هكذا يمارس بارود حريته السياسية بعد التموضع الجديد

[fouadzadieke]

هكذا يمارس بارود حريته السياسية بعد التموضع الجديد


Share

قد يعتقد البعض أن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود أخطأ عندما أعرب عن رغبته بعدم العودة الى وزارة الداخلية في الحكومة التي كلف تشكيلها نجيب ميقاتي. وقد يرى البعض الآخر أن بارود متأسف على تخليه عن منصبه الذي يطمح توليه أي سياسي آخر، غير أن من يزور وزير الداخلية في مكتبه يلمس بأمّ العين مدى جدية قراره البعيد كل البعد عن منطق المراوغة. لديه الكثير مما لم يستطع قوله قبل القرار الشهير، ولكن، يترك بارود هذا الكثير للحظة السياسية المناسبة، ولن تأتي هذه اللحظة إلا بعد الإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة وتسليمه الوزارة لخلفه الجديد. بالتأكيد سيدلي بارود بدلوه، وذلك قد يكون عبر حلقة تلفزيونية طويلة، يخاطب فيها اللبنانيين ويكشف للمرة الأولى كواليس ما كان يحصل معه أثناء توليه الوزارة.

“هي الفرصة السياسية المناسبة التي سنحت للوزير الشاب كي يعوض ما خسره نتيجة عدم توفير الغطاء السياسي اللازم له خلال توليه وزارة الداخلية”، يقول عارفو بارود متحدثين عن حرية سياسية أصبح يتسلح بها اليوم وهي التي لم يتمتع بها منذ دخوله المعترك الحكومي من باب حصة رئيس الجمهورية. هذه الحرية السياسية يربط عارفو وزير الداخلية ترجمتها العملية بأربعة مواقف بارزة إتخذها في الآونة الأخيرة ويمكن البناء عليها في تحليل البوصلة السياسية التي سيسلكها الوزير الكسرواني في المستقبل.

موقف أول جاء بعد الجلسة الأخيرة لمحاكمة العميد فايز كرم، أعلنه بارود في بيان مفصل، جاء بعد الردّ الذي صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ووضع فيه كل ما يجري تداوله وإثارته في وسائل الإعلام عن التجاوزات، في عهدة النيابة العامة العسكرية للتدقيق وتبيان حقيقة الأمور”. وهنا لا بدّ من التذكير بأن وكلاء الدفاع عن العميد كرم رحبوا في بيان الرد على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بموقف بارود، من بيان الأخيرة، ورأوا فيه “وقفة إيجابية مسؤولة، من شأنها أن تضع حداً لتجاوزات مشهودة وموصوفة، ألحقت الأذى بمهابة الدولة اللبنانية، على مستوى سلطة الوصاية الحكومية على الإدارات التابعة لها”.

الموقف الثاني برز عندما إدعى رئيس بلدية جبيل زياد الحواط عبر مداخلة تلفزيونية أن بارود شارك أيضاً في إعطاء رخص لعبة البينغو في جبيل، كل ذلك من دون أن يحصر حواط المسألة فقط بمحافظ جبل لبنان أنطوان سليمان، الأمر الذي استدعى تكذيباً سريعاً في الحلقة عينها من وزارة الداخلية والبلديات، مفاده أن الوزير لم يعط خلال عهده أي رخص للعبة من هذا النوع.

أما الموقف الثالث فيمكن إستخلاصه من كشف بارود بشكل مفاجئ عن إبلاغه رئيس الجمهورية ميشال سليمان موقف التنحي عن المشاركة في الحكومة في الوقت الذي كانت فيه مصادر القصر الجمهوري تسرب الى وسائل الإعلام أن بارود هو مرشحها الى وزارة الداخلية.

موقف رابع يشير أيضاً الى الحرية السياسية التي يمارسها بارود بعد إعلان موقفه الحكومي، تجلى بسرعة مؤازرة قوى الأمن الداخلي رئيس بلدية زوق مصبح شربل مرعب على تنفيذ قرار صدر عن مجلس شورى الدولة وقضى بوقف الأعمال في مزرعة الدواجن التي يملكها ايلي جبور في زوق مصبح بسبب عدم وجود رخص إستثمار على الأبنية كافة التابعة لها، وكون المنطقة القائمة فيها سياحية وسكنية، علماً أن صاحب المزرعة المذكورة كان حصل على إشعار بالتصريح من محافظة جبل لبنان، وحصل على الدعم اللازم من المحافظ أنطوان سليمان، خصوصاً أن صلة قرابة تربطه بالنائب مروان حماده وشقيقه علي.

كل هذه المواقف إضافة الى الرسائل السياسية من العيار الثقيل التي تضمنها حديث بارود الأخير لـ”النشرة” والتي أصابت شظاياها رئيس الجمهورية بشكل مباشر، تدفع الى طرح السؤال حيال البوصلة السياسية التي سيسلكها الوزير الشاب بعد تموضعه الجديد، خصوصاً أن كل ذلك يحصل قبل سنتين فقط من موعد إستحقاق العام 2013 النيابي.

مارون ناصيف