Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2024, 07:57 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,220
افتراضي وُرَيقَاتٌ مِن شَجَرَةِ الحَيَاةِ بقَلَمِ: فُؤَاد زَادِيكِى

وُرَيقَاتٌ مِن شَجَرَةِ الحَيَاةِ


بقَلَمِ: فُؤَاد زَادِيكِى

شَجَرَةُ الحَيَاةِ، بِكُلِّ مَا تَحمِلُهُ مِن أَغصَانٍ مُتشعِّبَةٍ، وَ أَورَاقٍ مُتَنَاثِرَةٍ، تُمَثِّلُ مَشهَدًا حَيَويًّا زَاخِرًا بِالحِكَاياتِ وَ المَشَاعِرِ. إِنَّهَا مَرحَلَةُ الوُجُودِ البَشَرِيِّ، وَ تَقَلُّبَاتُهُ الَّتِي تُشبِهُ تَعَاقُبَ الفُصُولِ عَلَى الغُصُونِ وَ الأَورَاقِ.

فَكُلُّ غُصنٍ مِن أَغصَانِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يُمَثِّلُ فَصلًا مِن فُصُولِ الحَيَاةِ، وَ كُلُّ وَرَقَةٍ فِيهَا تَحتَفِظُ بِذِكرَى أَلَمٍ أَو فَرَحٍ. تَتَمَايَزُ هَذِهِ الأَورَاقُ فِي لَونِهَا وَ شَكلِهَا، كَمَا يَتَمَايَزُ البَشَرُ فِي طِبَاعِهِم وَ تَجَارِبِهِم.

فِي فَصلِ الرَّبِيعِ، تَستَقبِلُ شَجَرَةُ الحَيَاةِ حَيَاةً جَدِيدَةً، تَتَفَتَّحُ أَورَاقُهَا بِأَملٍ كَبِيرٍ، وَ تُزهِرُ بِأَلوانِ الفَرَحِ. هَذَا الفَصلُ يُشَابِهُ صِبَا الإِنسَانِ، حَيثُ يَبدَأُ بِبَرَاءَةٍ وَ حُلُمٍ. تُنَاضِلُ الأَورَاقُ الصَّغِيرَةُ لِتَثبُتَ عَلَى الغُصُونِ، كَمَا يُنَاضِلُ الصِّغَارُ لِإِثبَاتِ أَنفُسِهِم فِي هَذِهِ الدُّنيَا.

وَ لَكِنْ، مَا أَن يَحلَّ فَصلُ الصَّيفِ حَتَّى تَتَغَيَّرَ مَعَالِمُ شَجَرَةِ الحَيَاةِ. فِي هَذَا الفَصلِ، تَبلُغُ الأَورَاقُ قِمَّةَ نُمُوِّهَا، وَ تَظهَرُ قُوَّتُهَا وَ صَلَابَتُهَا. وَ مَعَ ذَلِكَ، تَشعُرُ بِحَرَارَةِ المَسؤُولِيَّةِ وَ ثِقلِ الحَيَاةِ. يَشعُرُ الإِنسَانُ فِي شَبَابِهِ بِطُموحٍ كَبِيرٍ، وَ لَكِنَّهُ يُوَاجِهُ تَحدِّيَاتٍ تُشعِلُ طَاقَتَهُ وَتُحفِّزُهُ عَلَى المَضِيِّ قُدُمًا.

أَمَّا فَصلُ الخَرِيفِ، فَهُوَ مَرحَلَةُ الاِنعِكَاسِ وَ التَّأمُّلِ. تَتَسَاقَطُ الأَورَاقُ، كَأَنَّهَا تُعَبِّرُ عَن ذِكرَيَاتٍ قَدِيمَةٍ، وَ مَراحِلَ انقَضَت. فِي هَذَا الفَصلِ، تَستَعِدُّ شَجَرَةُ الحَيَاةِ لِلرَّاحَةِ، كَمَا يَستَعِدُّ الإِنسَانُ لِطَوَارِئِ الحَيَاةِ وَ نِهَايَتِهَا.

أَمَّا فِي فَصلِ الشِّتَاءِ، فَتُصبِحُ شَجَرَةُ الحَيَاةِ خَالِيَةً مِن أَورَاقِهَا، كَأَنَّهَا تَروِي حِكَايَةَ الزَّمَنِ، الَّذِي يُجَرِّدُ كُلَّ شَيءٍ مِن زَخرَفَتِهِ. تَقفُ الشَّجَرَةُ عَارِيَةً أَمَامَ البَرَاءِ، كَمَا يَقِفُ الإِنسَانُ أَمَامَ مَصِيرِهِ.

تَستَمِرُّ دَورَةُ الحَيَاةِ، فَتَظَهَرُ أَورَاقٌ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ فَصلٍ جَدِيدٍ. وَ هَكَذَا، تُعَلِّمُنَا شَجَرَةُ الحَيَاةِ أَنَّ الحَيَاةَ لَا تَتَوَقَّفُ، وَ أَنَّ كُلَّ نِهَايَةٍ هِيَ بِدَايَةٌ جَدِيدَةٌ. تُذَكِّرُنَا أَورَاقُهَا بِأَنَّ الذِّكرَى تَبقَى، وَ أَنَّ كُلَّ وَرَقَةٍ تُشكِّلُ جُزءًا مِن تَارِيخِ الشَّجَرَةِ، كَمَا تُشكِّلُ كُلُّ ذِكرَى جُزءًا مِن تَارِيخِ الإِنسَانِ.

شَجَرَةُ الحَيَاةِ هِيَ رِوَايَةُ الأَحزَانِ وَ الأَفرَاحِ، وَ مَسرَحُ التَّحَدِّيَاتِ وَ التَّغَيُّرَاتِ. فَلنَتَأَمَّل أَورَاقَهَا، وَ لنَتَعَلَّم مِنهَا أَنَّ الحَيَاةَ، بِمَا تَحمِلُهُ مِن جَمَالٍ وَ قَسَاوَةٍ، تَستَحِقُّ أَن تُعَاشَ بِكُلِّ شَغَفٍ.

المانيا في ١٧ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 18-11-2024 الساعة 12:50 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke