Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2013, 04:21 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,029
افتراضي ‏ الثقة بالأخرين بين المحاذير و الضرورة بقلم: فؤاد زاديكه




الثقة بالأخرين بين المحاذير و الضرورة

بقلم: فؤاد زاديكه

يقول (جرودون بايرون) "إنّ الثقة بالنفس هي الاعتقاد في النفس و الركون إليها, و الإيمان بها" و يقول: (كريستوفر فرمورلي) "النجاح الوحيد في الحياة هو أن تحيا حياتك بالطريقة التي تريدها" و الثقة بالنفس هي بالمحصّلة, المقدرة على الاعتماد على الذات انطلاقا من قناعة و إيمان الشخص الواثق من نفسه. و الثقة بالنفس تتعارض بشكل تام مع الشعور بالغرور, الذي سيقود إلى الانطواء على الذات اعتقادا من الشخص المغرور بأن لديه إمكانية العيش دون عون الآخرين أو استشارتهم أو اي تدخّل منهم في شؤونه و حياته.
الثقة هي إيمان, و هي شعور داخلي عميق نابع من دوافع لدى الشخص, تكون تولّدت لديه من تجارب حياتيّة مكتسبة, أو من معارف ثقافية معيّنة, أو من خبرات تبلورت لديه على شكل أفكارٍ ذاتيّة يحاول تطبيقها على نفسه, مؤمناً بقدرته على تحقيق النجاح من دون العودة إلى الآخرين. و الثقة بالنفس عندما تكون لها مرتكزات ثابتة و قويّة لدى الإنسان, فعلى الأغلب سيكون قادراً على الوصول إلى أهدافه و الخطط التي يراها لمستقبله و تطلّعاته الحياتيّة. و الثقة بالنفس ضروريّة جداً لدى الناس, لأنها تخلق لديهم حوافز فاعلة, و تستطيع تلقّي الصدمات و ردود الأفعال الخارجيّة التي قد يتعرّض لها الناس من خلال وجودهم في الحياة و قيامهم بأنشطة و بأفعال و نشاطات, تتطلبها استمراريّة الحياة. لهذا فإن الثقة بالنفس ليست غطرسة و لا تعالياً و لا غروراً. لكن يمكن أن تتحوّل الثقة في النفس إلى غطرسة و غرور و تعالي عندما تزيد عن حدّها و تتجاوز حدود المعقول و المنطق الذي يجب أن تتحلّى به. لهذا نقول من الضروري جدا أن يكون الإنسان ضمن حدود الاعتدال من هذه الناحية فالثقة في النفس و التي هي من الصفات الحسنة قد تصير خلاف ذلك متى تجاوزت معاييرها المنطقيّة.

بعد هذا المدخل إلى معنى الثقة و مفهوم الثقة بالنفس, فإننا سنبحث في موضوعنا الرئيس و الثقة بالآخرين, هل هي صفة حسنة؟ هل هي مقبولة في كل زمان و مكان و مع كلّ الناس؟ هل لها ضرورة و لها محاذير؟ متى يجب الوثوق بالآخرين و منحهم الثقة التي تجعلهم أقرب إلينا و تجعلنا أقرب إليهم؟ ماذا لو خان أحد ما ثقة الآخرين, كيف سيكون ردّ الفعل لدى الشخص المخدوع؟ و أمور أخرى كثيرة سنقوم بالتطرّق إليها لأنّ موضوع الثقة بالآخرين ليس موضوعاً سهلا كما أنّه ليس أمراً دون أهمية, فالناس في خضم هذه الحياة قد يتعرّضون لمواقف و مشاكل و صعوبات لا يستطيعون لوحدهم تجاوزها أو التغلب عليها, و ربّما عندما يشاركنا شخص ما حِمْلَ بعض همومنا من خلال المواساة و النصيحة و الإرشاد و التوجيه و الدعم, فقد يخفّف عنّا قليلاً و قد يقدّم لنا مساعدة كبيرة, و على اقلّ الأمور فإننا عندما نثق بأحد من الناس فنحكي له عن بعض خصوصياتنا أو مشاكلنا أو عن مواقف صعبة نمرّ بها كحزن أو مرض أو مشاكل عائلية أو مشاكل في العمل أو مشاكل مع بعض الناس الخ... بمجرد أن نشرح لمن نثق به بعض ما نعيشه, فإن هذا يدخل إلى نفوسنا الراحة و يخفّف عنّا وطأة المعاناة, لهذا فمن الواجب قدر الإمكان و من الضروري جدّاً أن نتمكّن من اختيار أصدقائنا اختيارا موفقاً بعد تجربة و دراسة و معرفة, إذا ليس من المعقول أن يقوم أحدنا بالتحدّث عن خصوصياته أو أموره الشخصية مع شخص ما لا يعرفه جيدا و لا يشعر بالأمان من خلال ذلك.

