![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]()
أظهرتها نماذج متعددة من العالم:
رغم إيجابياتها... الديمقراطيّة قد تكون ضحلة وسهلة الإنهيار عبد الاله مجيد GMT 15:30:00 2011 الأربعاء 30 مارس 0Share تقوم الأنظمة الديمقراطية بدور حاسم في تحقيق التنمية، لكن على الرغم ممّا فيها من إيجابيات فإن الديمقراطيات يمكن ان تكون ضحلة وسهلة الانهيار. كما أن العديد منها لا يبقى ديمقراطيات. ومن الجائز ان تنكفئ تلك الأنظمة الحديثة التأسيس إلى حكم استبدادي أشد وطأة. دفعت الثورات والانتفاضات التي يمر بها العالم العربي محللين إلى التحذير من ان حق التصويت في الوقت الذي يستحق التضحية من أجله فإنه ليس ضمانة للحرية. ويشير هؤلاء المحللون إلى ان الأنظمة الديمقراطية تقوم بدور حاسم في تحقيق التنمية على المدى البعيد، إن لم تحقق نموًا آنيًا. وكما لاحظ الإقتصادي امارتيًا سين الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد، فإن الديمقراطية لا تترك مواطنيها يموتون جوعًا وان الذين يعيشون في بلدان ديمقراطية يبدون أحسن حالاً من الذين يعيشون في ظل أشكال أخرى من الحكم. وبات ما يشبه القاعدة الثابتة ان الديمقراطيات لا تخوض حروبًا مع بعضها البعض. لكن الديمقراطيات على ما فيها من إيجابيات وأفضليات فإنها يمكن ان تكون ضحلة وسهلة الانهيار. وبادئ ذي بدء فإن العديد من الديمقراطيات لا تبقى ديمقراطيات. ومن الجائز ان تنكفئ الأنظمة الديمقراطية حديثة التأسيس إلى حكم استبدادي أشد وطأة. وأبدى كثيرون في مصر قلقًا من حدوث انكفاء كهذا على وجه التحديد بالإرتباط مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 آذار ـ مارس بدلاً من كتابة دستور جديد. كما يمكن ان تكون الديمقراطيات ذات جذور رخوة. وتشير مجلة فورين بولسي إلى حشد من الأكاديميين والباحثين الذين يرون ان الديمقراطيات "المحدودة" التي تمنح حق التصويت لكنها لا تضمن إجراء إنتخابات حرة ونزيهة ليست افضل من الأنظمة اللاديمقراطية حين يتعلق الأمر بحماية الحقوق المدنية. وليست هناك علاقة بين إجراء إنتخابات وطنية عامة والإلتزام بحقوق الإنسان. في العام 1997 نحت الصحافي والكاتب الاميركي ذو الأصل الهندي فريد زكريا مصطلح "الديمقراطيات اللاليبرالية" لوصف الظاهرة المتمثلة بوجود أنظمة ديمقراطية تنتهك حقوق الإنسان. لكنه لم يكن يتحدث عن نمط جديد من الأنظمة. فإن غالبية الديمقراطيات كانت على إمتداد التاريخ ديمقراطيات لاليبرالية على نحو ملحوظ. ومفردة الديمقراطية نفسها مستعارة من أثينا القديمة التي كانت مدينة تقر العبودية وتحرم المرأة من المشاركة في الحياة العامة وذات سجل أسود في إجراء محاكمات عادلة، كما تثبت محاكمة فيلسوفها سقراط. وكانت حماية الحقوق الأوسع في الديمقراطيات المفترضة في مد وجزر منذ تلك المحاكمة. فالولايات المتحدة صادقت على دستور يؤكد الحكم التمثيلي في عام 1788 ولكنها لم تحرِّم العبودية إلا في عام 1865 ولم تمنح المرأة حق الإقتراع إلا في العام 1920 ولم تصدر قانون الحقوق المدنية الذي أنهى الفصل العنصري والتمييز في تسجيل الناخبين إلا بعد 176 عاما على صدور دستورها الديمقراطي. وأسد الحرية الهصور ونستون تشرتشل نفسه لم ير تناقضاً بين مبادئه الديمقراطية وحرمان المرأة من حق التصويت والشعب الهندي وأجزاء الأمبراطورية الأخرى من الحرية