Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
هل ليس من تغيير يكونُ إلاّ بنزف الدم؟ بقلم: فؤاد زاديكه
هل ليس من تغيير يكونُ إلاّ بنزف الدم؟ لم تتعلّم الأنظمة العربية و الإسلامية و لا شعوبُها - التي سيخرج منها ذات يوم حاكم منها على غرار جميع الحكام – مبدأ الديمقراطية و مفهوم تبادل السلطة بالطرق السلمية و المتعارف عليها من الرجوع إلى الانتخاب الحر و ما تفرزه صناديق الاقتراع, إلاّ أنّ هذه الأخيرة و هي الأخرى تضيع بين متاهات التزوير و التلاعب و اللجوء إلى الطرق الملتوية و غير القانونية من أجل الحصول على الأغلبية. و إلى أن تبقى هذه الأنظمة و هؤلاء الحكام المستبدون على ما هم عليه من فكر تسلطي ترهيبي غير إنساني و غير أخلاقي فإن أي تغيير في هذه المجتمعات لن يتم إلاّ عن طريق ممارسة العنف و تقديم الضحايا و خراب البلد و الاقتصاد. كم كنا نتمنى لو أنّ التغيير يحصل في هذه البلدان و الدول دون أن تُراق الدماء و تُستنزف طاقات البلد و بدون أنْ تنقسك هذه المجتمعات إلى إمارات و دويلات فئوية – طائفية – قوميّة – مذهبية – دينية. إلى متى سيبقى الحال في هذه الدول على ما هو عليه ببقاء هذه المفاهيم غير العادلة و هي السائدة اليوم؟ لماذا يجب تخريب البلد و تهجير الناس و قتل البشر كي يتحقق أي تغيير منشود؟ أعتقد بأنّ التغيير الأول و الأساس و الضروري و الواجب هو ما يجب أن يحصل في فكر و قلب و ضمير و نفس كلّ إنسان منّا قبل أن يسعى هو إلى تحقيق هذا التغيير. منها تغيير نظرتنا للحياة و للآخر. احترام آراء الغير و أفكارهم و عقائدم حتى و لو اختلفنا معهم. عدم اللجوء إلى القوة أو العنف في ابسط أمور الحياة بدءًا من الأسرة و انتهاءًا بالمجتمع كدولة. نحتاج إلى تغيير القيم و المفاهيم و الأفكار السائدة في هذه المجتمعات مما يجعلها قادرة على تحقيق التغيير بروح الانفتاح و التعقّل من منطلق حرية الناس و كرامتهم و مصلحة الوطن العليا, علينا أن نبتعد عن فكرة التخوين و الاتهامات و التكفير و أن نتعلّم المصالحة مع الذات قبل النحو لفكرة التصالح مع الآخر. المجتمعات وحدة متكاملة متناغمة و منسجمة و متى حصل أي خلل في هذا التناغم المطلوب فإنّ نشازاً غير مقبول و لا مرغوب سوف يعكّر صفو هذه المجتمعات ككل ممّا سينعكس سلباً على الجميع بدون استثناء. لا خصوصية مع مصلحة الوطن و لا أولوية إلاّ لرغبة الشعوب و حريتها و كرامتها و إنْ لم تكن هي حرة و كريمة فلن تستطيع الإسهام و لا المساهمة في مشروع الحياة كعضو في المجتمع الإنساني الواسع و الذي يضمّ الجميع. نرغب في تحقيق التغيير بدون إراقة دماء, من منطلق إنساني و هو مبدأ حق و عدل و إنصاف, و هذا ما يجب أن تتعلمه الشعوب و الأنظمة العربية و حكامها المستبدون فقد يكون اليوم أحدنا ثورياً راغباً في التغيير و لدى جلوسه على كرسيّ الحكم و السلطة و القوة ينتابه شعور العظمة و تموت لديه كل القيم الإنسانية التي ناضل من أجلها فيصير هو الآخر مثل غيره ممّن أغرموا بنفوذ الكرسيّ و بعظمة القوة و بوهج السلطة, فكفى دماءاً و تهجيراً و قتلاً و خراباً و نفاقاً سياسياً و دينياً و قوميّا و مذهبيّا أيّها العرب و المسلمون. أنظروا إلى الشعوب المتحضرة و تعلّموا منها, لقد فاتكم الكثير من الدروس لكن إن تعلّمتم اليوم شيئاً فخيرٌ لكم مِنْ ألاّ تتعلّموا أيّ شيء و ما الرغبة إلاّ بالنيّات و ما التحقيق إلاّ بالإرادة و ما المفيد في هذا المجال سوى العقل و التحضّر و الإنسانية و الحق و العدالة كمبادئ سامية خالدة لكلّ البشر و المجتمعات, مبتعدين عن الأنانية و عن الذاتيّة الضيّقة و عن الأفكار و المفاهيم المتشنّجة و غير السويّة فهي التي تخرّب الأفكار و النفوس و من ثم البلدان و المجتعات و تُفسد الحضارات. و السؤال الكبير الذي يبقى مطروحاً أمام هذه الشعوب و الأنظمة و الحكام هو: هل من الضروريّ أن يستمرّ نزف الدم و الوطن و زهق الأرواح في كلّ محاولة للتغيير؟ أليس من سبيل آخر غير هذا؟ ألا توجد شعوب في هذا العالم تقوم بالتغيير المطلوب على نحو سلس و عادل و إنساني دون أن تُذْرَفَ قطرةُ دم واحدة من أيّ إنسان؟ أم هل أمامنا مشوار طويل من أجل الوصول إلى هذا الهدف النبيل؟ ثم بعد كلّ هذا أيحقّ لنا أن نفخرَ بأيّ شيء غير الجهل و التخلف و النفاق و البهرجة الكلامية المنمّقة و اجترار الأحلام و الأوهام من قمقم رؤوس فارغة تعيش في نشوة الماضي المريض و نحن على ما نحن عليه من بؤس و فقر و تخلّف و جهلٍ و عداوات و تناحر و تآمر و خيانات و كذب و نفاق و دجل سياسي و ديني و قومي و طائفي و مذهبي؟ |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|