![]() |
Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
مشاركتي على برنامج نبض الرّوح و فقرة المحطّة الأخيرة من إعداد و تقديم الأستاذة سميرة علاونة في ملتقى نبض الروح للشعر و الأدب العربي
في المحطَّةِ الأَخِيرَةِ في المحطَّةِ الأَخِيرَةِ، كَانَ الصَّمتُ يَحْمِلُ وَقْعَ القُدُومِ وَ الرَّحِيلِ مَعًا، كَمَا لَوْ أَنَّ الزَّمَنَ تَوَقَّفَ لِيُصْغِي إِلَى نَبْضِ قَلْبٍ تَعِبٍ مِنَ الطَّرِيقِ. جَلَسْتُ عَلَى مَقْعَدٍ بَارِدٍ، أُحَاوِلُ أَنْ أُدَفِّئَ ذَاكِرَتِي بِمَا تَبَقَّى مِنْ أَحْلَامٍ كَانَتْ تَرْكُضُ مَعِي فِي أَوَّلِ الرِّحْلَةِ. نَظَرْتُ إِلَى السَّكَكِ الطَّوِيلَةِ، كَثُعْبَانٍ فِضِّيٍّ يَتَمَدَّدُ فِي بَطْنِ الغُيُومِ. كُلُّ قِطَارٍ يَمُرُّ يَحْمِلُ وَجْهًا مَغْسُولًا بِالذِّكْرَى، وَ يُرَتِّلُ أَنِينًا خَفِيًّا لِمَنْ تَرَكُوا نِصْفَ قُلُوبِهِمْ عَلَى الأَرْصِفَةِ. فِي المَحَطَّةِ الأَخِيرَةِ، لَيْسَ هُنَاكَ ضَحِكٌ، وَ لَا وُدَاعٌ صَاخِبٌ، بَلْ هُدُوءٌ يَنْزِلُ كَنَدًى عَلَى أَسْطُحِ الأَيَّامِ، يُلَامِسُهَا بِرِقَّةِ المُتْعَبِينَ الَّذِينَ فَهِمُوا أَنَّ النِّهَايَاتِ لَيْسَتْ إِلَّا أَبْوَابًا لِبِدَايَاتٍ أُخْرَى. تَتَدَافَعُ فِي صَدْرِي الذِّكْرَيَاتُ كَالرِّيحِ، تُفَرِّقُ أَوْرَاقَ القَلْبِ وَ تُعِيدُ تَرْتِيبَهَا عَلَى مِزَاجِ الحَنِينِ. كَمْ مِنْ وَجْهٍ مَرَّ هُنَا، وَ كَمْ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ ثُمَّ نَسِيَتْ أَنَّهَا بَكَتْ. رَأَيْتُ ظِلِّي يَتَمَدَّدُ عَلَى الأَرْضِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَلْحَقَ بِقِطَارٍ فَاتَهُ، وَ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَ السَّفَرِ لَا يَكُونُ بِالخُطَى، بَلْ بِالنَّوَايَا، الَّتِي تَسِيرُ فِينَا وَ نَحْنُ سَاكِنُونَ. رُبَّمَا لَا يَأْتِي أَحَدٌ فِي المَحَطَّةِ الأَخِيرَةِ لِيُوَدِّعَنِي، وَ لَكِنَّنِي أُحِسُّ بِحُضُورٍ خَفِيٍّ يُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِي، يَقُولُ: قَدْ كَفَى مَا مَضَى، وَ الطَّرِيقُ الَّذِي أَتْعَبَكَ سَيَكُونُ سَكِينَتَكَ. فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَدْرَكْتُ أَنَّ الوُصُولَ لَيْسَ نِهَايَةَ الرِّحْلَةِ، بَلْ بَدَايَةُ فَهْمِهَا. وَ أَنَّ المَحَطَّةَ الأَخِيرَةَ لَا تُطْفِئُ الحُلْمَ، بَلْ تَضَعُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا لِيَسْتَرِيحَ. فَنَهَضْتُ، أَجْمَعُ بَقَايَا نَفْسِي، وَ أُصْغِي إِلَى صَوْتِ القِطَارِ الآتِي، كَأَنَّهُ يُنَادِينِي: إِنَّ بَعْدَ النِّهَايَةِ، بَدَايَةً أُخْرَى... فَارْكَبْ. بقلم: فؤاد زاديكى |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|