والديمقراطية. كما كان تشرتشل صريحًا حين قال انه لا يرى ان ظلمًا وقع على سكان أميركا الأصليين عندما جاء "عرق أرقى وأقوى وأكثر حكمة ليأخذ مكانهم". ولا تزال الهند، أكبر ديمقراطيات العالم منذ العام 1947، تواجه تحديات على جبهة حقوق الإنسان. صحيح ان الهند حققت تقدمًا كبيرًا في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ولكن لا يزال هناك تمييز متواصل ضد الطوائف الدنيا من الداليت أو "المنبوذين"، حتى ان رئيس الوزراء مانموهان سنغ شبَّه وضعهم بالفصل العنصري دون ان يحرز نجاحا يُذكر في معالجة المشكلة. وتتوالى الاتهامات التي توجه إلى اجهزة الأمن الهندية بممارسة التعذيب في مقاطعة كشمير. ![]() ولا تتعلق الفجوة بين الديمقراطية والحقوق المدنية بتخلف مؤسسات الحكم عن الاستجابة للارادة الشعبية. بل يذهب تشارلس كيني في مجلة فورين بولسي إلى ان هذه الفجوة كثيرًا ما تعكس مواقف شعبية في انحاء العالم. ويلفت كيني إلى ان الاستطلاعات نفسها التي تؤكد وجود تأييد عالمي شامل للرأي القائل ان الديمقراطية قد تكون لديها مشاكلها ولكنها أفضل من أي شكل آخر من اشكال الحكم، تكشف في الوقت ذاته عن تفاوت كبير في الاجابات عن الأسئلة التي تتعلق بحقوق الانسان. وعلى سبيل المثال ان الدول الاسلامية والغربية تخرج بالنتائج نفسها تقريبًا في استطلاعات الرأي حين يتعلق الأمر بالموقف من الديمقراطية ومُثُلها، كما يلاحظ بيبا نوريس من جامعة هارفرد ورونالد انغلهارت من جامعة مشيغان. ولكن نسبة تأييد المساواة بين الجنسين والطلاق والاجهاض أدنى بدرجة ملحوظة في البلدان الاسلامية، وقبول المثلية يكاد يكون معدوما. بل ان المثلية محظورة في 80 بلدًا بينها ديمقراطيات عديدة، بحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة. وفي مصر فإن ما تعرضت له النساء المحتشدات في ميدان التحرير بمناسبة يوم المرأة العالمي من "مضايقات وترهيب" يسلط الضوء على الحقيقة الماثلة في ان الديمقراطية ربما تحققت اخيرا ولكن بعض القضايا الأخرى تحتاج إلى وقت أطول. فان نصيب النساء من المقاعد البرلمانية في العالم العربي تبلغ 9.5 في المئة فقط، وهي أدنى نسبة منها في أي منطقة أخرى من العالم. وتشكل النساء اقل من 35 في المئة من القوى العاملة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالمقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 56 في المئة. وتستبعد مجلة فورين بولسي ان تتحسن هذه الأرقام لمجرد ان حسني مبارك انتقل إلى شرم الشيخ. وفي العام 2009 شهدت افغانستان المشمولة هي الأخرى بحماسة اميركا للمشروع الديمقراطي، صدور قانون عن برلمانها المنتخب ديمقراطيًا يمنع المرأة الشيعية من مغادرة بيتها دون موافقة رجل من اقربائها ويجيز اغتصاب الزوج لزوجته. خلاصة القول ان الديمقراطية نظام ناجح عن استحقاق. ويبدو انها على المدى البعيد ترتبط بجملة مآلات ايجابية ابتداء من الثروة إلى الصحة وحتى تحقيق السعادة. ومن دواعي البهجة ان يكون العالم اكثر ديمقراطية من أي وقت مضى، وان يكون حتى أكثر ديمقراطية بشجاعة المحتجين في تونس ومصر وبلدان أخرى في الشرق الأوسط كما هو مؤمل. ولكن الديمقراطية ليست علاجًا سحريًّا، وخصوصًا للحريات الجريحة. ويبدو ان التاريخ لن ينتهي بسقوط آخر الحكام الدكتاتوريين. ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|