مشاركتي على برنامج فقرة روّاد الفكر و الإبداع في أكاديمية العبادي للأدب و السلام من إ
مشاركتي على برنامج فقرة روّاد الفكر و الإبداع في أكاديمية العبادي للأدب و السلام من إعداد و تقديم الدكتور بسيوني سعيد عياد و إشراف الدكتورة شهناز العبادي عميد الأكاديمية
الفَرَحُ نُورُ الحَيَاةِ
بقلم فؤاد زاديكى
الفَرَحُ هُوَ مِفْتَاحُ القُلُوبِ،
وَ سِرُّ البَهْجَةِ، الَّتِي تَغْمُرُ الوُجُودَ. عِنْدَمَا يَسْكُنُ الفَرَحُ فِي الدَّاخِلِ، يَتَغَيَّرُ لَوْنُ الحَيَاةِ، وَ تَتَجَدَّدُ الصُّوَرُ فِي عُيُونِنَا كَأَنَّهَا رَسْمٌ مُنِيرٌ عَلَى لَوْحَةِ السَّمَاءِ. أَشْعُرُ عِنْدَ مَجِيئِهِ بِأَنَّ الدُّنْيَا تَتَّسِعُ وَ الأُفُقَ يَبْعُدُ وَ الأَمَلَ يَكْبُرُ. الفَرَحُ يُحَرِّرُنِي مِنْ أَسْرِ التَّعَبِ وَ يَمْسَحُ عَنِّي كَدَرَ الأَيَّامِ، فَيُبْعِدُ عَنِّي الغَمَّ، وَ يَمْنَحُنِي قُدْرَةً جَدِيدَةً عَلَى المُوَاصَلَةِ. إِنَّهُ يُشْعِلُ فِي رُوحِي مَصَابِيحَ مُتَوَهِّجَةً تُرْشِدُنِي فِي طَرِيقِ المَسِيرِ.
حِينَ أَفْرَحُ أُصْبِحُ أَكْثَرَ قُرْبًا مِنْ نَفْسِي وَ أَكْثَرَ حُبًّا لِغَيْرِي. أُحَاوِلُ أَنْ أَزْرَعَ البَسْمَةَ عَلَى وُجُوهِ النَّاسِ، وَ أَجْعَلَ كُلَّ لِقَاءٍ بَيْنِي وَ بَيْنَهُم مَجْلِسًا مَفْرُوحًا. الفَرَحُ يَزِيدُ صِلَاتِي بِأُسْرَتِي وَ يُقَرِّبُنِي مِنْ أَصْدِقَائِي، فَيُحَوِّلُ العَلَاقَاتِ العَادِيَّةَ إِلَى جُسُورٍ مَتِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الثِّقَةِ وَ المَحَبَّةِ. عِنْدَمَا أَكُونُ سَعِيدًا، أُحَاوِلُ أَنْ أُسَاعِدَ غَيْرِي فِي مَشَاكِلِهِ وَ أَنْ أُخَفِّفَ عَنْهُ وَطْأَةَ أَحْزَانِهِ، فَيَكُونُ الفَرَحُ طَاقَةً مُعْدِيَةً تَنْتَقِلُ مِنْ قَلْبٍ إِلَى قَلْبٍ.
الفَرَحُ لَيْسَ حَالَةً عَابِرَةً فَقَطْ، بَلْ هُوَ مَنْهَجُ حَيَاةٍ وَ خَطٌّ يَرْسُمُ لَنَا طَرِيقَ الغَدِ. عِنْدَمَا أَسْتَيْقِظُ، وَ أَنَا مُبْتَسِمٌ، أَجِدُ يَوْمِي أَكْثَرَ بَهَاءً وَ أَقْدَرَ عَلَى الإِنْجَازِ. وَ حِينَ أَذْهَبُ إِلَى عَمَلِي بِقَلْبٍ سَعِيدٍ، أُؤَدِّي وَاجِبِي بِحُبٍّ وَ إِخْلَاصٍ، فَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ عَلَى مُحِيطِي وَ يُضْفِي عَلَيْهِ جَوًّا مِنَ الرِّضَا وَ الوِئَامِ. السَّعَادَةُ تُعَلِّمُنِي أَنْ أَكُونَ صَبُورًا وَ أَنْ أُقَابِلَ المَصَاعِبَ بِرُوحٍ قَوِيَّةٍ، فَلاَ أَسْتَسْلِمُ لِضُغُوطِ الحَيَاةِ وَ إِنَّمَا أُحَوِّلُهَا إِلَى دَرُوسٍ تُكْسِبُنِي خِبْرَةً وَ قُوَّةً.
إِنَّ الفَرَحَ يُغَيِّرُ مَلامِحَ الوَاقِعِ، وَ يَجْعَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَوْلَنَا أَجْمَلَ. وَ مَا أَحْوَجَ المَجْتَمَعَ إِلَى أَفْرَادٍ فَرِحِينَ يَحْمِلُونَ النُّورَ فِي دَوَاخِلِهِمْ، فَيَنْشُرُونَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. الفَرَحُ يَجْعَلُنَا أَقْدَرَ عَلَى العَطَاءِ، وَ أَكْثَرَ حِرْصًا عَلَى تَقْدِيمِ الخَيْرِ، فَنَبْنِي مَعًا مُجْتَمَعًا مُتَحَابًّا مُتَعَاوِنًا. وَ هَكَذَا يَتَحَوَّلُ الفَرَحُ مِنْ شُعُورٍ دَاخِلِيٍّ إِلَى قُوَّةٍ بَنَّاءَةٍ تُغَيِّرُ الحَيَاةَ وَ تَجْعَلُهَا أَجْمَلَ وَ أَرْقَى.
__________________
fouad.hanna@online.de
|