليان والهيجان حتى ركعوا أمامه مذعورين وقالوا بلسان واحد وعيونهم تتلهف إلى رحمة الأمير الغاضب . - والله لقد أخطأنا خطأً كبيراً ونحن نطلب منك الرحمة والغفران , وما أن تأكد للأمير صحة قول الشماس اسطيفو , وتحقق من أثم محصليه الثلاثة , التقط الكرباج من يمينه وراح يسلًط ويلهب ظهورهم وصدورهم ووجوههم , وهم يقفزون أمامه كالدجاجات المذعورات , ويصرخون من شدة الألم والوجع . 8 آنذاك تقدَم الشماس اسطيفو من الأمير الثائر , وقال له باحترام بالغ . سيدي الأمير إن العفو عند المقدرة هو من شيم الكرام وعهدنا بك أميراً شهماً كريماً . . أرجو الاكتفاء بهذا القدر من العقاب , إذ لا بدّ لهم من زوجات وأبناء وبنات ينتظرون عودتهم إلى البيت . ألقى الأمير بسوطه جانباً , وركل المعتدين الثلاثة بقدميه , وأمر بسجنهم عدة أيام حتى يكونوا عبرة لغيرهم , ونظر إلي الشمّاس اسطيفو نظرة دقيقة ,ملؤها العطف والإعجاب حيث زاد احترام الأمير للشماس اسطيفو عندما وقع على حقيقة ما بدر منه تجاه المحصلين الثلاثة وقال بلسان يلهج بالثناء : - ما أسمك يا أيها الرجل ؟ - يا أميرنا , أنا الشماس اسطيفو من بلدة آزخ الصديقة المعطية . - تعال . . . تعال يا شماس اسطيفو , اجلس إلى جانبي وهاتوا لنا يا رجال طعام الغذاء , فلا أشهى إلى قلبي الآن , أكثر من أتناول الطعام , مع ضيف خلوق كريم , واثق من نفسه وأخلاقه وتربيته البيتية الصالحة . بعد تناول الطعام شاء الأمير تكريم الشماس , فطلب منه الإقامة في ضيافته ثلاثة أيام . . فأعتذر الشماس اسطيفو لأن أهل آزخ في حالة قلق , فعليه العودة إليهم ليطمئنوا . . فما كان من الأمير إلا أن منحه ختم المخترة واعتبره مختاراً على آزخ , وأهداه عباءة مخملية ثمينة وودعه بحرارة وأرسل معه رهطاً من الخيالة المرافقين إلى آزخ . 9 هرع أهل آزخ إلى ساحة البلدة , ليشاهدوا الشماس اسطيفو , ممتطياً صهوة حصان أبلق , وتحيط به كوكبة من الفرسان المسلحين , أخرج أحد الفرسان من جيبه , أمراً خطياً من أمير جزيرة بن عمر , يعلن الخبر للجميع , إن الشماس اسطيفو قد أصبح منذ هذا الوقت , مختاراً لبلدة آزخ لرعاية شؤونها الإدارية . . . وعلى الجميع الامتثال لهذا الأمر فالشماس اسطيفوا , رجل إداراة عاقل استطاع أن ينقذ البلدة من فتنة اصطنعها المحصلون الثلاثة . . كما تمكن من اكتساب ثقة الأمير به وبأخلاقه وجرأته وشهامته . هلل أهل البلدة فرحاً وبهجة ,. بعودة الشماس اسطيفو منتصراً من قلعة الأمير سالماً, واستلامه مهام المخترة التي تليق به وبمكانته . وهكذا أخذ الشماس يدير شؤون البلدة وأهلها بعناية وحكمة صائبة , دون كلل او ملل . المسؤولية جسيمة حقاً , حيث أن الأعداء يحيطون بالبلدة , والطامعون يتربصون بها , والأوضاع الأمنية في المنطقة بشكل عام ,عرضة للتقلبات السياسية , والغزوات العشائرية , ولكن المختار الجديد , يعايش الأمور بمنظورها الحقيقي , ويوفق بين إدارة البلدة وبين أوامر الأمير ومطالبه , فتسير الأمور من حسن إلى أحسن , إن هذا الأتزان في العمل أكسبه قوة في تأدية واجباته , وشهرة بين الناس الذين أحبوه ووقفوا إلى جانبه , وتمنى مخاتير جميع البلدات المجاورة أن يمتثلوا به , لتنعم بلداتهم بالحرية والأمن والاستقرار . يتبع بالحلقة القادمة ......... التعديل الأخير تم بواسطة دكتور سهيل ; 12-01-2006 الساعة 03:32 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|