هناك في الحقيقة موقف يؤثر كثيرا على انتقاء الأصدقاء, ألا و هو عدم التمكّن من الخروج من دائرة الحذر الدائم و الشكوك التي تراودنا, إنْ بقينا على حالة الشك هذه و الخوف من الناس و الحذر من الجميع فلن نجد الفرصة التي يمكن أن تخلق بيننا و بين الآخرين أية صداقات أو علاقات اجتماعية من أيّ نوع كان. علينا ألاّ نحكم على الناس بسرعة و ألاّ نتّهمهم و ندينهم من أول خطأ يقعون فيه, فليس أحدٌ منّا معصوماً عن الخطأ. علينا أن نمنح الفرصة دائما لنكسب الصديق و من المؤكد بأن الصديق الوفي كنز ثمين يصعب العثور عليه, خاصة في زمن كهذا الذي نعيشه. و بالمقابل فإن من السّهل جدا خسارة الصديق و هذا أمرٌ محزنٌ للغاية. متى أخطأ صديقنا لمرة و مرتين و أكثر, فعلينا أن نسامحه و نغفر له و نسعى إلى خلق مبرّرات لأخطائه, لا أن نسعى عن ترويج التهم و لصق الصفات غير الدقيقة به, ممّا سيولّد لديه امتعاضاً و خيبة أمل و ضياع لكلّ الثقة التي كان ذات يوم أميناً عليها. كما علينا أن نضعَ نفسنا مكانَه, لنشعر بما يمكن أن يشعر به من مرارة و حزن و ألم.

الثقة بالآخر لا تولد مع الناس, بل يتمّ اكتسابها من خلال الممارسة و تفاعل الحياة الاجتماعيّة و بالعلاقات التي نقيمها مع الناس و المجتمع. علينا دائما أن نعي حقيقة أن كلّ شخص منّا هو عبارة عن كائن بشري عاقل له خصوصيات تختلف عنّا بكلّ تأكيد, لهذا لا يجوز أن يكونوا بنظرنا دائما كما نريدهم نحن, فهم سيتصرّفون كما يفهمون و كما يفكّرون حسب قناعاتهم و إيمانهم بما يتصرفون به من سلويات.

الخوف من الآخر و عدم الاطمئنان غليه هو من أكثر الصعوبات التي تعترض قيام علاقات إنسانية و اجتماعية بين الناس, لكي تكسب الناس عليك أن تشعرهم بأنك تحبهم و تثق بهم و مستعد لأن تضحي من أجلهم متى تطلّبت الضرورة ذلك, لا أن تجعلهم باستمرار تحت قذائف نقدك و تهكمك و تهجّمك و التشكيك بهم و التلميح لهم بأنهم في غير موضع ثقة منك بهم.

عندما تقوم علاقة صحيحة و سليمة بينك و بين اي إنسان آخر, فعليك أن تسمع له و أن تحترم رايه, و أن تشجّع أفكاره و آراءه و بالمقابل أن تبدي ملاحظاتك التي تعتقد أنها صائبة في توجيه نقد إيجابي له عن بعض الذي تعتقد أنه غير سوي فيه أو غير حميد, فربّما يكون الذي تنتقده أنت هو من وجهة نظره صحيحا, و من خلال تفاعل الأفكار و تبادل الآراء و وجهات النظر باحترام متبادل و بانفتاح و بمحبة بمقدار ما يكسب كلّ طرف ودّ الطرف الآخر و يسهّل عملية تسليم الأمانة و التي هي الثقة بالآخرين.

بالتأكيد لسوف تسبق عملية أو تصرف منح الثقة للآخرين, صداقة أو علاقة أو تقارب لوقت من الزمن قد يطول و قد يقصر و هذا منوط بشخص كل من الطرفين و بالأفكار و بالمواقف و بالسلوكية و بالتربية و بالثقافة و بغيرها من أمور كثيرة ستلعب دوراً مهمّاً في منح هذه الثقة أو في عدم منحها. لا يجب أن تكون الثقة بالآخرين ثقة مفرطة لا حدود لها, لأن كلّ أمور الحياة متى مالت نحو اليمين المطلق أو اليسار المطلق فإنها تدخل ضمن دائرة التطرّف و التعصّب و الانزلاق إلى مرحلة الانفلات, أي مرحلة تتجاوز جميع الخطوط الحمراء أو ما هو متعارفٌ عليه. يجب أن تكون الثقة معتدلة و يمكن أن تكون ثقة كبيرة لكن لا ثقة مطلقة فلا مطلق في الحياة. بل يجب أن تكون بنسبيّة معقولة و محبوبة و غير محرجة, كي لا يفلت زمامُ أمورها من يدنا, فتصعب السيطرة عليها.

قد يسأل سائل كيف لي أن أعرف أنّ هذا الشخص يمكن أن يكون موضع ثقة لي لأئتمنه على أسراري و على خصوصياتي و أمور حياتي؟ لمّحت قبل قليل إلى أن أية علاقة يمكن ان تقوم بين شخصين فسوف تكون هناك دواعي لها, أي أن الطرفين لهما رغبة بذلك, لهذا فالحوار و النقاش الذي سيجري بين هذين الشخصين فهو سيكون الباب الذي سيلج الإثنان منه معاً إلى بيت الأمن و الأمان, بيت الثقة بالنفس. عندما يلاحظ أحد الطرفين بأن الشخص الآخر غير جادّ بالاستماع إليه, و غير مهتمّ بما يطرحه من أفكار و من وجهات نظر و هو لهذا لا يبدي استعدادا لأن يناقش معه حول فكرته أو ما يطرحه, فأن هذا لدليل منطقي و صريح بأن هذا الشخص ليس أهلا للثقة التي يمكن أن تمنح له, و هنا يلعب ذكاء الشخص و خبرته و وعيه و تجاربه السابقة دوراً في كشف هذا الأمر, لهذا فهو لن يتسرّع في اتّخاذ قرار يندم عليه لاحقاً.

الصداقة علاقة إنسانيّة هامّة و ضرورية بين البشر, و حين يختار شخص ما صديقا له من بين مئات الشخاص فمن المؤكد أنه يكون رأى فيه صفات متقاربة بينهما و افكارا مشتركة و هموما متشابهة اي سيجد قواسم مشتركة كثيرة بينه و بين الآخر, و حين تتوطّد هذه الصداقة و تتعمّق أسسها فإن الثقة بالآخر سوف تخلق ذاتها من خلال الممارسة و الفعل على ارض الواقع, فالثقة بالآخرين ليست عقد شراكة بل هو علاقة لا يكتب القلم حروفها و يدبّج موادها, بل القلب الصادق و المحبّ و النفس الأمينة الخائفة على صديقها من ايّ سوء أو مخاطر, و هنا ستكون الممارسة الحقيقية هي الدليل و البرهان و الإثبات لنشوء و تنمية مثل هذه الثقة بين الطرفين. قد تكون أخطاء الماضي التي عشناها و مرّت بنا هي الأخرى واحدة من هذه التجارب التي تمّ اكتسابنا لها و من خلالها نستطيع الحكم على الآخرين في محاولة لتجنّب ما يمكن أن يدخلنا في متاهات الخديعة و الغشّ و الشّعور بالندم.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:17 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke