Arabic keyboard |
|
#1
|
||||
|
||||
هل تاريخنا العربي مشوّه؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
هل تاريخنا العربي مشوّه؟ بقلم/ فؤاد زاديكى لم تقم دولة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية اعتمدت معايير العدل والمساواة أو التزمت حقوق الإنسان وساهمت في بناء الحضارة الإنسانية. يمكن أن يكتب الكثيرون بما يحلو لهم عن مجد غابر و عن عظمة تاريخ إلّا أن كلمة الحق و التي يجب أن تُقال هي أنّ كلّ تلك الدول قامت على مبدأ الاستغلال و القهر و التعدي و التمييز العرقي أو الديني أو الطائفي و شواهد التاريخ كثيرة منها ما جاء على ذكره ابن خلدون و الطبري و ابن الأثير والجبرتي وابن اسحق و ابن سعيد وابن هشام و غيرهم من مؤرخي العرب الذين لم يعتمدوا معيار الأمانة و الدقة في تغطية أحداث عصورهم بل كانت تجرفهم عواطف و مشاعر معينة و تدفعهم لذلك المصالح الخاصة أو المعيّنة و التي كانت تميل إلى فريق أو آخر فشوّهوا التاريخ و مسخوه و لا يمكن الاعتماد على مؤرخي العرب لمعرفة حقيقة ما جرى في تلك العصور و الأزمنة, و كتب المؤرخين العرب محشوة بالكثير من الكلام الفارغ و غير المنطقي و الحشو الزائد لقد اعتمدوا على النقل و أحيانا كثيرة لم يكونوا شهود عيان لِما جرى بل على غرار القول نقلًا عن فلان و عن و عن الخ... يضعون النتيجة التي بنوا عليها فرضيتهم لتأتي فاشلة بعيدة كثيرًا عن الواقع و عن روح الحقيقة لهذا يجب إعادة كتابة التاريخ العربي و الإسلامي من جديد و منذ حوالي خمسة عقود يسعى المفكرون العرب إلى تنفيذ ما يسمى (بإعادة كتابة التاريخ) لكنهم يختلفون و يتجادلون فيقول البعض منهم إنّ التاريخ لم يُكتب كي تتمّ إعادة كتابته بمعنى أنّ كل ما كتب لا يُعتبر تاريخًا بالمفهوم العلمي و ربما يصدق بعض هؤلاء حين يقولون: إنّهم و في المرحلة الأولى يجب أن تتوفّر الموادّ الأولية لكتابة التاريخ و هي تأتي من المصادر و المراجع و الموارد الأخرى و من ثمّ تأتي بعد ذلك مرحلة امتلاك المعرفة و الدراية للتعامل مع جميع تلك المواد بحيث تتمّ غربلتها و تصفيتها من الشوائب و هي كثيرة جدًا و بالتالي كي يمكن لنا المعالجة و الكتابة على نحو أمين لا تؤثر به أيّة شائبة تحرفه عن الأمانة التي يجب أن يتحلّى بها كتاريخ فهو ليس تاريخا لشعب أو أمة أو قوم بعينهم بل سيكون تاريخا يهمّ كل الحضارات البشرية و شعوبها المختلفة و المتنوّعة. يقول الأستاذ عمر الشيخ في كتابه (كيف نكتب التاريخ؟) ما يلي: "هل سيبقى الحال كما هو عليه؟ هل سيسمع أولادنا وأحفادنا وجهة نظر مجتزئة من التاريخ ويصدقونها ويتبعونها وفقط؟ طوال عشرين ألف سنة من تاريخ البشر المدون برسم على جدران كهف أو بالكتابة المسمارية أو النقوش على جدران معبد فرعوني أو في سينما هوليوود، أو في مناهج المدرسة في معظم دول العالم كان التاريخ يكتبه نخبة ما" كما يقول الدكتور ناجح إبراهيم في مقالة له تحت عنوان (كيف نكتب التاريخ لأولادنا؟) ما يلي: "العلوم عامة.. والتاريخ خاصة ينبغي أن يكون حيادياً لا دخل له بالحاكم وسياسته من قريب أو بعيد.. فتاريخ الأمة هو ملك للأمة جميعاً وليس ملكاً للفريق السياسي المنتصر.. بل ملك للأجيال كلها.. خصوصاً ذلك التاريخ الذي يدرّس لملايين الطلاب في مدارسنا.. ويتربى عليه أولادنا. ■ ولكن الذي نراه في كتب التاريخ المقررة على طلابنا يثير الاشمئزاز والأسى" ثمّ يتابع ليقول: "والحقيقة أننى لم أجد مفكراً ولا عالماً له وزن عرف شيئاً محايداً ومنصفاً وعلمياً ومتوازناً من كتب التاريخ المدرسي.. وهذه سُبة كبيرة في جبين حكوماتنا المتعاقبة. ■ والتاريخ الحقيقي لمصر بل ولأمتنا العربية والإسلامية عرفناه دائماً خارج كتب الدراسة.. كل حسب اجتهاده وفهمه وتوجهاته. ■ فمتى يكون لطلابنا كتاب محترم للتاريخ يحترم عقول التلاميذ.. ولا يجعل المدرس يسب المادة التي يدرسها.. لأنه يعلم أن أغلبها مزور وكاذب؟ ■ فمتى نكون صادقين مع الله وأنفسنا وأبنائنا؟" إنّ ما قرأناه و نحن تلاميذ و طلبة على مقاعد الدراسة لم يكن دقيقًا و لا صادقًا و لا أمينًا, كان يتمّ تلقين أفكارنا و تغذيتها بمعلومات مشوّهة دون أن يكون لنا علمٌ بذلك, و كل المسؤولية تقع على القائمين على الشأن التربوي في بلداننا و اليوم و في عصرنا هذا يتمّ تعميم ما يخدم السلطة و الحاكم في كل بلد عربي و مسلم من أجل خدمة مصالح الحكام بعيدًا عن الأمانة و عن الصدق فأية مصداقية تكون لمثل هكذا تاريخ؟ يجب أن نبتعد كلّيًا عن التأثير الديني أو السياسي للحاكم عندما نكتب التاريخ أي يجب أن يكون كاتب التاريخ حياديًّا بالمطلق يعبّر عن وجهة نظر أمينة دون تشويه أو تشويش و إلّا فلن ننجح في كتابة التاريخ و سيبقى هذا التاريخ ناقصًا مجزوءًا مشوّهًا لا يمثّل الواقع و لا يتماشى مع الحقيقة.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|