Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-06-2025, 06:27 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,220
افتراضي جُنُونُ الحَرْبِ وَ دَوَاعِيهِ المُدَمِّرَة 🔥 بقلم: فُؤَاد زَادِيكِى

جُنُونُ الحَرْبِ وَ دَوَاعِيهِ المُدَمِّرَة 🔥


بقلم: فُؤَاد زَادِيكِى

فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ وَ تَعَاظَمَتْ نِيرَانُ الحُرُوبِ، يُثِيرُ العَجَبَ أَنْ يُصِرَّ الإِنسَانُ عَلَى سُلُوكِ طَرِيقٍ مَفْرُوشٍ بِالدَّمَارِ وَ الخَرَابِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ مِنْ مَآسِي المَاضِي. فَمَا السَّبَبُ فِي جُنُونِ الحَرْبِ؟ وَ مَا الَّذِي يَدْفَعُ النَّاسَ لِلسَّيْرِ فِي دُرُوبٍ تَسْحَقُ الإِنسَانَ وَ تُدَمِّرُ العُمْرَ وَ الوَطَنَ؟

إِنَّ الحَرْبَ لَا تَخْرُجُ إِلَّا مِنْ رَحِمِ الجُنُونِ. هِيَ خُطْوَةٌ كُبْرَى نَحْوَ الفَنَاءِ، لَا تَزْرَعُ سِوَى الكُرْهِ وَ الحِقْدِ وَ الفَقْرِ. تَشْرَبُ الأَرْضُ الدِّمَاءَ، وَ يَتَمَزَّقُ الجَسَدُ البَشَرِيُّ فِي خَنَادِقِ لا تَعْرِفُ الرَّحْمَةَ.

وَ إِذَا نَظَرْنَا فِي دَوَاعِي الحُرُوبِ، وَجَدْنَا أَنَّهَا تَنْبُعُ مِنْ نَزَوَاتٍ شَاذَّةٍ: كَالشُّعُورِ بِالتَّفَوُّقِ العِرْقِيِّ، وَ الرَّغْبَةِ فِي السَّيْطَرَةِ وَ السَّيَادَةِ، وَ جَمْعِ الثَّرْوَاتِ عَلَى أَكْتَافِ الضُّعَفَاءِ. يَتَخَيَّلُ الطُّغَاةُ أَنَّهُمْ خَالِدُونَ، وَ أَنَّ العَالَمَ سَيَخْضَعُ لَهُمْ، وَ يَنْسَوْنَ أَنَّ سُنَّةَ التَّارِيخِ لَا تُبْقِي مَلِكاً وَ لَا سُلْطَاناً.

هَذَا الجُنُونُ يَدُلُّ عَلَى فَقْدَانِ الإِنسَانِ لِتَوَازُنِهِ العَقْلِيِّ وَ الطَّبِيعِيِّ. فَقَدْ تَغَلَّبَ فِيهِ الغَرِيزِيُّ عَلَى العَاقِلِ، وَ صَارَتِ القِيمُ الإِنسَانِيَّةُ تُسْحَقُ أَمَامَ أَحْلَامِ الكِبْرِيَاءِ وَ العَظَمَةِ المُزَيَّفَةِ. فَكَمْ مِنْ حُرُوبٍ قَامَتْ بِاسْمِ الدِّينِ، وَ هِيَ بَرِيئَةٌ مِنْهُ، وَ كَمْ مِنْ دِمَاءٍ سَالَتْ بِحُجَّةِ الحِفَاظِ عَلَى الأَمْنِ أَوِ الحُرِّيَّةِ، وَ الْحَقِيقَةُ أَنَّهَا لِغَرَضِ السَّيْطَرَةِ وَ النَّهْبِ.

وَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، يَكُونُ الشَّعْبُ البَسِيطُ هُوَ الضَّحِيَّةَ. يُقْتَلُ الأَبْرِيَاءُ، وَ تُهَدَّمُ المَنَازِلُ، وَ تَتَشَرَّدُ العَائِلَاتُ، وَ تَتَفَتَّتُ الأَحْلَامُ كَزُجَاجٍ مَكْسُورٍ تَذْرُوهُ رِيَاحُ الحَسْرَةِ.

وَ لَكِنْ، رُغْمَ ذَلِكَ كُلِّهِ، لَا يَزَالُ البَعْضُ يُمَجِّدُونَ الحَرْبَ وَ يَسْعَوْنَ نَحْوَهَا، كَأَنَّهَا مَسْرَحٌ لِعَرْضِ قُوَّتِهِمْ. أَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ القُوَّةَ الحَقِيقِيَّةَ هِيَ فِي الحِفَاظِ عَلَى السَّلَامِ، وَ صَوْنِ الحَيَاةِ، وَ نَشْرِ المَحَبَّةِ؟

إِنَّ الحَرْبَ تَقْتُلُ رُوحَ السَّلَامِ، وَ تُفْسِدُ الإِنسَانَ مَنْ دَاخِلِهِ. لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَيْنَا كَإِنسَانِيَّةٍ أَنْ نُعِيدَ النَّظَرَ فِي طُرُقِنَا، وَ نُحَارِبَ أَسْبَابَ الجُنُونِ، لَا أَنْ نُغَذِّيهَا. وَ إِلَّا، فَسَنَصِلُ إِلَى يَوْمٍ لَا يَتَبَقَّى فِيهِ إِلَّا الرَّمَادُ.

فَلْنَخْتَرِ السَّلَامَ، قَبْلَ أَنْ يُجْبِرَنَا الجُنُونُ عَلَى رُكُوبِ نَارٍ لَا تُبْقِي وَ لَا تَذَرُ.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 22-06-2025 الساعة 03:17 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:03 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke