Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
الشَّيْطَانُ يَحْتَاجُ لِاسْتِرَاحَةٍ بقلم: فُؤَاد زَادِيكِى
الشَّيْطَانُ يَحْتَاجُ لِاسْتِرَاحَةٍ بقلم: فُؤَاد زَادِيكِى فِي عَالَمِنَا، الَّذِي يَعُجُّ بِالتَّنَاقُضَاتِ، يَلْعَبُ الشَّيْطَانُ دَوْرًا مُحَوْرِيًّا فِي زَرْعِ الشُّرُورِ وَ الإِغْوَاءَاتِ فِي قُلُوبِ الْبَشَرِ. مِنْ حُرُوبٍ تَشْتَعِلُ بِلاَ سَبَبٍ، إِلَى أَحْقَادٍ تَنْمُو بَيْنَ الإِخْوَةِ، لاَ يَتْرُكُ الشَّيْطَانُ زَاوِيَةً إِلَّا وَدَسَّ فِيهَا سُمُومَهُ. هُوَ الَّذِي يُوَسْوِسُ لِلْعَامِلِ بِالْغِشِّ فِي عَمَلِهِ، وَ لِلتَّاجِرِ بِخِدَاعِ زَبَائِنِهِ، وَ لِلإِنْسَانِ بِأَنْ يَسْلُكَ طُرُقَ الظَّلَامِ عَلَى حِسَابِ الْحَقِّ وَ النُّورِ. كُلُّ هَذَا الْعَمَلِ الْمُتَوَاصِلِ يَدْفَعُنَا لِلتَّسَاؤُلِ: هَلْ الشَّيْطَانُ نَفْسُهُ لاَ يَحْتَاجُ لِاسْتِرَاحَةٍ؟ ذَاتَ يَوْمٍ، وَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتِ الشُّرُورُ أَوْجَهَا، فَكَّرْتُ فِي طَرِيقَةٍ لِإِقْنَاعِ الشَّيْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ إِجَازَةً قَصِيرَةً. اقْتَرَبْتُ مِنْهُ، وَ قُلْتُ: "يَا عَدُوَّ الْخَيْرِ، أَلَا تَشْعُرُ بِالإِرْهَاقِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ الْمُتَوَاصِلِ؟ أَلَا تُرِيدُ أَنْ تَرْتَاحَ قَلِيلًا، وَ تَتْرُكَ الْبَشَرَ يُقَرِّرُونَ مَصَائِرَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ؟" نَظَرَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ بِدَهَاءٍ قَائِلًا: "أَتَظُنُّ أَنَّ الشَّرَّ يَتَوَقَّفُ إِذَا تَوَقَّفْتُ أَنَا؟ لَقَدْ صَارَ النَّاسُ يُمَارِسُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ!" وَ لَكِنَّنِي أَصْرَرْتُ: "خُذْ عُطْلَةً، رَاقِبِ الْعَالَمَ مِنْ بَعِيدٍ، وَ انْظُرْ كَيْفَ سَيَكُونُ الْحَالُ بِدُونِ وَسَاوِسِكَ." عَلَى نَحْوٍ مُفَاجِئٍ، قَبِلَ الشَّيْطَانُ اقْتِرَاحِي. بَدَا لِي وَ كَأَنَّهُ يَرَى فِي الأَمْرِ مُغَامَرَةً جَدِيدَةً. صَعِدَ إِلَى قِمَّةِ جَبَلٍ بَعِيدٍ، وَ جَلَسَ يُرَاقِبُ الْبَشَرَ دُونَ أَنْ يَتَدَخَّلَ. وَ لِلْوَهْلَةِ الأُولَى، بَدَتِ الأُمُورُ تَتَحَسَّنُ. هَدَأَتِ النِّزَاعَاتُ قَلِيلًا، وَ اسْتَطَاعَ النَّاسُ اتِّخَاذَ قَرَارَاتٍ أَكْثَرَ حِكْمَةً. اعْتَقَدَ الْبَعْضُ أَنَّ الْخَيْرَ قَدِ انْتَصَرَ أَخِيرًا، وَ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَنْ يَعُودَ. وَ لَكِنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الاِسْتِمْرَارِ فِي اسْتِرَاحَتِهِ طَوِيلًا. بَعْدَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، بَدَأَ يَشْعُرُ بِالْمَلَلِ. حَاوَلَ إِقْنَاعَ نَفْسِهِ أَنَّ الْعَالَمَ يُمْكِنُ أَنْ يُدَارَ بِدُونِهِ، وَ لَكِنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْبَشَرَ يَفْتَقِدُونَ تِلْكَ اللَّمْسَةَ الَّتِي يُضِيفُهَا لِإِثَارَةِ الْفَوْضَى. بَدَأَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ: "كَيْفَ يَعِيشُ النَّاسُ بِدُونِ خِدَاعِي؟ وَ كَيْفَ يَسْتَمْتِعُونَ بِحَيَاتِهِمْ بِدُونِ طَعْمِ الإِغْرَاءِ؟" قَرَّرَ الشَّيْطَانُ الْعَوْدَةَ تَدْرِيجِيًّا. بَدَأَ بِإِرْسَالِ وَسَاوِسَ صَغِيرَةٍ، ثُمَّ زَادَ مِنْ حِدَّتِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. شَعَرَ الْبَشَرُ سَرِيعًا أَنَّ الشَّرَّ قَدْ عَادَ، وَ أَنَّ الظَّلَامَ بَدَأَ يُخَيِّمُ عَلَى نُفُوسِهِمْ مِنْ جَدِيدٍ. حَاوَلَ الْبَعْضُ مُوَاجَهَتَهُ، وَ لَكِنَّهُ كَانَ أَشَدَّ مَكْرًا وَ أَكْثَرَ عُنْفُوَانًا. فِي النِّهَايَةِ، أَدْرَكْتُ أَنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَغَيَّرَ. اسْتِرَاحَتُهُ لَمْ تَكُنْ سِوَى مُحَاوَلَةٍ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ فِي عَالَمِ الْبَشَرِ، رَغْمَ أَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ الْخَيْرَ هُوَ السَّبِيلُ الْوَحِيدُ لِلنَّجَاةِ. لَقَدْ عَادَ الشَّيْطَانُ إِلَى عَمَلِهِ، وَ أَصْبَحَتْ مُهِمَّتُنَا أَكْبَرَ فِي مُوَاجَهَتِهِ، مُتَسَلِّحِينَ بِالإِيمَانِ وَ الْقِيَمِ، الَّتِي تَعْصِمُنَا مِنْ وَسَاوِسِهِ، مَهْمَا حَاوَلَ أَنْ يُثْبِتَ عَكْسَ ذَلِكَ. المانيا في ٣ ديسمبر ٢٤ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 05-12-2024 الساعة 12:50 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|