Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-04-2025, 12:16 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,027
افتراضي الحياء و مفهومه بقلم: فُؤاد زاديكِي

الحياءُ و مفهومُه


بقلم: فُؤاد زاديكِي

يُعَدُّ الحَياءُ مِنَ الصِّفاتِ الإنسانيَّةِ الرَّفيعَةِ، الَّتِي تَحظَى بِقَدرٍ كَبِيرٍ مِنَ التَّقدِيرِ وَ الاحترامِ فِي كَثِيرٍ مِنَ المُجتَمَعَاتِ البَشَرِيَّةِ. وَ يَظهَرُ الحَياءُ فِي سُلوكِ الإِنسانِ كَرَدَّةِ فِعلٍ طَبِيعِيَّةٍ تُعَبِّرُ عَنِ الَّذَاتِ وَ قِيمِهَا، كَمَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رُقِيِّ الشَّخصِ وَ عَفَّتِهِ وَ حِرصِهِ عَلَى صِيَانَةِ نَفسِهِ وَ احترامِ الآخَرِين.

لَمْ يَكُنِ الحَياءُ مَفهُومًا وَاحِدًا فِي كُلِّ العُصُورِ وَ الثَّقَافَاتِ، بَلِ اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَ المَكَانِ وَ ظُرُوفِ الحَيَاةِ. فِي العُصُورِ القَدِيمَةِ، كَانَ الحَياءُ يَرتَبِطُ بِالأَخْلاقِ وَ القِيَمِ الدِّينِيَّةِ، وَ كَانَ يُنظَرُ إِلَيهِ كَضَامِنٍ لِلسُّلُوكِ القَوِيمِ. أَمَّا فِي العَصْرِ الحَدِيثِ، وَ مَعَ تَغَيُّرِ الأَولَوِيَّاتِ وَ المَفَاهِيمِ، فَقَدْ أَصبَحَ الحَياءُ يُنظَرُ إِلَيهِ أَحْيَانًا عَلَى أَنَّهُ تَقيِيدٌ لِلحُرِّيَّةِ الشَّخصِيَّةِ، خُصُوصًا فِي المُجتَمَعَاتِ، الَّتِي تَرفَعُ شِعَارَ التَّحرُّرِ وَ الفَردَانِيَّةِ.

وَ بَينَ هَذِهِ الرُّؤَى المُتَبَايِنَةِ، يَبقَى الحَياءُ عُنصُرًا أَسَاسِيًّا فِي بِنَاءِ العَلَاقَاتِ الإِنسَانِيَّةِ السَّلِيمَةِ، فَهُوَ يُنَمِّي حِسَّ المَسؤُولِيَّةِ وَ الاحترامِ المُتَبَادَلِ، وَ يُقَوِّي رَوَابِطَ الأُسْرَةِ وَ يَحْفَظُ القِيمَ وَ الأَخْلَاقَ فِي المَجتَمَعِ. وَ الحَياءُ، الَّذِي يَنبَعُ مِنَ الإِيمَانِ وَ القَنَاعَةِ الدَّاخِلِيَّةِ يَكُونُ أَكثَرَ ثُبُوتًا وَ أَثَرًا.

إِلَّا أَنَّهُ لَا يُمكِنُ إِغفَالُ الحَياءِ السَّلبِيِّ، الَّذِي يَمنَعُ الإِنسَانَ مِنِ التَّعبِيرِ عَن نَفسِهِ أَوِ المُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ، فَهُوَ فِي هَذِهِ الحَالَةِ يُصْبِحُ عَائِقًا نَفْسِيًّا وَ اجتِمَاعِيًّا. فَمَثَلًا، قَدْ يَمنَعُ الطِّفلَ مِنَ التَّعبِيرِ عَن تَعرُّضِهِ لِلعُنفِ، أَوِ الفَتَاةَ مِن رَفضِ سُلُوكٍ مُنحَرِفٍ تَتَعرَّضُ لَهُ، خَوفًا مِنَ العَيبِ وَ الكَلَامِ.

فِي المُجتَمَعَاتِ المُحَافِظَةِ، يُنظَرُ إِلَى الحَياءِ عَلَى أَنَّهُ مِعيَارٌ لِلشَّرَفِ، خُصُوصًا فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَ مِن يَخرُجُ عَن حُدُودِهِ يُعْتَبَرُ شَاذًّا أَو مُنحَرِفًا. أَمَّا فِي المُجتَمَعَاتِ المُنفتِحَةِ، فَقَدْ تَتَغَيَّرُ المَقَايِيسُ وَ يُعْتَبَرُ الحَياءُ أَحْيَانًا نَوعًا مِنَ التَّخَلُّفِ عَنِ الرَّكبِ الحَضَارِيِّ.

وَ بَينَ هَذَا وَذَاكَ، يَجِبُ التَّوَازُنُ فِي مَفهُومِ الحَياءِ، فَلَا نُفْرِطُ فِيهِ فَنَصِيرُ مَحبُوسِينَ خَلفَ جُدْرَانِ الخَجَلِ، وَ لَا نُفَرِّطُ فِيهِ فَنَفْقِدُ رَونَقَ الإِنسَانِيَّةِ وَ جَمَالَ الأَخْلَاقِ. فَهُوَ صِفَةٌ نَبِيلَةٌ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِالعَقلِ وَ التَّوازُنِ.

يُمكِنُ القَولُ إِنَّ الحَياءَ يَبقَى قِيمَةً أَسَاسِيَّةً تُغنِي حَيَاةَ الإِنسَانِ، وَ يَتَجَلَّى أَثَرُهُ الإِيجَابِيُّ فِي كُلِّ مَجَالٍ، بَل وَ تَزْدَادُ الحَاجَةُ إِلَيهِ فِي زَمَنٍ تَتَزَاحَمُ فِيهِ القِيَمُ وَ تَتَفَكَّكُ المَفَاهِيمُ.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 29-04-2025 الساعة 04:28 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:03 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke